أبو خليل: فلسطين هي البوصلة ولا يحقّ لأحد التصرّف بشبر من أرضها
أحيا الحزب السوري القومي الاجتماعي وبلدة بريقع ـ النبطية ذكرى مرور أسبوع على وفاة الحاجة نمري حجيج قاسم، والدة د. محمود، علي، يوسف، محمودة ومريم قاسم ، وحضر الذكرى إلى جانب العائلة، عضو المكتب السياسي المركزي في الحزب السوري القومي الاجتماعي د. محمود أبو خليل ممثلاً مركز الحزب، منفذ عام النبطية وسام قانصو وأعضاء هيئة المنفذية وعدد من أعضاء المجلس القومي، إمام بلدة بريقع الشيخ أحمد مراد، رئيس بلدية بريقع علي سعد، وفاعليات حزبية وبلدية وتربوية وجمع من المواطنين والقوميين.
وتحدث إمام البلدة أحمد مراد عن مزايا الراحلة ومسيرتها في الحياة وسيرتها الطيبة التي تتجسّد في صورة وسيرة أبنائها.
وألقى حسن حاوي كلمة تعريف، قال فيها: نجتمع اليوم لإحياء ذكرى أسبوع على وفاة أيقونة من أيقونات بلدتنا، والتي بفقدانها نفتقد جزءاً من ذاكرتنا وتراثنا وقيمنا.
في عبورها هذه الحياة خطّت المرحومة أم محمود مسيرةً وكوّنت لذاتها ولعائلتها سيرة. ففي مسيرتها التي تشبه مسيرة جميع بنات جيلها، تاريخ من البؤس والحرمان والمعاناة، فرضتها سيرورة الزمن الأسود الغابر، حيث كان الإقطاع بوجوهه شتى ينشب مخالبه في أجساد الضعفاء فيحيلهم كتلاً من الهمّ والتعب، وأجساداً خائرةً تدميها أشواك الحقول ووعورة المسالك.
وقال: الحاجة أم محمود فقدت زوجها المرحوم أحمد أمين قاسم في سنّ مبكرة وهي أم لعشرة أطفال، حملت المسؤولية بعزيمة الرجال الكبار، وقادت العائلة بتدبير قلّ مثيله. فصحّ فيها القول بأنها كانت أخت الرجال. أمّا في سيرتها، فكانت مدرسة في المبادئ النبيلة والقيم السامية، مثال يحتذى في التفاني والتواضع ونكران الذات. صار منزلها مكاناً لانطلاق المشاريع الاجتماعية يؤمّه كلّ من يهتمّ بالشأن العام ويعمل من أجل القضايا الوطنية الكبرى، فصحّ في بيتها ما نسمّيه نحن في قاموسنا القرويّ «البيت المفتوح»، وهو ما زال كذلك وسيبقى.
وختم: المرحومة الحاجة أم محمود تختصر مسار وحياة جيل من الزمن الجميل.
كلمة مركز الحزب
وألقى عضو المكتب السياسي المركزي الدكتور محمود أبو خليل كلمة مركز الحزب وجاء فيها:
«يحضرنا الموت على غفلة فترتعش الفرائص وتقض المضاجع وتقشعر الأبدان فلا من مدين ولا من مدان. والكلّ يمضي ويبقى لنا الدمع والأحزان، والخاتمة تبدأ عادة بجميل الصبر وتنتهي بنعمة النسيان، لكن في حضرة المميزة من الأمهات تستعرض ذاكرتنا الجماعية مسلسل سيرتها، فلا أفول لحياتها وتبقى صورتها مطبوعة في وجداننا نتوارثها كحقيقة النهضة التي سهلت لأبنائها وبناتها أن يكونوا في صفوفها تلامذة نجباء. وما استعراض هذه الذرية الصالحة من خير سلف إلا دليل ساطع على حسن الأداء وحجم التعب والشقاء، فلازمها النضال مبكراً ولم يُضنها الصراع، فصرعت اليأس قبل أن يصرعها الموت وأغمضت عينيها على إنجاز يعجز عن تحقيقه العظماء من الرجال، فاستحقت عن جدارة لقب المناضلة الحاجة أم محمود بكل المعاني المدرحية».
وتابع أبو خليل: «نسدل الستارة على حياة أم كانت نبراساً يستدل من خلاله إلى مكنونات هذه البلدة المقاومة، فأسهمت في تأسيس عائلة عملت وتعمل من خلال حزب نهضوي لاستعادة مجد أمة ظنها الغافلون عن قدرة أبنائها أنها تحتضر ودقت ساعة الحقيقة بعد أن تكالبت عليها كلّ الكواسر القريب منها والبعيد، فصمدت وضحت وبيارق النصر بانت وازدانت بها شوارع دمشق وبغداد وقبلها بيروت، فكانت ردات الفعل من أعداء هذه الأمة على انتصاراتها بما كنا نعرفه ونتوخّاه وحذرنا منه زعيم حزبنا حين وصف الوهّابية بأنها مرض خبيث وحذر من خطرها على أمتنا ونسيجنا الاجتماعي، وأخرج أميركا من عالم الإنسانية الأدبي».
وأضاف: «نعم لا تشملونا يا أيها المتخاذلون حين يدخل اليأس إلى قلوبكم الضعيفة، فنحن أبناء أمة هادية وقفات العز من سماتنا فنحن لم نساوم يوماً على حقنا في أرضنا ولم نتأخّر في الذود عنها، فها هم نسور الزوبعة على مساحة الأمة يسطّرون ملاحم البطولة إلى جانب المقاومين الشرفاء وأبطال الجيشين الشامي والعراقي، والمقاومة الفلسطينية، لا يخشون عدواً ولا افتراء فثلاثمئة شهيد ومئات الجرحى نفتخر بهم، رووا بدمائهم أرض الشام في الفترة الأخيرة فقط، وربما هم قلة بمواجهة جحافل التكفير ومشغليهم، لكنهم قاتلوا باللحم الحي وأحياناً وبإمكانيات متواضعة لم يخافوا الموت بل خافوا الفشل، وهم إلى جانب حلفائهم أفضل من كثرة تكفيرية قائمة على تسويات رثة بالية لا تقوم بها لمجتمعنا قائمة».
أينما كنا تكن فلسطين هي البوصلة، حيث لا يحق لأحد التصرف بشبر من أرضها بشكل يمكن أن يلغي حقنا السيادي عليها، فلا اتفاقيات الإذعان ولا قرارات الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن، ولا استجداء المساعدات والمواقف من الأمم التي يجب أن لا نتنكّب العار من حريتها إن لم نكن من أمة حرة. فاستعادة الحقوق لا تكون إلا من فوهة البندقية والمقاومة التي نطمح لأن تتوحّد في فلسطين تحت راية التحرير وعودة المهجرين، واستعادة الأرض. فكلّ فلسطين بمدنها وقراها كالقدس والأقصى وكنيسة القيامة، كلها يجب تطهيرها من رجس اليهود، ولا يعيبنا إن وقف إلى جانبنا أصدقاء، يدعمون قضايانا تجمعنا مع بعضهم المصالح المشتركة ومع البعض الآخر، مجموعة قيم أولسنا نؤمن بأننا كلنا مسلمون لله منا من أسلم لله بالإنجيل ومنا من أسلم لله بالقرآن، ومنا من أسلم لله بالحكمة، وليس لنا من عدو يقاتلنا في حقنا وأرضنا وديننا سوى اليهود، فمن يشاركنا قناعاتنا وبعض إيماننا ومجموعة القيم هذه مرحَّب به إلى جانبنا صديقاً وحليفاً، والشكر له لما يقدمه لنصرتنا على أعدائنا المشتركين أعداء الإنسانية جمعاء، عنيت طبعاً وبالدرجة الأولى روسيا الاتحادية والجمهورية الإسلامية في إيران وكلّ القوى الحية في هذا العالم».
كما أشار إلى أنّ «حق الصراع هو حق التقدم فلسنا بمتنازلين عن هذا الحق، للذين يبشروننا بالسلام ويهيئون للحرب، كنا مصارعين وسنبقى. فها هي الشام قاب قوسين أو أدنى من الانتصار على المؤامرة التي حيكت ضدها، لكونها شكلت العمق الاستراتيجي لكلّ أشكال المقاومة، من فلسطين إلى لبنان فالعراق. وما المواقف الأميركية والتركية إلا مؤشرات تدلّ على حلم باقتطاع أجزاء أخرى من أرضنا القومية، وما موقف الشام الرافض لوجود أي قوة أجنبية على أرضها، واستعدادها للمواجهة إلا رسالة إلى العدو والصديق، بأنّ أيام الضعف قد ولّت وبأنّ القوة هي القول الفصل في إثبات الحق القومي أو إنكاره، فقد خضنا معركة وكسبناها ولدينا معارك أخرى لنخوضها، فعدونا لن يستكين وواجبنا أن لا نمكنه من كسر إرادة الانتصار لدينا، فنحن أمة تحب الحياة لأنها تحب الحرية، وتحب الموت متى كان الموت طريقاً للحياة، ولا نرى الحياة إلا لنا ولأجل سورية نحيا».
وأضاف: «أما وقد نفض العراق عنه غبار المذلة والهوان وطهر أرضه من الفكر الصحراوي ودواعش العصر الرديء، ووأد الفتنة الطائفية وقزم الكانتونات، التي أسهم العدو في إنشائها لتشكل في خاصرته حصان طروادة، وسنراه بهمة أبنائه حراً بعد مغادرة آخر جندي أتى ليصادر قراره ويسرق نفطه، وشعبنا هناك خبرناه فمن كان سرجون الأكادي شعلة في تاريخه سيكون عصياً على التفتيت والفناء»،
ولبنان المقاوم مهما حاصروه بأساليب مختلفة وآخرها قانون انتخابي، لا يلبي طموحات أبنائه ولا يعكس صحة التمثيل وطبيعة الأحجام، ولن يضع الأمور في نصابها الصحيح، ويحدّ من تأجيج الصراعات المذهبية والطائفية، إلا قانون انتخابي يعتمد النسبية على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، وخارج القيد الطائفي، ومع هذا سيبقى لبنان منارة المقاومة ونحن جزء من محورها، ومن ضمن حلفها العريض فلن نكون ترشيحاً واقتراعا ًعلى مساحة الكيان إلا من ضمن هذا التوجُّه، الذي من أجله قدمنا التضحيات الجسام».
وختم أبو خليل: «باسم الحزب السوري القومي الاجتماعي، رئيساً وقيادة وأعضاء، وباسمي أتقدّم من رفقائنا وعائلة الفقيدة، وأهلنا في بلدة يريقع بأحرّ التعازي».