سورية تُربك زيارة تيلرسون وتُعيد رسم التوازنات ومعادلة الردع… بإسقاط الـ«أف 16» مساعٍ لبنانية لتحريك ملف شبكة الدفاع الجوي المنسيّة منذ عام 74… وثبات على المواقف
كتب المحرّر السياسي
تغيّر المشهد الاستراتيجي والدبلوماسي والعسكري في المنطقة مع نجاح الدفاعات الجوية السورية بإسقاط طائرة «أف 16» «إسرائيلية» أغارت على الأراضي السورية، فتحوّلت الضربة التي أرادها «الإسرائيليون» رصيداً لتعزيز قدرة الردع، وفرضاً لقواعد اشتباك جديدة، وتمهيداً لزيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، عبئاً على الثلاثة. فارتسمت قواعد اشتباك معاكسة، وصورة ردع بديلة، وصار على تيلرسون أن يبحث عن رسائل أخرى يحملها لا تسقط المهابة المصابة وتتمكّن من منع الانزلاق لما هو أسوأ.
السياق الذي بدأ بالتمادي بإصابة عناوين القوة الروسية في سورية من حميميم إلى إسقاط طائرة السوخوي، واستمرّ تصاعداً بالغارات «الإسرائيلية» وتشبيكها مع التهديدات للبنان، وصولاً للضربة الأميركية لقوات سورية شعبية في شمال دير الزور، وتوّجته الغارات «الإسرائيلية» الأخيرة، قطعته الخطة السورية المدعومة من إيران والمقاومة وروسيا، لترميم شبكات الدفاع الجوي وتحديثها وإعادة هيكلتها وفقاً للمتغيّرات، كما سبق وأعلن نائب وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد قبل أسابيع قليلة وببيان مكتوب غداة التوسّع التركي شمال سورية، ولم يأخذه الحلف الأميركي «الإسرائيلي» على محمل الجدّ، وصار الحلف الذي تقوده واشنطن يحمل وصفة لتقسيم سورية وتقاسمها وفقاً لوثيقة الخمسة المشتركة مع السعودية والأردن وفرنسا وبريطانيا، لكنه لا يملك وسائل وضعها على الطاولة، كما يحمل وصفة المقايضة بين التهديدات للبنان، ليقول نفطكم مقابل قوة حزب الله، لكنه لا يملك وسيلة جعل لبنان محتاجاً للتفاوض، البائع موجود، لكن البضاعة مردودة.
مفعول الضربة السورية لعنوان الجبروت «الإسرائيلي» الذي يختزنه سلاح الجو المتفرّد منذ عقود بأجواء المنطقة، ودرّة تاج هذا السلاح الذي تمثله طائرة «أف 16»، كان عكسياً في لبنان، فبدلاً من الاستعداد للبحث بالعروض الأميركية التي مهّد لها السفير دايفيد ساترفيلد ويفترض أن يحملها وزير الخارجية ريكس تيلرسون، وضع اللبنانيون على الطاولة، ملف البحث عن امتلاك شبكة دفاع جوي، تمثل حقاً سيادياً للبنان وحاجة ماسة لضمان حسن استثمار ثرواته السيادية، خصوصاً مع دخوله نادي الدول النفطية، كما حمل الاحتفال بتوقيع العقود النفطية، في كلمات المسؤولين اللبنانيين وتعليقاتهم، التي تصدّرها إعلان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن الافتخار بالإنجاز النفطي رغم التهديدات.
السؤال اللبناني، أنه قبل أكثر من أربعة عقود، وقبل دخول النادي النفطي، وفي زمن ما قبل المقاومة وموازين الردع التي تمثلها، وفي عهد الرئيس الراحل سليمان فرنجية، بادر لبنان لشراء منظومة دفاع جوي من فرنسا، حملت اسم صواريخ الكروتال، التي حوّلت لفضيحة فساد لمنع لبنان من دخول نادي الأقوياء يومها، فتمّ إلغاء الصفقة، علماً أنّ لبنان اشترى من فرنسا في العام 1968 جهاز رادار متطوّراً للدفاع الجوي عُرف باسم رادار الباروك حيث تمّ نصبه وكان مداه يبلغ 300 كلم. وقد دمّرت «إسرائيل» هذا الرادار في 9 تشرين الأول 1973 ولما يتمّ تعويضه.
وكان لبنان اشترى مع الرادار، 12 طائرة ميراج – 3، وهذه الطائرات لم تستخدم لتأمين مظلات جوية للدفاع عن الرادار الذي كان ناشطاً ويقوم بدور فعّال في الإنذار المبكّر وتزويد السوريين بمعلومات مهمة عن حركة الطائرات الحربية «الإسرائيلية».
وفي العام 1971 ألغى لبنان صفقة لشراء صواريخ دفاع جوي من نوع كروتال مع فرنسا بعدما رافقتها حملات اتهام بالفساد والعمولات.
يجري التداول في الأوساط الحكومية والسياسية بالتساؤل، الموجّه للفريق المناوئ للمقاومة، طالما تريدون تقوية الجيش اللبناني، فلماذا لا يوضع ملف امتلاك الجيش اللبناني شبكة دفاع جوي على الطاولة، وإذا كان الأميركيون جاهزين، ففاتحوا تيلرسون بالطلب، وللبنان رئيس جمهورية موثوق بعلاقته بالمؤسسة العسكرية ويعرف احتياجاتها جيداً، وإنْ رفض الأميركيون فالبدائل متوافرة وروسيا تبيع شبكاتها العصرية لحلفاء أميركا في السعودية وتركيا، فكيف لا تبيعها للبنان، وإيران سبق وعرضت الاستعداد لتقديم السلاح الذي يحتاجه لبنان، ويمكن التفاهم معها على تمويل صفقة سلاح مع روسيا بهذا الحجم ولهذه المهمة.
من تداعيات التحوّل الكبير الذي أحدثته الضربة السورية المحسوبة، والبالغة التأثير في توازنات المنطقة، الالتفاف الرسمي والشعبي التضامني مع سورية الذي عبّر عنه بيان رسمي للخارجية اللبنانية أرفق بشكوى لمجلس الأمن الدولي بوجه الاستخدام العدواني على لبنان وسورية للأجواء اللبنانية، بينما شملت دائرة المواقف السياسية والشعبية المتضامنة دوائر واسعة حزبية واقتصادية واجتماعية.
الحزب السوري القومي الاجتماعي أعرب عن ترجمة التضامن مع سورية بشراكة الدم التي يؤديها نسور الزوبعة إلى جانب رفاقهم في الجيش العربي السوري، وعن ثقته بشجاعة وحكمة الرئيس السوري بشار الأسد وبالجيش والشعب في سورية مهنئاً بالإنجاز الكبير، عبر بيان للحزب وبرقية وجّهها رئيس الحزب حنا الناشف للرئيس السوري بشار الأسد.
«إسرائيل» قلقة: لا للحرب مع لبنان
فرضت التطورات العسكرية في سورية نفسها على المشهد الداخلي اللبناني الذي عاش حالة من الاسترخاء السياسي في عطلة نهاية الاسبوع، حيث غاب النشاط السياسي والحكومي في ظل وجود رئيس الحكومة سعد الحريري خارج البلاد على أن يعود النشاط الى طبيعته ابتداءً من اليوم، حيث يحتل الملف الانتخابي واجهة الاهتمامات حتى موعد الانتخابات في أيار المقبل، باستثناء ملف الموازنة، حيث يعقد مجلس الوزراء جلسات مكثفة لدرس مشروع موازنة 2018 مع توقعت مصادر وزارية أن ينتهي المجلس من درسها خلال عشرة أيام وإحالتها الى المجلس النيابي ليناقشها بدوره ويقرها قبيل الانتخابات.
وفي تطورٍ استراتيجي نوعي سيترك تداعياته على الجبهة الجنوبية في أي حرب مقبلة وعلى قواعد الاشتباك بين «إسرائيل» وحزب الله الذي رأى أننا أمام مرحلة جديدة من الصراع مع العدو «الإسرائيلي»، تمكنت الدفاعات الجوية التابعة للجيش السوري من إسقاط طائرة «أف 16» «إسرائيلية» ليل الجمعة ـ السبت الماضي خلال غارات شنها الطيران «الإسرائيلي» من الأجواء اللبنانية على مطار «تي 4» في ريف حمص الشرقي.
وأشارت مصادر عسكرية لـ «البناء» الى أن «الحدث العسكري في سورية سيؤثر على توازن الردع القائم مع «إسرائيل» لصالح المقاومة في لبنان، كما سيدفع القيادة العسكرية والسياسية في «إسرائيل» الى التفكير ألف مرة قبل شن عدوان على لبنان وإجبار الجيش «الإسرائيلي» على اتخاذ اجراءات احترازية قبل تحليق طائراته في المجال الجوي اللبناني ما يقيد حركة سلاح الجو الإسرائيلي»، لكنها أوضحت أن «ذلك لا يعني أن إسرائيل ستوقف طلعاتها الجوية فوق لبنان، لكن مهمتها في سورية باتت أصعب بعد إسقاط طائرة الـ f16 لا سيما بعد تيقن القيادة الإسرائيلية بأن لبنان وسورية جبهة واحدة متصلة وأن أي حرب شاملة مع جبهة لن تبقى الجبهة الاخرى هادئة. وهذا ما أكده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في مقابلته التلفزيونية الاخيرة من أن محور المقاومة سيخوض الحرب المقبلة، إن وقعت كجبهة واحدة».
كما أوضحت المصادر العسكرية أن «ما حصل سيحُول دون استخدام الطائرات الإسرائيلية الأجواء اللبنانية لضرب أهدافٍ في سورية أو على الأقل سيبعد المدى الذي تستخدمه إسرائيل لشن ضرباتها على سورية، لكن ذلك لن يمنع طائراتها من اختراق الأجواء اللبنانية لأن الدفاعات الجوية السورية غير مخولة إطلاق الصواريخ على الطائرات الإسرائيلية التي تحلق فوق لبنان، لكن هذا ممكن بحسب خبراء عسكريين في حال اندلعت مواجهة أو حرب شاملة، حيث تسقط الخطوط الحمر وتنهار الحدود بين الجبهات ويتصل محور المقاومة ببعضه ليشكل جبهة واحدة وحينها ستسقط آلاف الصواريخ على كيان الاحتلال في الوقت نفسه من أكثر من جبهة، كما ستبدأ المفاجآت التي وعد بها السيد نصرالله».
وبرأي المصادر فإن احتمالات الحرب «الإسرائيلية» على لبنان قد تراجعت الى حدٍ كبير، «إذ إن إسرائيل غير مستعدة للحرب لا سيما أنها لم تستطع حتى الآن من بناء جبهة داخلية قادرة على مواجهة الحرب لمدة طويلة. وما يؤكد ذلك تراجع تهديدات المسؤولين الإسرائيليين للبنان في موضوع الجدار الفاصل وفي استثمار لبنان ثروته من النفط والغاز في البلوك رقم 9».
وأضافت المصادر أن «توازن الردع الذي فرضته سورية على إسرائيل وانعكس أيضاً على المعادلة النفطية في لبنان، حيث تعززت قدرة الردع لدى المقاومة في لبنان والجيش السوري في أي عدوان إسرائيلي على حقوق لبنان في ثروته النفطية في المياه الاقليمية اللبنانية لا سيما البلوك 9 الذي ادعت إسرائيل ملكيته». وتساءلت المصادر: «ما الذي يمنع لبنان من السعي لامتلاك أنظمة دفاع جوي على غرار التي تملكها سورية من روسيا أو اي دولة أخرى لحماية أجوائه من الخروق الجوية الإسرائيلية وانتهاك السيادة اللبنانية؟ وأي استراتيجية دفاعية تطالب بها بعض الأطراف الداخلية كبديل عن سلاح المقاومة من دون نظام دفاع صاروخي؟».
وغداة سقوط الطائرة «الإسرائيلية» بصواريخ سورية سقط أجزاء منها في مناطق لبنانية، ارتفع منسوب القلق والخوف في «إسرائيل» لا سيما سكان المنطقة الشمالية من اندلاع حرب مع لبنان تؤدي الى سقوط أعداد كبيرة من صواريخ حزب الله على المستوطنات في فلسطين المحتلة، وتكفي مراقبة الوضع على ضفتي الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة لملاحظة مدى حالة الرعب لدى قادة العدو وصفوف المستوطنين الصهاينة الذي نزحوا بكثافة الى مناطق أخرى. في المقابل كان المشهد طبيعياً على طول الشريط الحدودي داخل الأراضي اللبنانية حيث سادت أجواء الفرح والاحتفال بإسقاط الطائرة.
وفي سياق ذلك، رأى وزير التعليم في كيان الاحتلال نفتالي بينت أن «معركة مقبلة مع لبنان ستشهد اطلاق أعداد كبيرة من الصواريخ على شمال إسرائيل ووسطها»، واعتبر في تصريح أن «معركة أخرى في لبنان ستؤدي إلى أضرار بالجبهة الداخلية لم يحدث مثلها منذ حرب الاستقلال»، مشدداً على ضرورة «القيام بكل شيء لمنع أي معركة مقبلة مع لبنان».
الاعتداءات الجوية «الإسرائيلية» على الأراضي السورية، كانت محط متابعة لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتشاور مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري، حيث أجرى الرئيس عون اتصالات هاتفية مع كل من الرئيسين بري والحريري الموجود خارج لبنان، وتشاور معهما في الاوضاع المستجدة، وما يمكن أن يتخذ من مواقف حيالها.
وأعلنت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان أنّ «وزير الخارجية جبران باسيل أعطى تعليماته إلى بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن بحقّ إسرائيل لإدانتها وتحذيرها من مغبة استخدامها الأجواء اللبنانية لشنّ هجمات على سورية». ودانت الخارجية اللبنانية «الغارات الّتي تعرّضت لها سورية»، مؤكّدةً على «حقّ الدفاع المشروع ضد أي اعتداء إسرائيلي».
برقية رئيس «القومي» للرئيس السوري
وأثار العدوان الصهوني على سورية ولبنان ردود فعل مستنكرة ومواقف مرحبة بالرد السوري وداعمة للجيش السوري والإنجازات التي يحققها على أكثر من جبهة ومحور.
وأبرق رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف إلى رئيس الجمهورية العربية السورية ـ القائد العام للجيش والقوات المسلحة الفريق الركن الدكتور بشار الأسد، وجاء في البرقية:
باسمي شخصياً وباسم قيادة الحزب، وعموم السوريين القوميين الاجتماعيين في الوطن وعبر الحدود، لا سيما نسور الزوبعة الذين هم في خندق واحد مع الجيش السوري، يقاتلون الإرهاب والتطرف على أرض سورية، أتوجّه إلى سيادتكم بتحية تقدير واعتزاز، لموقفكم الشجاع، وقراركم الصائب والحكيم، بالتصدّي الفعّال للعدو الصهيوني الإرهابي ولوضع حدّ لغطرسته وعربدته وهجماته التي تستهدف أرضنا وشعبنا.
إننا إذ ندين بشدة العدوان الصهيوني على سورية، نؤكد في الوقت عينه، أنّ كلّ عدوان على بلادنا سيواجه بالصمود والمقاومة، ولا ريب أننا أصحاب حق، والحق الذي تسانده القوّة سينتصر لا محال.
إنّ سورية بقيادتكم الحكيمة، وشعبها المقاوم، وجيشها الظافر، ستبقى قلعة للصمود والمقاومة، عصية على الخضوع والاستسلام، تواجه المؤامرات وتنتصر للحرية والسيادة والكرامة.
بدوره أكد عميد الإعلام في «القومي» معن حميّة وقوف «الحزب» إلى جانب الجيش السوري وكلّ قوى المقاومة والحلفاء، في موقع الدفاع عن أرضنا وشعبنا حتى القضاء الإرهاب وعلى الاحتلال والتهديدات العدوانية.
واعتبر حمية في بيان أنّ رصد الدفاعات الجوية السورية للطائرات «الإسرائيلية» المعادية وإصابة وإسقاط وإصابة عدد منها، يشكل رسالة قوية للكيان الصهيوني الغاصب ومَن يقف خلف هذا العدو. ومفاد الرسالة أنّ لدى سورية قدرات كبيرة وحاسمة، وهي موضوعة قيد الاستخدام في مواجهة العدوان. وحيّا الحزب، الجيش السوري على تصدّيه للإرهاب والعدوان، فهذا الجيش البطل بمؤازرة حلفائه، يخوض منذ سبع سنوات حرب تشرين ثانية ظافرة، وهو يحقق الإنجاز تلو الإنجاز.
من جهته، رأى حزب الله في بيان أن إسقاط الطائرة «بداية مرحلة استراتيجية جديدة تضع حداً لاستباحة الأجواء والأراضي السورية»، مؤكداً أن «تطورات اليوم تعني بشكل قاطع سقوط المعادلات القديمة».
واعتبر نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «قاعدة الاشتباك التي تبنى على الاعتداء من دون رد سقطت وبالتالي لا إمكانية لـ «إسرائيل» بأن تستخدم بعد اليوم هذه القاعدة في الاشتباك وتتجول كما تريد لتحقق أهدافها، لان رداً هنا أو هناك يمكن أن يحصل ويعطّل الاهداف «الإسرائيلية» التي تبتغيها من خلال الاشتباك».
لبنان يدخل نادي دول النفط
ومن المجال الجوي الى الأحواض النفطية في أعماق البحر المتوسط، حيث تمكن لبنان من تجاوز التهديدات «الإسرائيلية» وتحقيق خطوة جديدة متقدّمة في مسار استثمار ثروته الطبيعية من النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، وبالتالي الدخول الى نادي الدول النفطية.
وفي احتفال رسمي أُقيم في البيال الجمعة الماضي بحضور رئيس الجمهورية ومعظم الوزراء في الحكومة وممثلين عن الشركات الأجنبية الثلاث وهيئة إدارة البترول، وقع لبنان اتفاقيتي التنقيب واستخراج النفط والغاز مع تحالف ثلاث شركات وهي توتال الفرنسية وايني الايطالية ونوفوتيك الروسية في البلوكين 4 و9، وقال الرئيس ميشال عون في كلمته في ختام الحفل «لبنان دخل في التاريخ اليوم وبمرحلة جديدة، الى الذين عملوا في هذا الميدان وأوصلونا الى هذه النقطة والفضل للبنانيين. من الآن وصاعداً أصبح العمل تجارياً، أما العمل المتعب فهو الذي قمتم به أنتم أيها اللبنانيون، وخصوصاً فريق العمل الذي عمل مع الوزراء».
وأكد وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل في كلمته «حماية الملف الوطني من الفساد والعمل على منع أي تسرّب للفساد والفاسدين إليه بأي شكل من الأشكال»، و»معاهدين جميع اللبنانيين بالمحافظة على هذه الثروة وتثميرها وتحصينها للبنانيين حاضراً ومستقبلاً».
وفي وقت أشارت مصادر نيابية مطلعة على الملف لـ«البناء» إلى أن «إسرائيل أرسلت وفوداً الى الشركات الثلاث لثنيها عن توقيع الاتفاقيات مع لبنان وهددتها بملاحقتها دولياً إذا استمرت بذلك»، لفتت المصادر الى أن «الشركات رفضت المطالب والتهديدات الإسرائيلية».
وأكد أبي خليل لـ«البناء» أن «لبنان لن يفرط بحقوقه في ثروته من النفط والغاز»، مشيراً الى أن «الرقعة رقم 9 تقع ضمن المياه البحرية اللبنانية وأنها خاضعة بشكل تامّ لسيادة الدولة اللبنانية»، ولفت الى أن «لا تفاوض مع «إسرائيل» على الحقوق اللبنانية»، ولفت وزير الطاقة الى أن «لبنان ثبّت حقه من خلال توقيع الاتفاقيات مع الشركات لبدء العمل للتنقيب واستخراج النفط. وبالتالي قطع الطريق على أي محاولات لقرصنة «إسرائيلية» لحقوقنا عبر وساطة من هنا وضغوطٍ من هناك»، موضحاً أن «لبنان مستعد للوساطة الأميركية على المناطق المتنازع عليها مع العدو «الإسرائيلي» وليس على الحقوق اللبنانية المعترف بها دولياً كالبلوك النفطي رقم 9».
وقد حاول رئيس حزب «القوات» سمير جعجع التماهي مع الطروحات الأميركية والتسويق للعرض الذي حمله مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد، ودعا جعجع الحكومة الى «التداول بشكل جدي بالحلول المطروحة من قبل الموفد الأميركي للوصول إلى أفضل مخرج ممكن أن يحافظ على جميع حقوقنا الوطنية ويفتح لنا آفاق المستقبل».
أميركا للبنان: حزب الله مقابل النفط؟
وعلى وقع التصعيد العسكري في سورية وتثبيت لبنان حقوقه في النفط والغاز، يصل وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الى لبنان الخميس المقبل في اطار جولة يقوم بها الى المنطقة.
وفي موقف يستبق زيارة رئيس الدبلوماسية الأميركية الى بيروت، أعلنت وزارة الخارجية الاميركية أنه «من البديهي أن استمرار حزب الله بالنشاط خارج سلطة الدولة اللبنانية أمر غير مقبول». ولفتت إلى أن «وزير الخارجية ريكس تيلرسون سيطرح خلال جولته في المنطقة قضية حزب الله الذي يلعب دوراً مخرّباً في لبنان والمنطقة».
وربطت مصادر مطلعة لـ «البناء» بين التهديدات «الإسرائيلية» ضد لبنان وادعائها امتلاك البلوك رقم 9 وبين محاولات الولايات المتحدة مقايضة لبنان بين تقديم ضمانة بشأن الحقوق النفطية اللبنانية مقابل ممارسة لبنان الضغط على حزب الله لـ«لجمه من شن ضربات على «إسرائيل» والضغط عليه لإخراج قواته من سورية».