الوحدة الفلسطينية طريقنا إلى الثورة والنصر
حسين حمّود
يسود مخيم عين الحلوة توترٌ مكتومٌ مغايرٌ للتوترات السابقة، إذ الأمر يتعلق بـ «حركة فتح» فقط، وهو قد يجعلها في مواجهة نفسها، إن لم تفلح المساعي في تداركه خلال الساعات القليلة المقبلة.
مردّ التوتر هو عزم نائب قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان العقيد منير المقدح إقامة عرض عسكري للقوة الموالية له في «فتح» في مخيم عين الحلوة غداً الأحد في الذكرى الثانية والخمسين لانطلاقة الحركة، وسط استياء قيادات فتحاوية من تفرّد المقدح بهذه الخطوة. في حين أعلن «التيار الإصلاحي الديمقراطي» في الحركة بقيادة العميد محمود عبد الحميد عيسى «اللينو» إلغاء الاحتفالات في ذكرى الانطلاقة «إجلالاً لتضحيات شعبنا الجسيمة في الوطن والشتات»، داعياً «أبناء حركتنا المجيدة وجماهير شعبنا إلى إحياء الذكرى في ميادين المواجهة مع الاحتلال والمشاركة الفاعلة بإيقاد شعلة «فتح» وبالدعوات كافة لنصرة القدس وقضيتنا الفلسطينية».
لكن حتى الآن، ورغم الاتصالات والاجتماعات بين القيادات الفتحاوية في المخيم وفي سفارة السلطة الفلسطينية في الأيام القليلة الماضية، لثني المقدح عن قراره فإنّ الأخير استمرّ في التحضيرات للعرض، ما استدعى حضور مسؤول الساحة اللبنانية في «فتح» عزّام الأحمد، على عجل لمعالجة الموقف، خصوصاً أنّ احتفالات الحركة في ذكرى انطلاقتها، كانت دائماً تُحدث توترات في المخيمات، وهذا أحد أسباب إعلان «اللينو» إلغاء الاحتفالات هذا العام.
لكن على مستوى المخيمات، تسود مخاوف من استفحال الخلافات الفلسطينية، خصوصاً في الظروف السياسية والأمنية التي تمرّ بها المنطقة عموماً، وداخل المخيمات في لبنان، ولا سيما في عين الحلوة الذي لم يُقفل ملفه الأمني بعد والمفتوح على شتى الاحتمالات والتطورات، بسبب عدم معالجة أسباب المعارك التي شهدها في الآونة الأخيرة، واستمرار وجود الجماعات الإرهابية داخله، وعدم إنجاز ملف المطلوبين للسلطات اللبنانية وعودة ظاهرة إطلاق الرصاص العشوائي في المناسبات والتي كانت الأجهزة الأمنية اللبنانية وقيادات صيداوية وفلسطينية، قد حذّرت من تداعيات استمراره خصوصاً أنه يتسبّب بأضرار جسدية ومادية لأبناء المخيم.
وفي السياق، يشعر أهالي المخيم بالقلق، من أيّ صدام جديد قد يندلع في هذه الفترة، من خلال استغلال التباين الفتحاوي حول جملة أمور، أكثرها تنظيمي داخل الحركة. إذ سيشكّل ذلك ممراً لتسلل الجماعات الإرهابية إلى الساحة الفلسطينية وافتعال إشكالات تهدف إلى السيطرة على المخيم، من جهة، ومن جهة أخرى سينعكس أي صدام عسكري أو سياسي في عين الحلوة، سلباً على النضال الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة وانتفاضتها الحالية ضد الاحتلال الصهيوني والتي فجّرها قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعلان القدس عاصمة لكيان العدو الصهيوني ونقل سفارة بلاده إليها.
كما أنّ هذا الصدام، سيكون له تدعيات أيضاً على الزخم المتصاعد والفعّال، للحراك اللبناني – الفلسطيني في مواجهة القرار الأميركي وإعادة توجيه بوصلة النضال مجدداً إلى فلسطين المحتلة. وهذه أبرز وأهم نتيجة للحراك، بعد أن كانت في مؤخرة الاهتمام خلال السنوات القليلة الماضية بفعل المؤامرات الأميركية – «الإسرائيلية» وبدعم بعض دول الخليج ضد الأمة، والتي كان هذا أهم أهداف تلك المؤامرات.
لذا، الوحدة الفلسطينية هي الاستحقاق الأهم المنتظَر الآن، وفي كل وقت، لأنه العامل الأساسي، في كسر القرار الأميركي، أولاً وتفعيل الانتفاضة وصولاً إلى الثورة الشاملة ضد العدو الغاصب ومَن هو وراءَه، ومهما كان.