رسالة «إسرائيلية» لـ «حماس» من لبنان.. ما علاقة التنسيق مع حزب الله؟
روزانا رمّال
كشف مصدر متابع لـ«البناء» أن انفجار أمس في صيدا والذي استهدف كادراً في حركة حماس من سكان حي البستان هو انفجار يأتي في ضوء تحسّن العلاقة الكبير بين حماس وحزب الله في الفترة الأخيرة ولقاءات جمعت بين أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بقيادات فلسطينية رفيعة لمناقشة الوضع في الأراضي المحتلة وكافة الاحتمالات الممكنة في حال تدهور الأوضاع أكثر بعد تعزيزها بإعلان ترامب الأخير القدس عاصمة لـ«إسرائيل». وهو الأمر الذي يشكل «إزعاجاً» كبيراً لـ«إسرائيل» القلقة من مغبة التنسيق بين حركات المقاومة لجهة إشعال الجبهة الداخلية في الأراضي المحتلة. ويتابع المصدر «من دون شك في أن الانفجار هو رسالة «إسرائيلية» قوية تؤكد على تتبع حركة المسؤولين الفلسطينيين على الأراضي اللبنانية وعلاقاتهم مع الأحزاب اللبنانية كافة، لكن الأهم هو مستوى القلق الذي شكّله إعلان قياديين من حماس عن العلاقة الجيدة مع إيران بشكل علني وإعراب قياديين فيها عن ترحيبهم بأي دعم جاء من الجهة الإيرانية في حال وقوع انتفاضة مسلحة باعتبارها جزءاً من «الأمة» الاسلامية حسب قيادي رفيع في حماس»، ويختم المصدر «وحدها إسرائيل قادرة على تحريك مجموعاتها في منطقة صيدا حيث مخيم عين الحلوة الذي يحوي الكثير من العناصر التجسسية والإرهابية القادرة على وضع القيادات الفلسطينية تحت المجهر في هذه الظروف، لذلك الحذر واجب في هذه المرحلة».
الرسالة «الإسرائيلية» متعدّدة الاتجاهات. وهي لا تتوانى عن ترك دلائل وإشارات عن تورطها بالعملية أكان بشكل مباشر، كما يؤكد سكان المنطقة بسماع أصوات طائرات تجسس «إسرائيلية» بعد وقوع الانفجار أو بشكل غير مباشر عبر مجموعات إرهابية تنفيذية تحت إمرتها وبالتالي فإن المعركة مفتوحة، كما يريد «الإسرائيليون» القول اليوم وقد باشروا بإرسال أولى الرسائل عبر كادر في حماس لتصل تداعياتها الى أكبر القياديين. فـ»إسرائيل» على ما يبدو مستعدة لنقل المعركة مع الفلسطينيين الى خارج الأراضي المحتلة من دون تردّد.
حركة «حماس» أعلنت من جهتها أن «المؤشرات الأولية تميل إلى وجود أصابع صهيونية خلف العمل الإجرامي»، لافتةً إلى أن « الأجهزة الأمنية اللبنانية تتابع التحقيق في خلفيات وحيثيات التفجير في صيدا». وهذا يعني في الأحوال كافة بدء مرحلة جديدة من تداعيات الأزمة التي خلفها الخيار الأميركي بإعلان تهويد القدس. وإذا كانت الاعتداءات «الإسرائيلية» تريد استدراج حركة حماس الى حرب، فإن الحركة واعية لهذا الأمر. هكذا يقول قيادي بارز في الحركة لـ«البناء». فالحركة تعتبر أن «إسرائيل» ترغب باستدراج الفصائل نحو التصعيد من أجل إيجاد مبرر لشن حرب تريحها من مهمة تحويل الجيش «الإسرائيلي» الى شرطة وقوى أمنية تلاحق الشباب الفلسطيني الثائر والقوى المنتفضة. ويتابع «إن التظاهرات الشعبية والحركات الممتدة على كافة المناطق في فلسطين تربك إسرائيل وتستنزف قواها الأمنية، ولذلك فإن حركة حماس لن تمنحها فرصة الهروب الى حرب شاملة على غزة كأول خيار، وهو متوقع من قبلنا دائماً وكل خطواتنا في المرحلة المقبلة ستكون مدروسة».
وفي الاحوال كافة فإن الانفجار الذي يحمل اصابع «إسرائيلية» هو اعتداء «إسرائيلي» مباشر على السيادة اللبنانية يستوجب الالتفات الى الاستحقاق الأكبر أكثر من أي وقت مضى. وهو متابعة تداعيات قرار ترامب والأوضاع في الأراضي الفلسطينية عن كثب وتوحيد الصف خشية أن تدخل «إسرائيل» بشكل مفاجئ على خط اعتداءات عسكرية مباشرة على لبنان، طالما أنها قرّرت فتح المعركة في الاتجاهات كافة، وهي لم تتوقّف يوماً عن ملاحقة القياديين في حركات المقاومة في لبنان وسورية وقد نفّذت أكثر من عملية اغتيال لقيادات حزب الله على الأرض السورية.
التصعيد الذي يستوجب ردّاً من حركة حماس يضع الكرة في ملعب الحركة التي تدرك جيداً طبيعة العدو وغاياته في هذا التوقيت، لكن الأهم بالنسبة للبنانيين تبقى رفع الجهوزية لشبكات التجسّس «الإسرائيلي»، خصوصاً في أماكن الوجود الفلسطيني والمخيمات التي زرعت فيها «إسرائيل» إرهابيين جنّدوا لخدمتها وخضّ المخيمات في كل فترة. وفي هذا الإطار تبقى لصيدا عاصمة الجنوب خصوصية كبيرة. ولهذا عرف ان قيادات سياسية وأمنية أجرت اتصالات واسعة ولا تزال لمعرفة ملابسات الانفجار الذي هزّ أمنها، خصوصاً أن نقل المعركة إلى أحياء المدينة هو أمر مقلق للغاية وله أبعاد كثيرة قادرة على كسر التوازن الموجود بين القوى التي تتلقى كل فترة خضة أمنية في المخيمات تصل تداعياتها لخارجها بين إطلاق رصاص وملاحقات. وكان للنائب بهية الحريري موقف بهذا الخصوص، معتبرة أن «الانفجار في صيدا أعاد الذاكرة إلى موضوع التفجيرات. وهو استهداف لأمن المدينة ولدينا ثقة بالقوى الأمنية». وتابعت الحريري أن «التواصل قائم منذ اللحظة الاولى واذا اقتضى الأمر سوف نكون حاضرين للبدء بجلسات مفتوحة لمنع النيل من هذه المدينة».
وبالمحصلة ربما تكون الفرصة اليوم أكبر أمام القوى الفلسطينية للمزيد من الوحدة إزاء قدسية القضية مع كل ما يترتب عنها من خضات معروف ان لـ«إسرائيل» اليد الطولى فيها. فمعركة الفلسطينيين أولاً وأخيراً مع عدو وحيد ومعروف. والعيون اليوم أكثر من اي وقت مضى على الشعب الفلسطيني الذي يبدو انه يصعد يوماً بعد الآخر من تحركاته الشعبية ولا شيء يوحي بأن نبض الشباب الفلسطيني سوف يهدأ منذ لحظة الإعلان الأميركي المثير.