برّي في مؤتمر البرلمانات الإسلاميّة في طهران: لتعزيز المقاومة الفلسطينيّة وإلغاء «أوسلو» ومقاطعة إدارة ترامب

كشف رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي عن «إقامة إسرائيل جدار ضمن الحدود اللبنانية»، مشيراً إلى أنّ «قوات «يونيفل» لديها علم بذلك. ودعا إلى «التضامن والتوحّد بين المسلمين لمواجهة كلّ ما تتعرّض له فلسطين والقدس وقضايا الشعوب الإسلامية». وجدّد دعوته إلى «إغلاق السفارات العربية في واشنطن ردّاً على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، داعياً إلى «تعزيز مقاومة الشعب الفلسطيني بكلّ الوسائل، وإلى إلغاء اتفاق أوسلو».

كلام برّي جاء خلال إلقائه كلمة في افتتاح مؤتمر اتحاد برلمانات دول منظمة التعاون الإسلامي في طهران، توجّه في مستهلّها بالتحيّة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، «هذا البلد الصامد الصابر الذي انحاز دائماً إلى فلسطين وشعبها وقضايا شعوبنا والعالم الثالث، وهو الأمر الذي يمثّل التزاماً دينياً وسياسياً وأخلاقياً».

وتقدّم باِسمه و باِسم المجلس النيابي اللبناني بأحرّ التعازي «بضحايا فاجعة ناقلة النفط الإيرانية التي أودت بحياة العشرات من أبناء هذا الشعب العظيم».

وشكر لمجلس الشورى الإسلامي الإيراني استضافته لأعمال هذا المؤتمر البرلماني وحسن استقباله ووفادته، كما شكر للأمانة العامّة واللجنة المنظمة إعدادها الناجح وتقاريرها الوافية عن أعمال اللجنة التنفيذية واللجان وما تحقّق في متابعة تنفيذ قرارات وتوصيات مجلس الاتحاد.

وقال: «سأدخل مباشرة من باب القدس، أتذكّر أنّه وعلى منبر مؤتمر دعم الشعب الفلسطيني الذي انعقد في طهران في 20 – 22 شباط 2017، أنّي حذّرت من اتجاهات الموقف الأميركي لنقل السفارة إلى القدس، ودعوت إلى استعداد عربيّ إسلامي لمواجهة مثل هذه الخطوة إذا وقعت رسمياً، بردّ يتمثّل بإغلاق سفاراتنا في واشنطن، إذ إنّ سفاراتنا أساساً لا تفعل شيئاً سوى تلقّي الإملاءات التي تناسب السياسات والمصالح الأميركية.

تلك الصرخة كانت تستشعر عن بعد أخطار هذه اللحظة السياسية، وجاءت في وقت لا تزال فيه مواقف تراهن على دور الراعي الأميركي لما يسمّى عملية السلام، وتريد مواصلة دفن الرؤوس في الرمال ولا تريد أن ترى الأخطار المترتّبة على تصعيد البناء الاستيطاني «الإسرائيلي» واستكمال تزنير القدس المحتلّة بالأطواق الاستيطانية، واستمرار «إسرائيل» وقطعان المستوطنين في تدنيس حرمة المسجد الأقصى المبارك ومحاولات تقسيم الحرم القدسيّ الشريف مكانياً وزمانياً والرقابة بالكاميرات على أبواب المسجد الحرام والحفريات التي تهدِّد أساس المسجد المبارك، واستمرار عمليات تهويد فلسطين وأسرلة القدس عبر تجريد المواطنين المقدسيّين العرب الفلسطينيّين من أوراقهم الثبوتيّة ومصادرة منازلهم وأملاكهم وحصار قوى عملهم وإنتاجهم».

أضاف: «وأتذكّر أنّه وعلى منبر مؤتمر دعم الانتفاضة الذي انعقد في طهران في 24/4/2001، أنّ المرحوم فيصل الحسيني رئيس «بيت الشرق»، حذّرنا ممّا يقع من تهديدات لتاريخ وجغرافيا ومستقبل القدس، وقدّم جردة حساب لما تحتاجه المدينة كلّ يوم من أجل الحفاظ على طابعها العربي والإسلامي والمسيحي، ولكن هيهات… هيهات من يسمع.

ولكن ها نحن اليوم نواجه نتيجة الاحتلال الممتدّ منذ العام 1967 الذي استكمل احتلال القدس. وصادق الكنيست «الإسرائيلي» فجر الثاني من الشهر الحالي على قانون القدس الموحّدة ولكن «إسرائيلية»، الذي يمنع أيّ حكومة «إسرائيلية» من التفاوض على أيّ جزء من القدس إلّا بعد موافقة غالبيّة شبه مستحيلة. ونحن نستمرّ بالجدل البيزنطي ولنقُل الجدل العربي، حول أيّهما قبل وأيهما بعد وأين تعقد القمّة؟ هنا أم هناك؟»

وتابع: «لقد كنّا نرى ونسمع ونلمس اتجاهات الأمور، وكنّا نكتفي بالخطب وبيانات الإدانة والاستنكار وبإنشاء الصناديق الوهميّة، وبالاعتقاد أنّنا نكسب الوقت فيما نحن نحرقه وتختبئ خلف أصابعنا والاعتقاد بدرء الأخطار عبر إلقاء المسؤوليّات تجاه القدس وتاريخها ومستقبلها على هذه الجهة وذلك النظام، إلى أن حلّ اليوم ويكاد يضيع كلّ شيء، لولا بطولات الشعب الفلسطيني، الشعب المقدسيّ الذي يواجه الاحتلال المدجّج بأحدث الأسلحة وبخبرة عريقة في عمليات القتل والقمع بصدره وقبضات أبنائه العارية، وقد قُتل منذ قرار ترامب الأخير إلى اليوم نحو العشرات وأُصيب أكثر من ألف بجراح واعتقل مئات بينهم نساء وأطفال.

إنّنا إذ يجب أن لا ننكر على شعوبنا تحرّكها التضامني مع الشعب الفلسطيني، فإنّ علينا أن نعترف بأنّ مختلف أنماط أنظمتنا قد نجحت في تبريد ردود أفعال شعوبها وتجريدها من قوّة الفعل، والتزمت عمليات تطبيع في العلن والسر والسير باتفاقيات مع «إسرائيل» المتنكّرة لكلّ الاتفاقات والأعراف والقوانين».

وقال: «لقد فشلت أكثر من ثمان وعشرين غزوة في القرون الوسطى في تطويع وتطبيع القدس وانتصرت مقاومة شعوبنا، وسننتصر اليوم لو أردنا شعوبنا، لو أردنا إرادة شعوبنا، ومن يقف خلفه كلّ عضلاته وحوّل فلسطين إلى معتقل كبير وعلّق شعبها على الصليب وقتل وهتك ودمّر، إلّا أنّ ذلك يحتاج ليس فقط إلى دعاء بل إلى إضافة شيء من القطران».

وجدّد دعوته إلى:

«- نقل السفارات الإسلامية من واشنطن، ومقاطعة إدارة الرئيس ترامب حتى الرجوع عن قراره بضمّ القدس.

– وقف كلّ المفاوضات المتّصلة بما يوصف بعملية السلام حتى صدور إعلان واضح بوقف الاستيطان وإزالة المستوطنات والتزام قرار مجلس الأمن رقم 2334.

– إصدار دولنا لإعلان واضح ومؤكّد ولا رجوع عنه بالاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها الأبدية القدس.

– دعم مقاومة الشعب الفلسطيني، نعم المقاومة بكلّ أنواعها وبكلّ أشكالها حتى تحقيق أمانيه الوطنية في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.

– إلغاء اتفاق أوسلو وليس الدوران حوله، والذي منذ البداية انتبه المرحوم الرئيس حافظ الأسد إلى أنّ كلّ نقطة فيه تحتاج إلى اتفاق، وإلغاء كلّ الاتفاقيّات الموقّعة مع «إسرائيل» واعتبارها وكأنّها لم تكن، وإغلاق السفارات «الإسرائيلية» في العواصم العربية والإسلامية، بالترافق مع حملة برلمانية على الاتحادات البرلمانية كافّة وعلى برلمانات العالم لتحقيق الاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس.

– الرفض التام والمطلق لكلّ مشاريع التوطين واستبدال الأراضي والوطن البديل أو العاصمة البديلة.

– إنشاء صندوق برلماني شعبي لدعم بناء المؤسّسات الرسمية الفلسطينية في القدس، ودعم صمود الفلسطينيين المقدسيين خصوصاً، وأعمالهم ومؤسساتهم على اختلافها».

وقال: «إنّ كلّ ما تقدّم يتوقّف بدايةً على بناء تفاهم فلسطينيّ فلسطينيّ راسخ بدون شروط مسبقة سوى التمسّك بالسلاح الفلسطيني حتى جلاء الاحتلال وفكّ الحصار عن غزة وإزالة جدار الفصل العنصري، كما يتوقّف على المستوى الإسلامي على بناء تفاهمات إسلامية اسلامية تلعب الدبلوماسية البرلمانية أدواراً لبنائها، ووقف تبديد الثروات والطاقات على استقطاب جهات من خلال استمرار الحروب الصغيرة الجارية في بعض الدول الإسلامية وتمويل انتحار دولنا، وسلوك طريق الحلول السياسية بدلاً عن ذلك في سورية واليمن وليبيا، وحفظ وحدة وأمن واستقرار مصر وأولوياتها في الحفاظ على أمنها المائي والدعم الصادق للحرب ضدّ الإرهاب وتجفيف مصادره وموارده وحركته عبر الحدود».

وحذّر «سلفاً من أنّنا نقف وجهاً لوجه أمام محاولة لإحداث تحوّل جذريّ في السياسات الأميركية، إذ يشكّل الأمر التنفيذي الذي وقّعه الرئيس ترامب لنقل السفارة الأميركية إلى القدس طليعة هذا الانقلاب، وليس الانقلاب على المواقف الأميركية والأممية السابقة».

وتابع: «كما إنّ توقيع عقوبات جديدة على شخصيات إيرانية للانتقام من الفشل حتى الآن في تمزيق أو تعديل الاتفاق النووي بين إيران ودول الخمس زائداً واحداً، أمر سوف لا يؤدّي إلّا إلى مزيد من التوتّرات الدولية والإقليمية والتضييق على الشعب الإيراني».

ودعا «إلى الخروج على هذه السياسات المتسرّعة التي تتنكّر لالتزام الاتفاقيات الدولية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية والانسحاب منها، كما وقف تمويل منظمة أونروا وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن».

وختم: «أخيراً لا آخراً، السماح لإسرائيل ليس ببناء جدار على الحدود الجنوبية اللبنانية الفلسطينية فحسب، بل وإقامة هذا الجدار في أراض متنازع عليها وهي ضمن الحدود اللبنانية، يعتبرها لبنان حدوده. وقد أخذت قوات يونيفيل في الجنوب اللبناني علماً بالبدء بالبناء آخر الشهر الحالي بالرغم من الرفض اللبناني، كلّ هذا ضغط مؤكّد لتمرير صفقة العصر أو عقاب لعدم تمريرها. أما آن لنا بعد كلّ هذا أن نتضامن وأن ننسّق، أما آن لنا أن نتحد؟

هل ترانا نطلب الكثير؟ أليس ذلك قليلاً من كثير؟ أفيدونا أفادكم الله».

تنويه لاريجاني

وبعد كلمة برّي، نوّه رئيس مجلس الشورى الإيراني الدكتور علي لاريجاني بالكلمة، معتبراً أنّها تضمّنت مقترحات وجيهة، داعياً رؤساء المؤتمرين إلى أخذها في الاعتبار ودرسها لإدراجها في التوصيات الختامية للمؤتمر.

من جهةٍ أخرى، التقى برّي مرشد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي مع رؤساء المجالس والوفود المشاركة في المؤتمر.

وخلال اللقاء، نوّه لاريجاني مرة أخرى بكلمة الرئيس برّي وما تضمّنته من مقترحات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى