موسكو تؤكد: الوجود الأميركي في قاعدة «التنف» احتلال.. ودمشق ستسقط أي طائرة معادية وتنفي امتلاكها الكيماوي
وصفت الخارجية الروسية الوجود الأميركي في قاعدة التنف جنوب سورية بأنه احتلال، مشيرة إلى أن القوات الأميركية دخلت في مواجهة مفتوحة مع الجيش السوري.
وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا خلال مؤتمر صحافي لها أمس، «يستمرّ احتلال الولايات المتحدة منطقة الـ 55 كلم حول التنف، التي أصبحت منطقة آمنة لبقايا داعش»، مضيفة أن عمليات الأميركيين على الضفة الشرقية لنهر الفرات كانت تتسم بطابع استفزازي، حيث «أظهروا الولاء لحلفائهم الكرد ودخلوا تقريباً في مواجهة مفتوحة مع الجيش السوري».
وأشارت زاخاروفا إلى أن «الأميركيين كانوا يستفزّون تركيا عندما أرسلوا عبر الأراضي العراقية قوافل جديدة محمّلة بالسلاح إلى الكرد».
هذا ولفتت المتحدثة باسم الخارجية الروسية إلى أن «هيئة تحرير الشام تواصل الاستفزازات العدوانية غرب منطقة خفض التصعيد في الغوطة الشرقية، ويقومون بقصف دمشق بالهاون، ما أدّى إلى سقوط ضحايا بين المدنيين».
وفي السياق، أكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أن دمشق ستسقط أي طائرة معادية في الأجواء السورية كما أسقطت الطائرة الإسرائيلية، مشدداً على أن السماء السورية ليست مباحة أمام من وصفهم بـ»الغزاة».
تصريح المقداد هو الثاني في أقلّ من 24 ساعة لمسؤول سوري يؤكد جاهزية الجيش السوري للردّ على أي اعتداءات وانتهاكات للسيادة السورية.
وفي مؤتمر صحافي مع عدد من الإعلاميين قال المقداد إن لدى سورية منظومة دفاع جوي قادرة على الدفاع عن البلاد، مضيفاً أن «الدفاعات الجوية السورية أسقطت الكثير من الصواريخ قبل الطائرة».
المقداد نفى نفياً قاطعاً امتلاك واستخدام دمشق أسلحة كيميائية، لأنها تعدّ ذلك «جريمة أخلاقية»، مؤكداً أنه «جرى تقديم كل ما لدى سورية من مواد كيميائية إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، حيث تمّ تدميرها على بواخر وفي دول غربية».
المقداد اعتبر أن السرعة التي نفّذت فيها الغارة الأميركية على مطار الشعيرات في ريف حمص العام الماضي تدلّ على أن «البنتاغون كان على دراية بخطط المسلحين استخدام الاسلحة الكيميائية»، متهماً منظمة «الخوذ البيضاء» بالفبركة وتقديم تقارير مزوّرة، مشيراً إلى أنها «تعمل تحت سيطرة الاستخبارات المركزية الأميركية وتحظى بدعم الحكومتين البريطانية والألمانية».
من جهة ثانية اتهم المقداد واشنطن بأنها تريد إطالة أمد الحرب في سورية متحدثاً عن معلومات تشير إلى إجلاء ألف عنصر من داعش من الرقة وجنوب غرب دير الزور باتجاه المعسكرات الأميركية.
ووصف المقداد الهجوم الأميركي على القوات الشعبية شرق سورية بأنه «جريمة حرب»، مؤكداً أنه يمكن القضاء على الإرهاب في سورية حين يتوقف الدعم الأميركي والغربي للإرهابيين. وشدّد على أن «مَن قضى على الإرهاب في سورية هو الجيش السوري وحلفاؤه».
وفي موضوع عفرين أكد نائب وزير الخارجية السوري أن هذه المدينة هي جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية ولن يتم التخلي عن سنتيمتر واحد منها»، مؤكداً العمل ضدّ ما أسماه «العدوان التركي» على تلك المناطق. ودعا المقداد أهالي المنطقة من عرب وكرد إلى المواجهة.
وكان معاون وزير الخارجية السوري أيمن سوسان أكد «أن الجيش السوري لا يزال قادراً على توجيه الصفعات لكل من يستبيح السيادة السورية»، متوعّداً بـ»مفاجآت» لكل معتدٍ على سورية.
الجعفري: ملتزمون بمقرّرات سوتشي
إلى ذلك، قال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، إن المادة الثانية من ميثاق المنظمة الدولية «نصّت على احترام مبدأ المساواة في السيادة وامتناع الدول عن التهديد باستخدام القوة ضد أي بلد عضو».
الجعفري وخلال جلسة لمجلس الأمن حول سورية تساءل عمّا قام به المجلس من أجل ضمان أهداف ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة لإرساء السلام والأمن والاستقرار في العالم، في ظل تسخير الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا كل طاقاتها للنيل من سورية أرضاً وشعباً، على حد تعبيره.
الجعفري ذكّر بــ 29 قراراً نصّ على الالتزام بسيادة سورية ووحدتها وسلامتها، مضيفاً أن ميثاق الأمم المتحدة يمنع التهديد باستخدام القوة ضد أي دولة عضو في المنظمة الأممية، لكن «هناك استهتار بالميثاق وتغليب شريعة الغاب على القانون».
واعتبر الجعفري أن سورية «ليست الضحية الأولى لانتهاك ميثاق الأمم المتحدة»، مشيراً إلى تقاعس مجلس الأمن إزاء حرمان واشنطن للشعب الفلسطيني من دولته المستقلة، ثم غزو العراق وتدمير ليبيا وتغذية الإرهاب العالمي ونهب الثروات في أفريقيا.
ودأبت المجموعات المسلحة في سورية على استخدام المدنيين دروعاً بشرية، بحسب الجعفري، الذي أوضح أنه خلال العشرين يوماً الأخيرة استُهدفت دمشق بألف قذيفة.
وبحسب الجعفري فإنّ الوظيفة الحقيقية للتحالف الأميركي في بلاده هي دعم الإرهابيين، وقال إن واشنطن تدخّلت في سورية عسكرياً بقرار أحادي وفي كل مرحلة تغيّر من مبرراتها للبقاء على الأرض السورية، وهي التي قالت مؤخراً إنّها ستبقى في سورية حتى لو تمّت هزيمة داعش ولاحقاً قالت إنها تحارب إيران وروسيا وحزب الله، وتحاول أن تخلق ميليشيات متمرّدة على السيادة السورية وخلق دويلة في سورية، وأضاف «واشنطن تفكّر باستخدام السلاح النووي كما سمعنا.. وليس بعيداً أن تقول إننا في سورية لمحاربة الكائنات الفضائية القادمة من مجرّة درب التبّانة يوماً ما».
وأضاف الدبلوماسي السوري أن دعم بعض الدول للمسلحين ضد سورية «كلّف 137 مليار دولار ووثائق ويكيليكس فضحت سياسات واشنطن المعادية».
وأسف الجعفري للإحاطة التي قدّمها مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا أمام مجلس الأمن والتي لم يتطرّق فيها إلى وجود «احتلال أميركي تركي» في بلاده.
من جهته، من جانبه، قال المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا إنه تمّ الاتفاق في مؤتمر سوتشي على تشكيل اللجنة الدستورية في سورية، مضيفاً أن «هذا النشاط سيتم بأسلوب شفاف وفعال»، وأن تركيبة الدولة السورية بما في ذلك السلة الدستورية «ستكون بإرادة السوريين أنفسهم من دون ضغوط خارجية وأجندات أجنبية».
وأعلن الدبلوماسي الروسي مواصلة بلاده دعم المفاوضات السورية – السورية في جنيف، مضيفاً أن أساس الإصلاح الدستوري في سورية «النقاط الــ 12 التي تمّ التوافق عليها في سوتشي»، حيث سيقوم بتوزيع مذكرة رسمية من وثائق مجلس الأمن.
وكان دي ميستورا قال إنّ ما يجري في سورية هو «أخطر من كل ما شاهدته في أي وقت مضى»، حاثّاً كل الأطراف على «المساعدة في تخفيف العنف وتطبيق عملية خفض التصعيد».
وأضاف «يجب أن تشكل اللجنة الدستورية بما يراعي التركيبة الشعبية والعرقية السورية، والأمم المتحدة ستمضي بسرعة في هذا الاتجاه»،علماً أنه «تلقينا تطمينات من روسيا».
المبعوث الأممي إلى سورية أعلن مضيّه في العمل على السلات الأربع بــ «التركيز على تأمين مناخ آمن وهادئ»، قبل أن يتوجّه إلى ميونيخ للتشاور مع الأمين العام ومؤتمر الأمن وكذلك دعم عملية جنيف لتطبيق القرار 2254.
ميدانياً، أفادت وكالة «سانا» بأن قوات الدفاع الجوي السورية أطلقت النار، مساء الأربعاء، على طائرات استطلاع صهيونية حلقت فوق محافظة القنيطرة.
وأوضحت الوكالة السورية الرسمية أن «الدفاعات السورية تصدّت لطائرات استطلاع صهيونية خرقت الأجواء السورية فوق محافظة القنيطرة وأجبرتها على مغادرتها فوراً».
على الصعيد الميداني، أكّدت مصادر أنّ الدولة السورية رفضت طلب «وحدات حماية الشعب» دخول الجيش السوري إلى عفرين، وذلك قبل تسليم سلاحها.
يأتي ذلك بعد مفاوضات جرت بين الطرفين، في وقتٍ صرحّت فيه مصادر سورية أن تنفيذ كلام نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد حول الدفاع عن عفرين بات قاب قوسين، وتأكيد «قوات حماية الشعب» أنها لا ترفض دخول الجيش السوري إلى عفرين للدفاع عنها.
وكانت معلومات أكدت أنّ الدولة السورية دعمت «وحدات الحماية» عسكرياً وتم نقل مقاتلين للوحدات من الجزيرة إلى عفرين.
وقال مصدر إنّ ما تمّ تقديمه من الدولة السورية لعفرين أكبر بكثير مما يتم الإعلان عنه وستكشف الأيام المقبلة حجم هذا الدعم.
وقالت نائبة رئيس هيئة العلاقات الخارجية في ما يُسمّى بـ «مقاطعة عفرين» جيهان محمد إن أهالي عفرين جزء من سورية. وأكدت أن أهالي المدينة يتصدَّوْن للعدوان التركي الذي يستهدفُ كل مقومات الحياة.
وأمس دمّر مقاتلو «وحدات حماية الشعب» 4 عربات عسكرية تركية بالقرب من قرية ديوا في عفرين.