صباحات
رسالة الميلاد ليست في طقوس الاحتفال الجميلة وما أحلاها، ولا في التراتيل الإيمانية وما أجملها، إنها أيضاً وقبل أي شيء رسالة الأم التي ترتضي قدر ابنها الوحيد الفادي بنفسه خلاص أمّته والبشرية وتتقبّل ما سيلحقها من ملاحقة بعيون الناس باتهامها بأبشع ما تتهم به امرأة بشرفها حتى ينطق الرضيع عيسى يدافع عن أمه مريم البتول… ورسالة الميلاد هي رسالة الجار والصديق وابن البلد الذي يتحمّل المسؤولية ويدفع الأثمان ليحمي الأم ووليدها طالما تبين له الحق من الباطل، فقد صار مسؤولاً ولو كانت الكلفة حياته وأخطاراً لا تقدر البشر على حملها… والرسالة هي رسالة الإبن الذي على أكتافه نهضت مسؤولية الخلاص ليلاحق تجار الهيكل ويبشر بالحق ولو وحيداً ولو خانه بعض ممن ائتمنهم، ولو رفعوه إلى الصليب، فإيمانه الراسخ لا يتزعزع مهما عظم المصاب وأسودت الصورة بعيون الرفاق والأصحاب والمريدين، وهو دليلهم وبرهانهم على الخلاص الأكيد بثباته وصعوده وفصحه حتى يتطابق الحق والحقيقة، فتصير الحكاية المروية مكتملة… هذا هو تكليف الميلاد لكل أم… لكل جار وصديق وابن بلد.. ولكل إبن بار ببلده وقضيته وقضية الإنسان… انتصر المسيح عليه السلام بالخلود قبل أن ينتصر في ساحة الهيكل… وها هو روح تقاتل في فلسطين وسورية والعراق واليمن مع المعذّبين حتى يخرج من بينهم الف يوسف والف مريم وينكشف زيف الف يوضاس والف يهودا…. ويطابق الحق الحقيقة… الميلاد هو طفل الحجارة، كما هو طفل المغارة.