قراءة سياسية
قراءة سياسية
تداعيات سيطرة «أنصار الله» على محافظتي عمران والحديدة
نبال بريك هنيدي
أعلنت حركة «أنصار الله» سيطرتها التامة على محافظة عمران في 9 تموز الماضي، وبعدها وباتفاق مع المحافظ، سيطرت على محافظة الحديدة، ثاني أكبر المدن في اليمن، في الرابع عشر من الشهر الجاري، علماً أن الحديدة تمثل 60 في المئة من ساحل البحر الأحمر. وتلتها محافظة ذمار جنوب صنعاء مع اكتمال تحالفات الحركة مع القبائل. واليوم، تفتح محافظة إب ذراعيها عبر وجهائها لـ»أنصار الله» ارتباطاً بالمنفذ البحري في الحديدة وحماية للمنشآت الحيوية فيها.
هذا وأكدت وكالة روسية سيطرة حركة «أنصار الله» على منفذ «حرض» الحدودي مع المملكة العربية السعودية في السادس عشر من الشهر الجاري. وتبعاً لذلك تكون صنعاء قد أصبحت محاطة بدرع «اللجان الشعبية» التي تعلن «أنصار الله» أنها رديفة للقوات الحكومية اليمنية وداعمة لها.
كل ذلك أثار قلقاً متزايداً عند السعودية، وامتدت المخاوف إلى دول المنطقة والعالم.
وتكمن هذه المخاوف في امتلاك اليمن لحدودٍ بطول ألفي كيلومتر مع السعودية، كما ويشحن عبر مضيق باب المندب يومياً نحو ثلاثة ملايين برميل من النفط إلى أوروبا وأميركا. وقد ازدادت أهميته كأبرز الممرات البحرية في العالم، مع ازدياد أهمية نفط الخليج العربي، الذي اشتعلت مخاوفه.
فقد شرعت دول الخليج في تشكيل قوة بحرية زعمت أنها لصيانة الأمن البحري لدولها، وقالت تقارير إعلامية خليجية إن القوة البحرية المشتركة التي كشف عنها نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الكويتي اللواء أحمد يوسف الملا في 15/10/2014، تأتي استكمالاً لقوات «درع الجزيرة» في الشق البحري تحت اسم «مجموعة الأمن البحري 81».
وقبل أسبوعين تماماً، كشفت صحيفة «القدس العربي» عبر مصدر رسمي يمني فضل عدم ذكر اسمه عن مراجعات للموقف في القيادة السعودية، وتكليف الملك عبد الله خالد التويجري، رئيس الديوان الملكي، بالتواصل مع عدد من مشايخ قبيلة حاشد وغيرها من القبائل التي حولت ولاءها للحوثيين. لكن مسار الأحداث في المحافظات التي تتواجد فيها حاشد، وخصوصاً في إب والبيضاء، أظهر إخفاق الاتصالات السعودية، وخصوصاً السير في العملية السياسية، ضمن مشاركة جميع المكونات اليمنية بما في ذلك آل الأحمر المنتمون لقبيلة حاشد، جنباً إلى جنب مع ممثلي حركة «أنصار الله»، والأهم أن كل ذلك يتم إلى جانب القوات الأمنية الحكومية من جيش وشرطة.
و تزامناً مع ذلك، قال الصحافي «الإسرائيلي» آفي يسسخروف، أول من أمس، إن «إسرائيل» تتابع بقلق سقوط المدن اليمنية واحدة تلو الأخرى في أيدي الحوثيين، لا سيما مع اقتراب تلك الجماعة من السيطرة على المجرى الملاحي الذي توليه «إسرائيل» أهمية خاصة، وهو مضيق باب المندب الذي يعد بوابة العبور من البحر الأحمر للمحيط الهندي.
بدوره، عبر المتحدث باسم الممثلة العليا للشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، مايكل مان، عن قلقه «من تصعيد الأنشطة الإرهابية التي يشنها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، لأن الإرهابيين يعملون ضد إرادة الشعب اليمني ويهددون الأمن والسلم الدوليين».
في الوقت نفسه، وبعد غيابها لمدة من الزمن، شنت طائرة أميركية من دون طيار هجوماً على نقطة قيادية لتنظيم «القاعدة» في محافظة شبوة وقتلت قيادياً في التنظيم مع بعض معاونيه.
وعلى وقع ذلك، كتب عبد الغني الارياني، عضو اللجنة الاستشارية في منظمة مراقبة حقوق الإنسان Human Rights Watch ، ملخصاً توصيفياً لواقع اليوم المئة على معركة عمران، في تقرير هو الأهم من نوعه للمنظمة. ويقول الكاتب:
«إن تفوق قوة خارجة عن النطاق السياسي مثل «أنصار الله» يشكل فرصة لتحفيز الإصلاحات في البلاد. وإنّ التزام جماعة «أنصار الله» بالحكومة الرشيدة ومكافحة الفساد، فضلاً عن وجود رئيس وزراء قوي ومدعوم بشكل كامل من الرئيس، تُعد عوامل يمكن أن تساعد اليمن على تنفيذ الإصلاحات الحقيقية والضرورية وبالتالي، فإنها فرصة لا ينبغي تفويتها».
بعد تقرير «مراقبة حقوق الإنسان» جاء تقرير معهد واشنطن للدراسات، فكتب مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في المعهد «سايمون هندرسون»: «يبدو أن واشنطن مغلوب على أمرها في اليمن… وهناك الكثير من العوامل التي تزيد الأمور تعقيداً، من بينها اختباء اللواء علي محسن الأحمر، القائد العسكري للرئيس اليمني، وتداعيات عملية مكافحة الإرهاب التي تقوم بها الولايات المتحدة ضد عناصر «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» التي تختبئ في اليمن».
بيد أن هناك تعقيداً آخر يتضمنه الحديث عن اتفاق تسوية محتمل مع إيران بشأن القضية النووية، من المرجح أن يزعج السعودية، ما يدعو إلى تعزيز الجهود الدبلوماسية من جانب واشنطن في عواصم دول «مجلس التعاون الخليجي» من أجل منع الأعضاء في التحالف المناهض لـ»تنظيم الدولة الإسلامية» داعش من أن ينأوا بأنفسهم عن الولايات المتحدة في لحظة حاسمة».
لم تعد أعصاب الرياض تحتمل، كما بدأت الولايات المتحدة تخشى ردّ فعل «صبيانياً» من قبل دول مجلس التعاون الخليجي والخروج من التحالف العسكري ضد «داعش» مع استمرار سياسة واشنطن الصامتة حيال اليمن.