الاستراتيجية الأميركية الجديدة في سورية
حميدي العبدالله
حدّدت الولايات المتحدة أهدافها التي تتذرّع بها لإبقاء قواتها في سورية أطول فترة ممكنة، وهذه الأهداف الخمسة، هي الضغط لتحقيق انتقال سياسي في سورية، ومفهوم الانتقال لدى الولايات المتحدة يعني تسليم السلطة للجماعات المرتبطة بالولايات المتحدة، أو اقتسامها مع هذه الجماعات، وتقليل واحتواء نفوذ إيران، ومواجهة احتمال عودة داعش، والإسهام في إعادة الإعمار.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف لن تقبل الولايات المتحدة بسحب قواتها العسكرية التي جاءت بذريعة محاربة داعش، حتى وإنْ اختفى وجود داعش، لأنّ لدى الولايات المتحدة بالأساس أجندة أخرى، وربما تمّ تصنيع داعش لخدمة هذه الأجندة، وفي مقدّمتها الأهداف الخمسة التي حدّدها وزير خارجية الولايات المتحدة في أكثر من تصريح.
بقاء القوات الأميركية في سورية التي يتراوح عددها بين 2000 إلى 4000 جندي جزءاً من استراتيجية أشمل تعتمدها الآن الإدارة الأميركية وقد حدّدت معالم هذه الاستراتيجية صحيفة «واشنطن بوست» التي أكدت تعليقاً على تصريحات لوزير الخارجية الأميركي قائلةً «بإعلانه أنّ القوات الأميركية ستبقى في البلاد» يبدو أنّ تيلرسون يعترف بالنفوذ الميداني الضروري للولايات المتحدة لتحقيق أهدافها. وفي حين تشير الصحيفة إلى استمرار اضطراب السياسة الأميركية في سورية حيث تقول «إدارة ترامب تعلن الآن علناً، أنّ الولايات المتحدة لديها مصالح طويلة الأجل في سورية، إلا أنها لم تتوصل حتى الآن إلى خطة حقيقية، ومن الواضح أنّ الالتزام الأميركي الحالي في سورية ليس كافياً» أيّ أنهم يسعون إلى مزيد من التورّط العسكري المباشر.
وتخلص الصحيفة في سياق الإجابة على سؤال ما هي البدائل لما تسمّيه «الالتزام الأميركي غير الكافي» في سورية، التي تستبعد منها «الزيادة الكبيرة في القوات الأميركية، التي لا يدافع عنها أحد» أيّ الزيادة.
تقول الصحيفة نقلاً عن جهات مسؤولة في الولايات المتحدة «هناك عدة طرق يمكن للولايات المتحدة أن تقوّي يديها في سورية» منها «أولاً، عدم التخلي عن الأكراد الذين درّبتهم القوات الأميركية، تداركاً لاحتمال دفعهم إلى إبرام صفقات مع نظام الرئيس الأسد وروسيا مع عواقب وخيمة»، «وثانياً، تعزيز الحضور الأميركي إلى جانب الجماعات المسلحة» واستئناف الدعم للمتمرّدين المعتدلين، وخاصةً في محافظة إدلب»، «وتعزيز قوات سورية الديمقراطية» ودعم الحكم المحلي من خلال إضافة المزيد من العرب إلى هذه القوات». وأخيراً زيادة «الضغوط على الأسد وروسيا وإيران» ولكن لا توضح الصحيفة ماهية هذه الضغوط التي قد يكون افتعال أكذوبة الكيماوي جزءاً منها، ولكنها تشير إلى «العقوبات، والتهديد الموثوق باستخدام القوة الأميركية، أيّ شيء آخر قد يقنعهم بالوفاء باتفاقات خفض التصعيد» وربما جاءت العودة إلى أكذوبة الكيماوي بهدف تبرير سياسة «التهديد الموثوق باستخدام القوة الأميركية».
هذه هي عناصر الاستراتيجية الأميركية المعتمدة الآن في سورية ويجري تنفيذها فعلياً.