الموسيقار عبد الباسط بكار… عرّاب نجوم سورية وآخرهم الطفل يمان قصّار

رشا محفوض

عندما تستمر حلب بتقديم مواهب موسيقيّة تحمل أمانة إرثها الموسيقي العريق، فإننا نتساءل من يقف وراءها لتكون صوت سورية الأصيل ليكشف الجواب عن وجود نخبة من موسيقيّي الشهباء صمدوا كما قلعتها وتحدّوا الإرهاب ومنهم الموسيقي عبد الباسط بكار.

زهده بالأضواء والشهرة وعشقه للموسيقى وإرث نادر نهله من الرعيل الأول لشيوخ الطرب في حلب، وأمانة نقل العلم الموسيقي إلى الأجيال جعل الموسيقي بكار بحقّ عراب نجوم سطعت في سماء الغناء السوري والعربي كشهد برمدا وحازم الشريف واليوم الطفل يمان قصار.

وقبل أنّ يصل البكار إلى هذه المرتبة من الإبداع فقد مرّ بمراحل عدّة تختزل سنوات عمره قسمها إلى أربع مراحل من مرحلة التحصيل العلمي، التي وصفها بأنها ذات طعم ومذاق خاصين، حيث تعلّم في كل يوم خلالها شيئاً جديداً.

أمّا المرحلة الثانية كما بيّن البكار أنّها كانت تطبيقاً عملياً لما سبق له أن تعلّمه، لتأتي مرحلة اكتساب الخبرة والتأليف الموسيقي ليصل إلى مرحلة التدريس وبناء جيل مثقف فنّياً، واصفاً جميع المراحل بالمميزة إلّا أنّ المرحلة الأخيرة هي مصدر سعادته، على حدّ قوله، كونه صنع فيها أسماء فنّية مهمة على الساحة السورية.

ويدين بكار لروّاد كبار تتلمذ على أيديهم ومنهم نديم الدرويش فيما حفظه من تراث وعلم حصل عليه على مدى أربعين عاماً وخبرات اكتسبها في علم المقام وأصول الغناء وتعليم الكمان الشرقي وآلة العود وأصول التدوين.

وعند سؤاله أين يجد متعة أكبر في دراسة الموسيقى أو تعليم العزف والتأليف والتلحين الموسيقيين، فقال: «دراسة الموسيقى تزيد كل يوم من شغفي للدرس الذي يليه كي أتعلم أكثر، أما التعليم فأبدأ يومي باكراً إلى وقت متأخر ولا أشعر كيف يمرّ بي الوقت، أما في العزف فأعيش عوالم أخرى أسرح بها، أبحر إلى ما لا نهاية، وفي التأليف والتلحين أجسّد حالة أو مشهداً رأيته أو مرّرت به من خلال مقطوعة موسيقيّة أو غنائية ليكون اللحن الذي أضعه قطعة مني».

وتمتاز الموسيقى التي يضعها بكار بإنتمائها إلى مدرسة الفنّ الراقي والذوق الرفيع وهذا ما عكسه أثناء تعليمه للأجيال الشابة والأطفال، والسر في ذلك كما بيّن، أنّه الإرث المخزون لديه من الموشّحات والأدوار والقصائد والطقطوقة والقوالب الآلية النفيسة وكل أشكالها وعلم المقام وأداء الفصول وما إلى ذلك.

وعن تركيزه على الأطفال أكّد بكار أنّ هذا يعدّ مشروعه الأساسي الذي ينوي خوضه للنهاية لإنتاج جيل جديد يحمل هوية حلب الموسيقية وسيستمر به بحسب وصفه إلى آخر رمق ما دام في العمر بقية.

المستوى المبهر الذي قدّمه الطفل يمان قصار في برنامج «ذا فويس كيدز 2» وهو تلميذ الموسيقار بكار كان محطّ اهتمام الجمهور المتابع، وعن سؤاله كيف وجد أدائه في الحلقة قال: «يمان دخل المسرح بثقة كبيرة في كل خطوة خطاها تجاه حلمه وأدائه ممتاز أثناء الغناء وانسجامه وتفاعله واضح وقد أبهر المشاهدين واتوقع له مستقبلاً مبهراً».

وعن سؤاله ما ينقص الموسيقى في سورية لتطلق نجوماً صاعدة على مستوى العالم شدّد الموسيقار بكار على أهمية العمل على إطلاق ورشات ودورات تثقيفية، إضافةً إلى دراسة علم المقام بشكل نظري وعملي مع وجود الأدلة والبراهين والحفاظ على موروثنا الفني الثمين مرافقاً له تدريس كل طالب آلة موسيقية معينة.

وعن الشهباء في زمن الحرب قال الموسيقي بكار إنّ حلب بوصفها مدينة مبدعة لم يغادرها الابداع ولن يموت فيها رغم قسوة الحرب بل إنها الفينيق الفنّي الثقافي الذي عاد ليزدهر بشكلٍ ملحوظ، حتى تبقى الموسيقى هي لغة الكون التي تسكت صوت الموت ويسمعها كل حي فيها وأنّ الروح والمحبة ستبقيان أبقى وأقوى من الحرب.

يُذكر أنّ الموسيقي عبد الباسط بكار مواليد عام 1962، مؤلّف وملحن موسيقي ويعزف على آلتي الكمان والعود كما أنّه علم وخرج الكثير من الشباب في العزف والغناء وأسّس وقاد مجموعة من الفرق الموسيقيّة والتخوت وله العديد من المشاركات الموسيقية داخل سورية وخارجها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى