خلايا إيرانية في فلسطين.. هل هي تهمة جديدة؟
روزانا رمّال
يؤكد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أنه اجتمع بقيادات فلسطينية واتفقوا على التنسيق الدائم باعتباره مبدأ في كل الساحات بكل ما يتعلق بمتابعة التطورات بالأراضي المحتلة بعد الإعلان الأخير لترامب بتهويد القدس… كلام واضح عبّر عنه نصرالله أمس في مقابلة تلفزيونية.
على وقع التظاهرات المستجدّة في إيران يسارع رئيس وزراء الاحتلال بن يمين نتنياهو للإعلان عن إنجاز أمني «إسرائيلي» كما أسماه، مفاده أن جهاز أمن «إسرائيل» فكّك خلية مسلّحة فلسطينية في الضفة الغربية عملت لمصلحة الاستخبارات الإيرانية وتمّ تجنيدها في جنوب أفريقيا. نتنياهو استند لأجهزة الأمن «الإسرائيلي» «الشاباك» و»شين بيت»، عبر بيانات صدرت ووضعت بين أيدي الرأي العام «الإسرائيلي» عن «أن 3 فلسطينيين من الضفة الغربية يواجهون اتهامات بالتجسّس والإرهاب بعد اعترافهم بتولّي مهمات حدّدتها لهم إيران، بما في ذلك التحضير لتنفيذ تفجيرات انتحارية وجلب منفّذيها وإعطائهم شرائح هواتف محمولة «إسرائيلية». وأضاف «الشاباك» في بيانه: «الخلية جُنّدت من قبل عنصر فلسطيني يعمل لمصلحة الاستخبارات الإيرانية ويقطن في جنوب أفريقيا».
يحرص نتنياهو على الكشف عن نيات إيرانية تخريبية، حسب وصف وسائل الاعلام «الإسرائيلية»، بما يمكنه من استغلال أي تطور داخلي في المدن الإيرانية والتي تعتبر تطوّراً خطيراً في هذه الظروف ذا أبعاد محلية باستغلال خارجي، مما يجعل الكشف عن هذه الخلية بهذا التوقيت تذاكياً «إسرائيلياً»، يهدف لتبرير أي تقدم نحو التدخل بالأجواء التي تعيشها إيران وباستغلال التظاهرات عبر حلفائه أو مباشرة. وبكل الاحوال الحديث عن استغلال الخارج لما يجري صار أكيداً مع العلم أن التظاهرات المعيشية هذه، حسب امين عام حزب الله هي تحت السيطرة وأقل بوقعها مما سبق خصوصاً عام 2009.
يعرف نتنياهو أن «إسرائيل» تعيش هاجس الشبكات والخلايا الإيرانية، لكنه يعرف ايضاً أنها موجودة عبر حلفاء إيران داخل الأراضي المحتلة أكان لجهة حركات المقاومة الفلسطينية على اختلافها أو حتى لجهة وجود استخباري لحزب الله، فهل وجود خلايا إيرانية على الأرض المحتلة تهمة؟ أم هي تبرير لحملة تصعيد دولية ضد إيران يبدو الحديث عن استغلال الاحتجاجات فيها بيت القصيد؟
استغلال «إسرائيل» للتظاهرات في سورية بحجة أن سورية ترسل سلاحاً عبر أراضيها لحزب الله شرعن لـ«إسرائيل» أمام الرأي العام الصهيوني الدولي التدخّل المباشر والقصف ودعم المسلحين والإرهابيين. ومسألة الكشف عن خلايا إيرانية تهدف لعمليات «انتحارية»، كما قال تقرير الشاباك. وهي عمليات غير محبّذة دائماً ولها أصولها وظروفها وتسمى «فدائية» عند محور المقاومة محاولة إلى حد بعيد لشرعنة أي استهداف أميركي أو خليجي مباشر للنظام الإيراني أو للاستقرار الإيراني بأقل تقدير عبر لفت الأنظار الى أخطار هذا النظام على «إسرائيل» وعلى نياته التي ستتصاعد تجاه السلطات «الإسرائيلية» بعد قرار ترامب. وإذا كانت إيران تنوي، بحسب الجنرال قاسم سليماني قائد الحرس الثوري مساعدة ودعم الانتفاضة الفلسطينية بوجه القرار الأميركي، فإن على واشنطن الاستعانة بذرائع من نوع تهديد الأمن «الإسرائيلي» وأمن حلفائها لكي تتدخّل في تسعير الأوضاع.
المشكلة أن القراءة الأميركية للتظاهرات الحاصلة تعتبر سقطة جديدة كتلك التي جرت في أزمة الحريري بحيث أعطت واشنطن الضوء الأخضر للرياض ولا تزال تعطيها إياه من دون دراية كافية بالأوضاع والظروف المحيطة فتفشل فشلاً ذريعاً. وهي على موعد معه، بما يتعلق بالاحتجاجات الإيرانية التي تبدو أنها بدأت بالتراجع قبل نضوج المشروع الأميركي «الإسرائيلي» – السعودي.
ليس جديداً أن تدعم إيران حركات المقاومة الفلسطينية. واللافت إعلان الخبر على أساس أنه تهمة جديدة يجب لفت نظر العالم إليها، في وقت قال أمين عام حزب الله السيد حس نصرالله إن الحزب لن يتردّد في اغتنام أي فرصة لتقديم الدعم والسلاح للمقاومة في فلسطين. وهذا الدعم واجب وليس ردّ فعل، حسب قوله. إضافة الى إعادة تأكيده أن الحزب سيدخل الأراضي المحتلة وتحديداً الجليل.
تضع «إسرائيل» الإصبع على الجرح وتثبت بمكان ما نجاح الاستخبارات الإيرانية باختراق أمنها، بغض النظر عن صحة الشبكة التي تتحدث عنها، خصوصاً لارتباطها بأفريقيا. ومعروف أن أفريقيا هي المساحة التي تعمل على غزوها «إسرائيل» لأسباب وأهداف عسكرية وأمنية واقتصادية.
حركات القتال المسلّح الممتدة على كافة الأرض المحتلة وخارجها تعمل في تنسيق دائم. وهو ما أكده نصرالله حتى لدى حديثه عن حركة فتح وانضمامها للانتفاضة في أي لحظة تعلن فيها مرحلة تصعيد محورية من هذا النوع. وبالتالي فإن حلفاء إيران من لبنانيين وفلسطينيين وغيرهم موجودون أصلاً على شكل خلايا ومجموعات وفصائل وقوى تستنفر فوراً لدى الإعلان عن أي نية لمواجهة الاحتلال.
في المحصّلة يظهر جلياً اليوم أن إعلان القدس عاصمة لـ«إسرائيل» يرتّب على الأميركيين المزيد من الجهد لحفظ أمنها، وبدلاً من أن تضمن وجودها لعقود طويلة، ها هو القلق «الإسرائيلي» وهاجس اكتشاف الشبكات الإيرانية والعمل لمواجهة إيران دليل قاطع على مرحلة هامة من القلق الذي دخل فيه الكيان العبري.