رئيس الجمهورية: أهمية التعاون بين الدول لمكافحة الإرهاب وملاحقة خلاياه السرية
شدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على «أهمية التعاون بين الدول لمكافحة الإرهاب وملاحقة خلاياه السرية لوضع حدّ للأضرار التي أحدثها أو يمكن أن يُحدثها في الدول والشعوب».
وأبلغ الرئيس عون وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس الذي استقبله في قصر بعبدا، بحضور وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف، «أن لبنان يشجّع كل تعاون مع اليونان وقبرص في سبيل تعزيز السلامة البحرية والأمن البحري، لا سيما أن الدول الثلاث تواجه تحديات مشتركة، لعل أهمها الإرهاب الذي يتفشى في المنطقة ويتوسّع، إضافة إلى تداعياته السلبية الكثيرة المتمثلة خصوصاً بالنزوح الكثيف وتهريب البشر عبر البحر المتوسط».
وإذ رحّب رئيس الجمهورية بـ «اللقاء الثلاثي المرتقب على مستوى وزراء الدفاع في لبنان واليونان وقبرص لوضع أطر لهذا التعاون»، شدّد على «أهمية مشاركة اليونان في مؤتمر روما المخصص لدعم الجيش والقوات المسلحة اللبنانية في نهاية شهر شباط الحالي.
وشكر الرئيس عون اليونان على «مشاركتها في القوة البحرية التابعة للقوات الدولية العاملة في الجنوب اليونيفيل »، معتبراً أن «المكوّن البحري في اليونيفيل يتعاظم دوره في الحفاظ على المياه الإقليمية اللبنانية، لا سيما المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تطمع «إسرائيل» بالسيطرة على أجزاء منها، قبيل إطلاق لبنان عملية التنقيب عن النفط والغاز فيها»، معتبراً أن «ما عبر عنه وزير الحرب «الإسرائيلي» افيغدور ليبرمان يعكس بوضوح حقيقة النيات «الإسرائيلية».
كذلك شكر الرئيس عون الوزير اليوناني على «الدعم الذي قدّمته بلاده للجيش اللبناني، لا سيما خلال معارك نهر البارد في العام 2007».
وكان الوزير كامينوس نقل إلى الرئيس عون «تحيّات الرئيس اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس وتمنياته له بالتوفيق في قيادة سفينة لبنان إلى شاطئ الأمان»، منوّهاً بـ «مواقفه ودوره في إعادة الاستقرار للبنان وتمكينه من لعب دوره في محيطه والعالم».
وشدّد الوزير كامينوس على حرص بلاده على «التعاون مع لبنان في المجالات كافة، لا سيما في التعاون العسكري لتأمين السلامة البحرية لحماية الدول من الإرهاب وعمليات التهريب على أنواعها».
ولفت إلى وجود «إرادة لتحقيق الاستقرار في المنطقة من خلال سلسلة إجراءات توفر مناخات ملائمة لذلك».
وعبر الوزير اليوناني عن «استعداد بلاده للتعاون في تمكين الجيش اللبناني من تعزيز قدراته العسكرية».
في عين التينة والسراي
كما زار كامينوس رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة والرئيس سعد الحريري في السراي وتناول الحديث الوضع في المنطقة والمواضيع ذات الاهتمام المشترك بين البلدين والتعاون بين البلدين.
في اليرزة
وأجرى كامينوس ووزير الدفاع الوطني يعقوب رياض الصراف في اليرزة محادثات ثنائية تمحورت حول العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها وتفعيلها.
بعد ذلك، عقدت جلسة محادثات موسّعة برئاسة الوزيرين الصراف وكامينوس وبحضور أعضاء الوفدين اللبناني واليوناني.
وأكد الصراف أن «لبنان يسعى دوماً إلى تقوية أواصر التعاون مع دول الجوار»، مشدّداً على أن «العلاقات مع اليونان لا بدّ أن تشهد مزيداً من التطوّر، لما لذلك من انعكاس على البلدين الجارين».
وتحدّث عن الوضع اللبناني عموماً، فأشار إلى «استمرار الاعتداءات «الإسرائيلية» على السيادة اللبنانية»، مذكراً بكلام المسؤولين «الإسرائيليين» «وتهديداتهم المتكررة للبنان وآخرها ما يتعلق بالبلوكات النفطية الواقعة في المنطقة الاقتصادية».
وكرّر وزير الدفاع موقف لبنان من هذه التهديدات وشدّد على «رفضها والتمسك بحقوقه كاملة»، وقال: «إن لبنان لم ولن يخضع لأي تهديد من أي جهة كان، ولاسيما أن «إسرائيل» تحاول السيطرة على حقوقه ووضع اليد عليها، وهذا الأمر لن يمرّ، ولبنان كله سيقف في مواجهة أي تعدّ على السيادة والحقوق اللبنانية».
بعد ذلك تحدّث الصراف عن المهمات التي يقوم بها الجيش اللبناني ومحاربة الإرهاب، مركزاً على «الإنجاز التاريخي الذي حققه في عملية فجر الجرود واستمراره في تطهير الأراضي اللبنانية من خلال عمليات الدهم وتوقيف المطلوبين والإرهابيين، وكان آخرها الليلة الماضية».
وإذ شدّد على أن «لبنان بات في مصاف الدول المستقرة أمنياً بفضل قواه الأمنية»، أوضح أن «الجيش في أعلى الجهوزية لمواكبة أي استحقاق لا سيما الاستحقاق الانتخابي الذي سيجري في غضون أشهر قليلة»، لافتاً إلى أن البحث تطرّق إلى مؤتمر روما الذي سيُعقد أواخر الشهر الحالي لدعم الجيش والقوات الأمنية، فشدّد على أن «لبنان يُعوّل كثيراً على هذا المؤتمر للخروج بدعم كبير للجيش لمساعدته على تأدية المهمات المطلوبة منه».
ونقل الوزير اليوناني، من ناحيته، تأييد بلاده للبنان وحكومته وقواته المسلحة، مشيداً بما آلت إليه العلاقات الثنائية بين البلدين، وشدّد على أهمية وجود أرضية مشتركة لمزيد من التعاون «خصوصاً في ضوء ما تمرّ به المنطقة من تطوّرات». وشرح ما تتعرّض له بلاده من اعتداءات على المياه الإقليمية والسيادة اليونانية.
بعد ذلك تناول المجتمعون مسألة إنشاء مركز مشترك للبحث والإنقاذ في بيروت، علماً أنه تجري حالياً الدراسات اللازمة والعمل على إيجاد التمويل اللازم له، على أن يعلن عنها في اجتماع ثلاثي من المقرر عقده في وقت لاحق.
وفي ختام المحادثات، وقّع الصراف وكامينوس بالأحرف الاولى اتفاقية تعاون عسكري مشترك تهدف الى تطوير العلاقات الثنائية من خلال التعاون العسكري بين البلدين والسياسة الدفاعية والأمنية، وصيانة وشراء الأسلحة والمعدات العسكرية والتعليم والتدريب في المجال العسكري، إضافة الى تبادل إدارة الموارد البشرية والدعم اللوجستي والطب العسكري والنشاطات الثقافية والرياضية والمسائل البيئية.
ثم عقد الوزيران مؤتمراً صحافياً، قال خلاله الصراف: «إن الاتفاقية التي قمنا بتوقيعها بالأحرف الأولى لا تشكل نقطة انطلاق في مجال التعاون العسكري بين لبنان واليونان فحسب، لكنها أيضاً مدخل إلى تعزيز الأمن والاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي والصداقة. فتوقيع الاتفاقية، خطوة في المسار الباهر والمتقدم الذي سيبدأ اليوم ويمر في المؤتمرات الدولية الآتية، منها مؤتمر روما، وينتهي إلى إرساء علاقات مميّزة لحفظ الأمن والسلام في لبنان. فقد تحدثنا خلال اجتماعاتنا عن التعدي على الاجواء والاراضي اللبنانية والخروق المتكررة للسيادة اللبنانية».
وأكد أن لبنان لا يرضخ لأي تهديد ولن يسمح بأي تعديات على الاراضي والاجواء والمياه الإقليمية اللبنانية، ونحن متمسكون بالقوانين الدولية وبالتزاماتنا تجاه السلام، ولكن هذا لا يعني اننا نخشى او نخاف من أي تهديد.
وقال الوزير اليوناني من جهته: «إن وجودنا في لبنان ليس مجرد مهمة دبلوماسية عادية. نحن هنا للإشادة بالشعب اللبناني على ما يتحلى به من شجاعة وانسانية وروح تسامح، وللتعبير عن امتناننا على مساهمته في الجهود الهادفة إلى حفظ السلام والاستقرار في المنطقة الأوسع نطاقاً.
إن الشعب اللبناني هو خير مثال للعالم بأسره على أنه يمكن للشرق الأوسط ولمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط أن يصبحا منطقة للحوار البناء بين الثقافات والتقاليد المختلفة وللتفاهم المتبادل والاحترام والتعاون والتعايش السلمي.
فضلاً عن ذلك، إن الشعب اللبناني، ورغم التحديات كافة، يظهر الطريقة المثلى التي يجب على المجتمعات اتباعها للتعامل مع البشر المتألمين وضحايا الحرب والدمار».
وأكد «دعم استقرار لبنان وسلامة أراضيه عبر تعزيز مساهمة اليونان في فرقة العمل البحرية التابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، واستعدادنا لمشاركة خبرتنا العسكرية مع الجيش اللبناني عبر توفير التعليم في الكليات الحربية اليونانية فضلاً عن التدريب والتمارين.
وأضاف في الأسابيع والأشهر المقبلة، سيتم عقد ثلاثة مؤتمرات دولية رئيسية في عواصم أوروبية مختلفة، ستقوم خلالها الحكومة اليونانية بتشجيع شركائها وحلفائها الدوليين والأوروبيين على طرح موضوع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في لبنان وقضية اللاجئين لكونها تشكل جزءاً لا يتجزأ من الهيكل الأمني للشرق الأوسط وأوروبا والمنطقة الأوسع نطاقاً».
وكان الوزير اليوناني قد زار صباحاً مبنى وزارة الدفاع في اليرزة حيث وضع إكليلاً من الزهر على نصب شهداء الجيش.