موسكو: اتهامات أميركا لروسيا بمنع التحقيق في استخدام »الكيميائي« قذرة وكاذبة.. وطهران تتحدّث عن فشل محاولات واشنطن الخبيثة لتقسيم المنطقة فشلاً ذريعاً

وصف نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف اتهامات الولايات المتحدة لروسيا بمنع التحقيق في حوادث استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية بـ«القذرة والكاذبة«، مؤكّداً أنّ اجتماع باريس حول استخدام تلك الأسلحة هو ضربة للأمم المتحدة.

وفي تعليق له على الاتهامات الأميركية، قال ريابكوف للصحافيين أمس في موسكو: »إنّ حقيقة هذه الاتهامات القذرة والكاذبة الموجّهة لنا من وقت لآخر تدلّ فقط على مستوى عمل الدبلوماسية الأميركية. وهذا المثال الفاحش والشنيع في كلّ جوانبه هو تشويه وقح من الجانب الأميركي للوقائع، ويتجاهل ما قلناه منذ عدة سنوات وبرز بشكل خاص بعد الحادث الصارخ في خان شيخون في الرابع من شهر نيسان من العام الماضي، لذا لا يمكن تسمية هذه الحملة من التشوية لروسيا إلّا بالمنفلتة من عقالها«.

وحول التحقيق في استخدام أسلحة كيميائية في خان شيخون، أكّد ريابكوف أنّ »التحقيق الحقيقي الذي يستحقّ ثقة المجتمع الدولي ويسمح بصورة واقعية الكشف عن مرتكبي هذه الجرائم أمر ضروري«، معتبراً أنّ الآليّة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لم تعمل على هذا الأساس.

وكانت روسيا استخدمت في السادس عشر من تشرين الثاني الماضي حقّ النقض في مجلس الأمن الدولي ضدّ مشروع قرار أميركي لتمديد عمل الآليّة المشتركة للتحقيق باستخدام الأسلحة الكيميائية في سورية.

كما أكّد ريابكوف، أنّ الاجتماع متعدّد الأطراف حول الأسلحة الكيميائية في سورية في باريس هو محاولة مباشرة للتعدّي على صلاحيات منظمة حظر الأسلحة الكيميايئة وضربة للأمم المتحدة.

وفي السياق، أعلن المبعوث الرسمي للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرينتيف، أنّ بلاده وجّهت الدعوات الرسمية لعدد من الدول العربيّة والأجنبية لحضور مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي.

وقال لافرينتيف: »الدعوات وجّهت بِاسم روسيا وإيران وتركيا الدول الضامنة إلى كلّ من الأردن ومصر والسعودية والعراق ولبنان وكازخستان«.

وأضاف: »الدعوة وجّهت أيضاً إلى ممثّلي الأمم المتحدة، ومراقبين من الولايات المتحدة الأميركية والصين وبريطانيا وفرنسا«.

وأشار مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية إلى أنّ هدف المؤتمر هو دعم الحوار السوري السوري، وفي سبيل تهيئة الظروف لعودة الاستقرار في المجتمع السوري، والحفاظ على وحدة الأراضي السوريّة وسلامتها الإقليمية واستقلالها.

إلى ذلك، أكّد مستشار قائد الثورة الإسلامية الإيرانية للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، أنّ محاولات الولايات المتحدة الخبيثة لتقسيم الدول في منطقة »الشرق الأوسط« باءت بالفشل الذريع.

وقال ولايتي في كلمة أمام مؤتمر »تحرير المسجد الأقصى في أفق انتصار محور المقاومة« في طهران: »إنّ الجانب الأميركي كان قد أعلن عن خطته لتجزئة العراق إلى 3 دول، كما سعى لتقسيم سورية وكذلك إيران، لكن هذه المؤامرة منيت بفشل ذريع بفضل يقظة هذه البلدان ومشاركة إيران في إحباطها«، لافتاً إلى أنّ طهران انطلقت في المشاركة بالحرب على الإرهاب في سورية والعراق من مبدأ »الوقاية قبل العلاج« لتبعد خطر التقسيم عنها.

ولفتَ إلى أنّ الولايات المتحدة والدول الأوروبية تحدّثت في السنوات الأخيرة عن »الشرق الأوسط الجديد« و«الشرق الأوسط الكبير«، وسعت من خلال ذلك إلى تغيير الحدود الجغرافية لدول المنطقة لكي تصل إلى منطقة القوقاز وآسيا الوسطى والهيمنة على الحدود الروسية والصينية، وكذلك السيطرة على نهر النيل في مصر وخلق الفوضى في الصومال وليبيا وسورية.

من جهةٍ أخرى، قال الدبلوماسي الأميركي السابق دنيس روس، إنّ السياسة الأميركية حيال سورية التي رسمها مؤخّراً وزير الخارجية ريكس تيلرسون تفتقر للوسائل المطلوبة لتحقيق الأهداف المنشودة، مشدّداً على ضرورة إبقاء سورية موحّدة وغير منقسمة.

وفي مقابلة مع »الميادين نت«، قال روس إنّ الأجندة الأميركية لا تزال موجّهة على نحو كبير نحو هزيمة »داعش« وضمان عدم عودته، وهذا يتطلّب استقرار الوضع في المناطق التي لم يعد »داعش« موجوداً فيها، مشيراً إلى أنّ هذا الهدف هو من أسباب تشديد تيلرسون على »التزامنا بتسوية سلمية في سورية«.

وقال روس، إنّ الولايات المتحدة ليست في وارد بناء الدول في الوقت الحاضر لكنّها تدعم الاستقرار، معتبراً أنّ »ذلك لن يحصل في ظلّ وجود الرئيس السوري بشار الأسد، وهو لن يذهب إلى أيّ مكان«. ورأى المسؤول الأميركي السابق، أنّ نجاح مناطق خفض التصعيد يعتمد على قيام الروس باستخدام نفوذهم مع دمشق وطهران، لكن حتى الآن »نحن لم نرَ ذلك« على حدّ قوله.

على صعيدٍ آخر، أنهى مجلس الأمن الدولي الاثنين جلسة مغلقة عقدها لبحث الهجوم التركي على المقاتلين الأكراد في عفرين السورية، من دون أن يصدر إدانة أو إعلاناً مشتركاً.

وفي ختام جلسة مشاورات عاجلة عُقدت بطلب من باريس، عبّر السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرانسوا دولاتر عن »قلق عميق حيال الوضع في شمال سورية وسط التصعيد المستمر«. كما تحدّث دولاتر عن »الوضع الإنساني المأساوي الناجم عن عمليات النظام السوري وحلفائه«، وخاصّة في إدلب والغوطة الشرقية.

غير أنّ دولاتر بقي حذراً جداً في ما يتعلّق بعفرين، حيث أطلق الجيش التركي السبت هجوماً ضدّ قوات كرديّة تابعة لوحدات حماية الشعب.

وكرّر السفير الفرنسي تصريح وزير خارجية بلاده جان ايف لودريان، الذي دعا الأحد السلطات التركية إلى »ضبط النفس«. وقال دولاتر، إنّ هذه الدعوة كانت محلّ »إجماع واسع« بين البلدان الحاضرة في جلسة مجلس الأمن.

كما أكّد دولاتر أنّ »الأولوية« هي لـ«وحدة الحلفاء في الحرب ضدّ داعش«، مشيراً إلى أنّ عفرين لا تشكّل »سوى أحد عناصر« الأزمة في سورية.

ولم تصدر تصريحات عن أيّ ممثل آخر للدول الأعضاء المؤثّرة في مجلس الأمن بعد هذه المشاورات التي لم تُشارك فيها السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، حسبما أوضح مصدر مطّلع.

وكان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون عبّر الاثنين عن »قلقه« إزاء حملة الجيش التركي في شمال سورية، داعياً جميع الأطراف إلى ضبط النفس.

بدورها، كانت موسكو قد دعت الأطراف المعنيّة بأزمة عفرين إلى »ضبط النفس واحترام وحدة أراضي سورية«، مشيرةً إلى أنّ سياسات واشنطن الاستفزازية هي التي دفعت أنقرة إلى الشروع في العملية العسكرية ضدّ الأكراد.

على الصعيد الميداني، قُتل جنديان تركيّان أمس ضمن عملية عفرين التي بدأها جيش الاحتلال التركي قبل 4 أيام، ليصل العدد إلى 3 قتلى منذ بدء الهجوم.

وكان عدد الشهداء منذ بدء الهجوم التركي على عفرين وصل إلى 26 شهيداً، معظمهم من المدنيّين.

الرئاسة التركيّة من جهتها، قالت إنّ العملية العسكرية في عفرين ستستمر حتى تطهير المنطقة من »الإرهابيين وعودة اللاجئين إلى ديارهم«.

وفي هذا السياق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنّ بلاده لن تلتفت للأقاويل ومواقف بعض الدول، ولن تسمح لـ »حفنة من الإرهابيين بالتمركز«.

وتعهّد أردوغان بأن تفرض بلاده سيطرتها على عفرين، كما فعلت سابقاً في مدن جرابلس والراعي والباب، على حدّ تعبيره.

ونقلت صحيفة يني شفق »Yeni Safak« عن أردوغان قوله، إنّ »أنقرة لا تخطط للاستيلاء على أراضٍ سوريّة، بل تريد ضمان الأمن القومي ووحدة التراب السوري«.

من جهته، أكّد الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في »إقليم عفرين« عثمان شيخ عيسى، أنّ القوات التركية لم تتمكّن من دخول عفرين، وأنّ هناك مقاومة شرسة تواجهها من داخل المدينة.

من جهةٍ أخرى، ذكرت وكالة »سانا« السوريّة للأنباء أنّ القوات الحكومية تصدّت لهجوم مجموعات من عناصر »جبهة النصرة« على عدد من النقاط العسكرية بريف اللاذقية الشمالي.

ونقلت الوكالة عن مصدر عسكري سوري قوله، إنّ صدّ الهجوم جاء بعد معارك عنيفة مع مسلَحي »النصرة« التي هاجمت عدداً من النقاط العسكرية على اتجاه قرية الصراف بناحية الربيعة بريف اللاذقية الشمالي. وبين المصدر أنّ الاشتباكات أسفرت عن مقتل ثلاثة عشر عنصراً من »النصرة«.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى