مشهدية تشييع عبد الخالق… «القومي» ضمانة وحدة الجبل
يوسف الصايغ
لم يكن يوم تشييع الرئيس السابق للحزب السوري القومي الاجتماعي وأحد قيادييه البارزين على امتداد عقود، الأمين والوزير محمود عبد الخالق في بلدة مجدلبعنا، مجرد مأتم أُسدلت في نهايته الستارة على حياة شخصية حزبية وسياسية بارزة، بل شكّل عنواناً ومشهداً سياسياً بارزاً في دلالاته على الصعيدين الشعبي والسياسي.
يوم الوداع تحوّل مهرجاناً شعبياً سياسياً وقومياً حاشداً ونقطة التقاء وصِلة وصل بين مختلف القوى السياسية والحزبية الفاعلة في الجبل، والتي شاركت إلى جانب قيادة الحزب، ممثلة برئيس الحزب حنا الناشف ورئيس المجلس الأعلى النائب أسعد حردان وأعضاء مجلس العمُد والمجلس الأعلى والمسؤولين المركزيين، في مشهد أكد رسوخ الحزب ووجوده في الجبل، كقوة أساسية تقوم إلى جانب باقي الأحزاب والقوى بدورها في تحديد البوصلة، وهذا ما تجلى أكثر من مرة لا سيما في المراحل الحساسة على المستوى الأمني، حيث كان الحزب صمّام أمان للجبل ووحدته بمختلف مكوّناته السياسية والمذهبية.
لطالما كانت «وحدة الجبل والحفاظ على نسيجه» تشكل العنوان العريض لموقف الحزب في الجبل، وكانت تتجسّد على أرض الواقع من خلال المواقف التي يتخذها الحزب من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في الجبل، لا سيما بعد اندلاع الأزمة في سورية والتباين الحاصل في مواقف القوى السياسية تجاه ما يحصل في الشام، على الرغم من أنّ الغالبية أكدت دعم خيار الدولة في سورية، وكانت تبارك للحزب مواقفه المشرّفة وتضحياته في الشام.
لم يكن الحزب إلا صمّام أمان وحدة الجبل، وهذا ما تجلّى في يوم تشييع رئيسه السابق وأحد قادته البارزين محمود عبد الخالق، لا سيما في مرحلة الاجتياح اليهودي للبنان والذي وصل مشارف الجبل، قبل أن ينهزم بإرادة المقاومة التي كان الحزب شريكاً أساسياً في تأسيسها وانطلاقتها، وكان بالتالي شريكاً إلى جانب الأحزاب والقوى الوطنية في النصر الذي تحقق بفضل دماء الشهداء وتضحياتهم، وقافلة شهداء الحزب دفاعاً عن الجبل ووحدته تطول وتطول.
لقد أجمعت الكلمات التي ألقيت في تشييع الأمين الراحل محمود عبد الخالق على دور الحزب النضالي وعقيدة الصراع التي يمتلكها، كما جدّدت تأكيد دور الحزب الوحدوي والنهضوي، الساعي الى الارتقاء بالإنسان والمجتمع نحو الأفضل. وهذا جوهر فكر وعقيدة النهضة القومية الاجتماعية التي أرسى دعائمها الزعيم أنطون سعاده. ولعلّ الكملة التي ألقاها القسّ معن بيطار كانت خير دليل لجهة تأكيد إلزامية الإيمان بالفكر والعقيدة القومية الاجتماعية كمعبر من أجل أن نحيا بكرامة وعزة وعنفوانز وهذا الجبل بمختلف أطيافه لم يكن يوماً إلا عنواناً للكرامة والوحدة، والتي لم تكن لتتجسّد لولا دور القوميين الاجتماعيين وتضحياتهم ونضالهم من أجل الحفاظ على النسيج الاجتماعي.
باختصار لا يمكن النظر إلى مشهدية يوم تشييع الأمين الراحل محمود عبد الخالق في بلدة مجدلبعنا ومن قلب الجبل، إلا من منظار الرؤية الجامعة لمختلف القوى السياسية على الرغم من تبايناتها، وتأكيد أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي يشكل الضمانة لوحدة الجبل في السلم كما في الحرب، وهذا ما عبّر عنه الوزير غازي العريضي بقوله «إنّ الاختلاف في الرأي والموقف السياسي لا يفسد للودّ قضية». ونحن نقول إنّ الخلاف في الرأي هو دليل عافية في المجتمع، لأنّ الرأي هو نتاج الفكر ونتاج العقل الذي يمثل الشرع الأعلى.
ناموس عمدة الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي