فنيش: على العرب ملاقاة استعداد طهران للحوار والتعاون
أكّد وزير الشباب والرياضة محمد فنيش أنّ استعداد إيران للحوار والتعاون ينبغي أن يدفع بعض الدول العربية إلى ملاقاتها ووقف حروبها العبثيّة، ورأى أنّ «الوصول إلى مستقبل مشترك آمن ومستقرّ يسوده التعاون بين العرب وإيران يحتاج إلى مواجهة الهيمنة الأميركية وربيبتها «إسرائيل».
كلام فنيش جاء في افتتاح أعمال مؤتمر «العرب وإيران» الثاني بعنوان «نحو مستقبل مشترك – الأمن والاستقرار والتعاون»، في بيروت، على أن ينهي جلساته بإعلان توصياته اليوم، وهو من تنظيم كلّ من المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق لبنان ومركز «انديشة سازان نور» إيران ومركز الدراسات السياسية والدولية، بالتعاون مع كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية ومركز باحث للدراسات وقناة «الميادين» وجريدة «الأخبار».
وشاركت في المؤتمر نخبة من المفكّرين والباحثين والمختصين من العالم العربي والإسلامي ولبنان، ومسؤولون في الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية، والسفير الإيراني محمد فتحعلي والسفير السوري علي
عبد الكريم علي، الوزير السابق عدنان منصور، الدكتور كمال خرازي مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي، الملحق الثقافي في المستشارية الثقافية الإيرانية في بيروت الدكتور محمد علي شريعتمدار.
فضل الله
وبعد تقديم لمحمد الخليل، ألقى مدير المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق عبد الحليم فضل الله كلمة، أشار فيها إلى «إمكان الحوار، وبروز تقاطعات حول القضايا الكبرى في المنطقة، في حين أنّ القضايا المحليّة في حاجة إلى مزيد من الدراسة». وأكّد «ضرورة الحوار كآلة وحيدة لاستجلاء نقاط الغموض»، مشدّداً على «البناء الاستراتيجي لبناء رفاهية هذه المنطقة».
وتحدّث عن «الإنجاز في القضاء على الاستثمار الأجنبي والخارجي الإقليمي في الحركات التكفيريّة بالتعاون العربي الإيراني في العراق وسورية»، وأمل أن «يحصل في بقيّة قضايا المنطقة، ومنها مواجهة صفقة القرن لإنهاء القضية الفلسطينية».
ورأى أنّ «الخروج من الصراعات لا يكون إلّا بتحديد المصالح الإقليمية المشتركة»، مشدّداً على ضرورة بناء الثقة».
خرازي
ثمّ تحدّث الدكتور خرازي فنوّه بـ»التعاون العربي مع الإيرانيين في مجال تطوير العلوم لحقبات عديدة»، ملمّحاً إلى «فشل الاستعمار البريطاني والغربي، وقبله السلطة العثمانية، في إحداث شروخ بين هذه الشعوب».
وتوقّف عند «انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني، وفي قراره إعادة الاعتبار إلى اللغة العربية».
وأشار إلى «أنّ الثورة الإسلامية في إيران جعلت من مقارعة الصهيونية وتحرير القدس الشريف على رأس أولويّاتها»، مؤكّداً «استمرار دعمها هذا»، مندّداً بـ»الحرب التي فرضوها على الشعب الإيراني لثماني سنوات، أو عبر دعم الفكر التكفيري ومجموعات ضدّها».
وتابع: «بعد انتهاء حرب الثماني سنوات على إيران، تابع المتآمرون حروبهم على إيران بأشكال أخرى، لكن تحوّلات طرأت على هذه العلاقات مع الشعب الإيراني فسال الدم الإيراني على أرض العراق في مقاتلة داعش». ولفتَ إلى «محاولات إسرائيل وغيرها، إحداث شرخ بين العرب وإيران»، وقال: «إنّ محاولات إسرائيل والرجعيين العرب لم تتوقّف عند هذا الحدّ، وإنّما دخلت مباشرة على الخط السوري عبر الدعم السعودي وقطر والإمارات واستقبال «إسرائيل» لجرحى الفصائل التكفيريّة في سورية».
وذكر «أنّه لو سقطت سورية والعراق بالكامل بيد هذه الجماعات التكفيرية لكانت «إسرائيل» في أفضل حالاتها»، معلناً «أنّه على رغم التكاليف التي دفعتها إيران في العراق وسورية، إنما كانت من أجل مواجهة إسرائيل».
وأسف «لظهور تقاطعات جديدة بين بعض العرب و»إسرائيل»، وإعلان أميركا أنّ القدس عاصمة أبدية لإسرائيل»، واصفاً «هذا القرار بأنّه لإهانة العرب والفلسطينيين».
وبعدما سأل «ماذا يمكن فعله أمام مؤامرات الكيان الصهيوني في جعله القضية الفلسطينية طيّ النسيان؟»، أعلن عن «عدد من المقترحات، منها: نشر رؤية استراتيجيّة للمنطقة وتحديد المحاور الاستراتيجية للنقاش والحوار، والتشخيص الصحيح لأولويات المنطقة»، داعياً «العرب والإيرانيين إلى تحديد أولويات النقاش في ما بينهم»، معتبراً أنّ «طريقة المواجهة مع العدو الصهيوني هي الأولوية التي تجمع، إضافة إلى العوامل الاقتصادية والتجارية».
واقترح «التركيز على عدم تكرار الأخطاء الماضية وما رافقها من كلفة عالية للطرفين عبر رؤية مستقبلية».
وقال: «إنّ بيروت تستطيع أن تكون منبر ومنصّة وصل وتلاقٍ بين العرب والإيرانيين، ومثالاً للتعايش بين الطوائف والمذاهب، وفيها مجتمع حيويّ إعلامياً وثقافياً».
وختم مؤكّداً «أنّ جمهورية إيران الإسلامية تعتبر تحرير فلسطين من أهم القضايا الرئيسة للعالم الإسلامي».
زاده
ثمّ تحدّث رئيس مركز الدراسات السياسية والدولية الدكتور سعيد خطيب زاده، فلفت إلى وجود عوامل خارجية في المنطقة، وقال: «نشهد استمراراً للأزمات وتصاعداً لها في المنطقة من فلسطين إلى اليمن مروراً بالبحرين، ونشهد مزيداً من التدخّل الغربي في شؤون المنطقة، كما نشهد اندلاعاً هائلاً للعنف في المنطقة، ونشهد أيضاً مزيداً من العسكرة وبيعاً للأسلحة الأميركية وطفرة الحركات التكفيرية».
وذكر أسباباً داخلية لها علاقة، هي «تآكل وفشل للدول من الداخل، ومحاولة «إسرائيليّة» لتحويل الانتباه عن قضية فلسطين تجاه قضايا أخرى. أمّا الأهداف الاستراتيجية لذلك فهي تحويل التركيز عن فلسطين، ليتسنّى لـ»إسرائيل» أن تنفِّذ أهدافها في المنطقة». وأشار إلى أنّ «موقف إيران كان واضحاً من البداية لدعم ومساعدة الشعب في فلسطين والعراق وسورية»، وقال: «لقد حاولنا مساعدة قطر عندما تعرّضت للاعتداء». وأكّد أنّ «سياسة إيران الثانية هي حسن الجوار والحفاظ على الاستقرار الأمني ووحدة الأراضي، رفض ومحاولة منع التدخّل الخارجي».
كما أكّد أنّ «إيران تؤمن بالحوار وسيلة لحلّ المشاكل في المنطقة».
زارعي
بدوره، رأى رئيس مركز «سازان بور» الدكتور سعدالله زارعي، أنّ «عالمنا اليوم عانى الأمن الذي اعتمد على الماديات»، مشيراً إلى «معتقدات إسلامية حوّلت الأمن إلى الأمن القائم على الإصلاح»، لافتاً إلى «إرادة الإصلاح، وإلى أنّ هذه الفكرة هي مفتاح حلٍّ للمنطقة في المجالين العربي والإيراني، وهي كانت فكرة للإمام الخميني».
ووصف «منطقتنا حالياً بأنّها تعيش حالة هرج ومرج وفوضى اجتماعية وسياسية»، مشيراً إلى «دور أميركا و»إسرائيل» والتكفيريين الملوِّث للمنطقة». واعتبر «أنّ الثبات والاستقرار والأمن تتطلّب إزالة الجدران بيننا، من دون أن يمنع أيّ واحد منّا أن يكون له بيته، ولكن أقصد جدران الكراهية».
أبو الفتوح
من جهته، أسف رئيس «حزب مصر القوية» عبد المنعم أبو الفتوح، أنه «بات عندنا صهاينة عرب»، منتقداً انعقاد مؤتمر القدس تحت ظلّ الأزهر.
ورأى «أنّ أمّتنا العظيمة لا يمكن اختزالها بالأنظمة التي باعت نفسها للشيطان»، مؤكّداً أنّ «الشعب العربي والشعب المصري رفض ويرفض التطبيع، على رغم توقيع بعض الدول العربية اتفاقات صلح مع إسرائيل».
وشدّد على «أنّنا في حاجة إلى التواصل بين شعوب هذه المنطقة لمواجهة هذا الفكر المتطرّف الذي تقف إسرائيل وراءه»، معلناً أنّ «التيارات التكفيرية في سيناء لا هَمّ لها إلّا قتل المصريين، كما أنّها لم تقتل أيّ «إسرائيلي» إلى اليوم».
وأبرز أهميّة «المثلث العربي الإيراني، تضاف إليه تركيا كمحاولة لإرساء التعاون والاستقرار».
الفياض
وتحدّث المستشار القومي العراقي فالح الفياض، فدعا إلى «بناء شراكة واقعية بين أبناء هذه المنطقة».
وأكّد أنّ العراق حقّق نصراً كبيراً على الدّاء الطائفي، وأنّ العراقيّين تجاوزوا الصراعات الطائفية لأنّ «داعش» لا يمثِّل طائفة أو مذهباً، إضافة إلى أنّه ألحق الأذى بجميع الطوائف.
ووصف «دور العراق بأنّه مؤهّل أن يكون جسر وصل وتواصل».
فنيش
واختتم الافتتاح بكلمة حزب الله، ألقاها الوزير فنيش، فرأى أنّ «هذا المؤتمر يسعى إلى التوصّل إلى السُّبل الناجحة لحلّ النزاعات المحتدمة في منطقتنا، واعتماد الدبلوماسية طريقاً ينظّم اختلافاتنا الداخلية».
وقدّم عرضاً للوضع في المنطقة»، مشيراً إلى «خشية دول عربيّة من التغيير الداخلي، وتركيزها في سياستها على التدخّل وشنّ حرب على بلد عربي فقير كاليمن وغزو آخر كالبحرين».
ورأى أنّ «إصرار البعض على السياسات الأميركية والارتهان لها وتحويل وجهة الصراع مع العدو الأساسي للعرب والمسلمين، لا يخدم إلّا مصلحة الكيان الصهيوني، ولا ينتج إلّا تضييعاً للحقّ وتدنيساً للمقدّسات واستخفافاً بشعوبنا وأوطاننا وأمّتنا».
وأكّد أنّه «لا يمكن أن يطمس الزمن حقّ شعبنا في فلسطين، ولن تستطيع الضغوط أن تدفع حتى السلطة الفلسطينية إلى أن توفّر غطاءً لتضييع القدس وتشريع الاستيطان وتهويد فلسطين».
ورأى أنّ «فهم هذه الحقائق واستعداد إيران لمدّ يد الحوار والتعاون استناداً إلى أولويّة صراعها مع السيطرة والسياسة الأميركية في المنطقة، ينبغي أن يدفع بعض الدول العربية إلى أن تدرك مصلحتها، وملاقاة هذا الاستعداد ووقف حروبها العبثيّة والتفكير باستقرارها ووحدتها ووحدة الدول العربية، واعتماد منهج جديد يقوم على أولويّة الصراع مع المحتلّ الصهيوني، واحترام إرادة الشعوب واعتماد الحوار والحلول السياسية للأزمات».
وسأل: «هل يمكن أن نأمل في عودة التعقّل إلى من لم يثبت أنّه يملك الحدّ الأدنى من حرية الإرادة والتجربة والخبرة؟ هل يمكن أن نتوقّع إدراكاً لخطورة المضيّ في استنزاف الثروة واسترضاء الإدارة الأميركيّة وكسر حواجز المقاطعة والترويج لثقافة شرعنة «إسرائيل» وحقها في فلسطين، وعدم العداء معها؟».
ورأى أنّ «الوصول إلى مستقبل مشترك آمن ومستقر يسوده التعاون بين العرب وإيران في حاجة إلى قوى ضغط ومثقفين متحرّرين ومجتمعات حرّة وإرادة مستقلة، في موازاة الجهاد في مواجهة الهيمنة الأميركية وربيبتها «إسرائيل» في عالمنا العربي والإسلامي».