ماذا تعرف عن «بيزنس» كوشنير العميق مع «إسرائيل»؟

عبد الرحمن النجار

قال جيسي دروكر في تقرير له في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إنّه بوصفه المكلّف في ملف عملية السلام في الشرق الأوسط، رافق جاريد كوشنير زوج ابنة ترامب الرئيس الأميركي في أولى رحلاته إلى «إسرائيل» في منتصف عام 2017.

وأوضح دروكر أنّ شركة استثمارات «إسرائيلية» قدّمت تمويلاً قدره 30 مليون دولار إلى كوشنير قبل الزيارة، وفقاً لأحد المديرين التنفيذيين في الشركة. ويؤكّد دروكر أنّ الصفقة السريّة أنعشت «مجمع ماريلاند السكني» الذي تديره شركة «كوشنير». ولضمان عدم استغلال النفوذ، باع كوشنير جزءً من شركته بعد أنّ أصبح مستشاراً لترامب، لكنّه يحتفظ بمعظم ممتلكاته العائلية.

وينظر إلى هذه الصفقة على أنّها أحدث حلقة في التعاون التجاري بين «كوشنير» و«إسرائيل»، وكانت أشهرها صلاته ببنك «إسرائيلي» يخضع لتحقيق جنائي في الولايات المتحدة.

ويشدّد دروكر على أنّه لا يبدو أنّ المعاملات التجارية تنتهك قوانين الأخلاقيات الإتحادية التي تحظّر على كوشنير أنّ يشارك في القرارات الحكومية التي سيكون لها أثر مباشر على مصالحه المالية.

لكن الصفقة الأخيرة توضح ازدهار العلاقات المالية بين شركات كوشنير و«إسرائيل»، حتى مع دوره الدبلوماسي البارز في الشرق الأوسط. وقد يقوض هذا قدرة الولايات المتحدة على أنّ تكون وسيطاً محايداً في المنطقة. وكان ترامب قد أشعل أزمة عندما اعترف الشهر الماضي بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل» وقرّر نقل سفارة بلاده إليها.

تعليقاً على ذلك يضيف دروكر قال ماثيو ت. ساندرسون المحامي المتخصّص في أخلاقيات الحكومة وكان مستشاراً لحملة راند بول الرئاسية: «أعتقد أنّ من حقنا التساؤل عمّا إذا كانت مصالحه التجارية تؤثر بطريقة أو بأخرى على قراراته».

بينما أكّدت إدارة ترامب أنّ لديها «ثقة هائلة في العمل الذي يقوم به جاريد في قيادة جهود السلام، وأنّه يأخذ قواعد الأخلاق على محمل الجدّ ولن يعرّض نفسه أو الإدارة إلى الشبهات».

ونفت كريستين تايلور، المتحدثة باسم شركات كوشنير، أنّ يكون نشاط الشركة مع شركاء في جميع أنحاء العالم يتداخل مع سيادة الحكومات الأجنبية، وليس هناك ما يمنعها من التعامل مع أي شركة أجنبية لمجرّد أنّ جاريد يعمل في الحكومة».

من جهته، أكّد المدير التنفيذي للشركة «الإسرائيلية» أنّ الشركة قامت بالعديد من الصفقات في الولايات المتحدة. وقال إنّه لم يلتق قطّ بكوشنير، وأثناء التفاوض على الصفقة مع شركات كوشنير، كان يتعامل مع لوران مورالي، مدير «كوشنير». وأضاف الرجل أنّ الصفقة لم تُنجز بسبب ما يسمّى نفوذ جاريد كوشنير أو دونالد ترامب».

استقال كوشنير من منصب الرئيس التنفيذي لشركات «كوشنير» عندما انضم إلى البيت الأبيض يشير دروكر. لكنه لا يزال المستفيد من تملك حصص في ممتلكات عائلة كوشنير وغيرها من الإستثمارات. وتقدّر قيمة هذه المبالغ بما يصل إلى 761 مليون دولار، وفقاً لسجلات التعاملات الأخلاقية الحكومية.

كانت منطقة بالتيمور موضوع مقال نشره مراسل «بروبوبليكا» في مجلة «نيويورك تايمز» في العام الماضي، الذي وثّق الظروف المعيشية الفقيرة والتكتيكات العدوانية التي تستخدمها شركات «كوشنير» ضدّ محدودي الدخل وقيامها بقطع خدمات التدفئة والماء الساخن. لكن البيت الأبيض أكّد أنّ كوشنير يتعاون مع مستشاريه لضمان أنّ ينأى بنفسه عن أي نشاط مع أطراف محدّدة لها علاقات تجارية خاصة معه».

وشدّد البيت الأبيض على أنّ كوشنير باع حصصاً في ممتلكات من شأنها أنّ تمثل تضارباً في المصالح. على سبيل المثال يقول دروكر باع كوشنير حصته في مقرّ الشركة في مانهاتن، التي تسعى لجذب مستثمرين جدد من جميع أنحاء العالم. لكن ليس من الواضح لماذا لم يطبّق كوشنير المبدأ نفسه في ميريلاند التي تلقّت تمويلاً من الشركة «الإسرائيلية».

ذكرت آبي د. لويل، وهي محامية لدى كوشنير، في بيان: «لم يشارك جاريد كوشنير في أنشطة أو يتحدث عن أي نشاط أو مشروع لشركات «كوشنير»، منذ أداء القسم. إنّه يمتثل بشكل كامل لاتفاق الأخلاقيات. وإنَّ ربط أي من رحلاته إلى الشرق الأوسط بأي شيء يتعلّق في شركات «كوشنير» أو أعمالها هو أمر لا معنى له وهو امتداد للتلفيق الإعلامي».

تعليقاً على ذلك، صرّح ساندرسون، المحامي المتخصّص في أخلاقيات الحكومة، لمعدّ التقرير بالقول «يبدو أن معيارهم هو أنّه أنا من يحدد متى يكون هناك تضارب في المصالح».

بينما قال روبرت فايسمان، رئيس رابطة المواطنة العامة، وهي منظمة غير ربحية تابعة للحكومة: «مشكلة قوانين الأخلاقيات هي أن من صاغها لم يتوقّع وصول دونالد ترامب أو جاريد كوشنير للحكم. لم يتصوّر أحد هذا الحجم من المصالح التجارية الجارية، والأمر لا يتعلّق بتجارة بسيطة ولكن بشركات عالمية تعطي الرئيس ومستشاره الرئيسيين منافع شخصية بشكل صادم».

لدى كوشنير علاقات تجارية واسعة مع «إسرائيل» يواصل دروكر كلامه فقد ذكرت صحيفة «التايمز» أنّ عائلة كوشنير تعاونت مع عائلة ستاينميتز الغنية في «إسرائيل» من أجل شراء مجموعة من المباني السكنيّة في مانهاتن بما يقارب 200 مليون دولار، فضلاً عن بناء برج فاخر في نيو جيرسي.

وعضو الأسرة الأكثر شهرة، بيني شتاينميتز، هو موضع تحقيق تجريه وزارة العدل الأميركية حول دفعه رشاوى.

كما أخذت شركة «كوشنير» أربعة قروض على الأقل من أكبر بنك في «إسرائيل»، بنك «هابواليم»، وهو موضوع تحقيق أجرته وزارة العدل حول مزاعم بأن البنك ساعد أثرياء أميركيين على التهرّب من الضرائب. واشترت الشركة طوابق عدّة في مبنى مقرّ نيويورك تايمز السابق في مانهاتن من رجل الأعمال «الإسرائيلي» ليف ليفيف.

تتبرع عائلة كوشنير بالمال لبناء المستوطنات في الضفة الغربية.

وكانت علاقة السيد كوشنير مع «الإسرائيليين» جزءً من التحقيق الذي أجراه المحامي الخاص روبرت س. مولر عن التدخّل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016.

كانت علاقة إدارة ترامب بالروس قد تفجّرت عقب الكشف عن تواصل بين سفير روسيا في واشنطن مع مستشار الأمن السابق في إدارة ترامب مايكل فلين، وذلك لحثِّ روسيا على عدم التصويت على قرار في مجلس الأمن يدين قيام «إسرائيل» ببناء المستوطنات.

يؤكّد دروكر أنّ التحقيقات أشارت إلى أنّ جاريد كوشنير هو من طلب من فلين التواصل مع الروس، وفقاً لمحامي السيد ترامب.

«نيوزويك»: جاريد كوشنير.. كيف يسعى إلى إشعال الشرق الأوسط بدلاً من إحلال السلام؟

وقال ريتشارد و. بينتر، الذي كان محامي البيت الأبيض في عهد الرئيس جورج دبليو. بوش وهو أستاذ في كلية الحقوق بجامعة مينيسوتا: «هناك الكثير من الناس يزعمون أنّ الولايات المتحدة لم تعد وسيطاً نزيهاً في الشرق الأوسط، ونظراً لمواقف إدارة ترامب، ستتأكّد تلك المزاعم.

وأضاف أنّ الولايات المتحدة ترسل الآن مبعوثاً خاصاً عُرف بوجهات النظر المتشدّدة. ويحصل على المال من المواطنين الأثرياء والشركات في «إسرائيل». وهذا سيمنح أعداء الولايات المتحدة فرصة النيل منها.

«ساسة بوست»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى