سليماني يبشّر «إسرائيل» بالمواجهة المفتوحة: نصرالله آية النصر الإلهي والثأرُ لدم العماد زوالُكم تيلرسون: لا عرض ولا تهديد… توحيد 14 آذار لعزل حزب الله أم رئاسة الحكومة معه؟

كتب المحرّر السياسي

فيما بقيت صرخة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بلا صدى في محاولة استدراج خلاف روسي سوري تحت شعار اتهام الدولة السورية بالانقلاب على نتائج سوتشي، جاء الردّ الروسي بتأكيد أولوية وقف التصعيد الأميركي الذي يهدّد بتقسيم سورية، بينما أعاد الردّ السوري الاعتبار لمضمون القرار الأممي بأولوية القيادة السورية للحوار السوري السوري، ورفض كلّ مشروع لتحويل المساهمة الأممية بمساعي الحلّ السياسي إلى مصدر للنيل من السيادة السورية والتحوّل إلى نوع من الانتداب الأجنبي. تصاعد الاهتمام بانعكاسات التضامن الروسي السوري الإيراني في مرحلة ما بعد إسقاط الدفاعات الجوية السورية للطائرة الأميركية أف16 التي تمارس عبرها «إسرائيل» العربدة في أجواء المنطقة، وتشكل بواسطتها العصا الغليظة بيد واشنطن لتأديب الخصوم وتطمين الحلفاء. وهذا التضامن بدا واضحاً في التشاور الإيراني الروسي الذي شهدته طهران على المستوى الدبلوماسي من جهة، وبتصعيد اللهجة الروسية تجاه المخاطر التي يحملها الخطاب والسلوك الأميركيين تجاه سورية، من جهة مقابلة، بينما بدا أنّ ارتباكاً من نوع آخر يأخذ في الظهور يطال ما ستفعله تركيا، الشريك الثالث لروسيا وإيران في مسار أستانة المعلّق، والمرشح لشراكة في مسار سوتشي، بعدما بدأت الخسائر التركية تقارب الخمسين قتيلاً معترف بسقوطهم رسمياً وإصابة وتدمير عشر دبابات، منذ بدء العملية التي لم تحقق بعد شيئاً جدياً من أهدافها المعلنة، سوى ما تسبّبت به من خسائر بين المدنيّين والبنى التحتية في شمال سورية، وما أسّست له من اقتراب القيادات الكردية نحو الدولة السورية، لتتولى تسلّم أمن عفرين، بينما بقي موقف دمشق يميّز بين مواجهة العدوان التركي، بما في ذلك تعزيز صيغ الحظر الجوي التي أعلنتها سورية منذ اليوم الأوّل لبدء العدوان التركي بلسان نائب وزير الخارجية الدكتور فيصل المقداد، وبين التوصل لتفاهم سياسي مع القيادات الكردية يحتاج التوصل لقراءة موحّدة للعديد من قضايا الخلاف، التي يشكل الموقف من الاحتلال الأميركي أبرزها، وحصرية السلاح تحت قيادة الدولة السورية بنداً رئيسياً من بنودها.

على مسارٍ موازٍ للارتباك في صفوف الأميركيين و«الإسرائيليين» والأتراك والقيادات الكردية في ضوء رسائل الردع السورية، والاستعصاء العسكري المتبادل الآخذ في التصاعد في معركة عفرين، إرباك متجدّد لـ«إسرائيل» ومن ورائها لأميركا، مع الآفاق المفتوحة لقراءة قيادة محور المقاومة، لموازين القوى، ومستقبل المواجهة مع «إسرائيل»، انطلاقاً من معادلات الردع المحققة، حيث شكلت مناسبة الذكرى العاشرة لاستشهاد القائد العسكري للمقاومة، عماد مغنية، مناسبة لتظهير مواقف عالية السقوف، وظهور نادر للقائد الأول لمعارك محور المقاومة قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، وسط حضور أبرز لقيادات منظمات المقاومة الفلسطينية، لتنال الرسالة مكانها ومكانتها.

إطلالة سليماني النادرة أمام الإعلام والحشود الشبابية وسط حضور قيادي إيراني مثله مستشار الشؤون الدولية لمرشد الجمهورية الإسلامية الدكتور علي ولايتي الذي تحدّث، مؤكداً أهمية انتصارات محور المقاومة في إبعاد شبح الإرهاب عن المنطقة وعواصمها، بينما شدّدت الكلمات الفلسطينية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة وحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، على معركة الوجود مع الاحتلال وعدم الالتفات لفتات المفاوضات السياسية وأولوية الاستعداد للمعركة الفاصلة التي بشّر بها الشهيد عماد مغنية وبدأ خطوتها الأولى في نصر حرب تموز 2006.

تحدث سليماني لساعة وربع الساعة، بشغف عن القائد اللبناني المقاوم، الأخ والحبيب ورفيق الدرب، كما وصفه، متحدثاً عن الخصال والعبقرية والدور والتفاني، ليرسم خطاً بيانياً واضحاً في التعبير عن رؤية محور المقاومة الذي يمثل سليماني أبرز قادته الذين تلتقي عند دورهم الميداني تحالفات روسيا وسورية وإيران من جهة، كما قالت معارك حلب ودير الزور والبوكمال، بمثل ما تلتقي قوى المقاومة، خصوصاً حزب الله والحرس الثوري وما حوله من متطوّعين، وقوى المقاومة في فلسطين، فقال لـ«الإسرائيليين»، بلغة مباشرة، إنّ المواجهة المفتوحة التي بدأت باغتيال الشهيد مغنية لم تُغلق، ولن تُغلق، وإنّ فلسطين ستعود لأهلها، ولن يطول الزمن، وإنّ زمن الانتصارات باق واسمه زمن الانتصارات، وإن قائد المقاومة السيد حسن نصرالله هو آية من آيات الله، فهو آية النصر الإلهي، وإنّ الثأر والقصاص لدم العماد ليس بصواريخ تستهدف منشآت الكيانات، أو باغتيالات تنال من قادته، بل بثمن يعادل مكانة العماد، وهو زوال الكيان المحتلّ واستئصاله واجتثاثه.

بالتزامن مع كلام سليماني المفصلي والشديد الوضوح، كان التلعثم والترنّح سمة الكلمات التي نطق بها وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في الزيارة التي رتّبت أغلب سيناريوات التصعيد «الإسرائيلي» تمهيداً لها لتكون محطة الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، من مدخل الثروة النفطية اللبنانية، ومصير ترسيم الحدود البرية والمائية، أملاً بأن تكون رسائل الردع «الإسرائيلية» فعلت فعلها، بإضعاف الموقف التفاوضي اللبناني، أو على الأقلّ شقّ صفوف القيادات اللبنانية، لكن حدث ما حدث، ونجح محور المقاومة عبر ما فعلته الإرداة السورية في الأجواء اللبنانية بتحطيم أسطورة الـ»أف16» الأميركية التي تهيمن عبرها «إسرائيل» على أجواء المنطقة، فتغيّر الخطاب، وضاعت الكلمات، ولم يظهر أنّ تيلرسون جاء بعرض محدّد، أو حمل تهديداً، بل اكتفى بقول تمنيات، تنحصر بالدعوة للتهدئة وتغليب الفرص أمام الحلول السياسية، مجدّداً استعداد حكومته للمساعدة، ليسمع موقفاً واضحاً ثابتاً مُجمَعاً عليه، عنوانه حقوقنا ثابتة وليست موضوعاً للتفاوض، وللتهدئة باب واحد، الضغط على «إسرائيل» لعدم ارتكاب أيّ حماقة تفتح باب مواجهة لا يريدها لبنان، لكنه لن يدفع ثمن تفاديها من حقوقه وسيادته.

وجد تيلرسون مهمة فرعية لزيارته تمثّلت بجسّ نبض رئيس الحكومة سعد الحريري، في فرص توحيد جماعة 14 آذار في الانتخابات النيابية المقبلة، على قاعدة أنّ الأولوية الأميركية هي عزل حزب الله وأنّ هذا ما يجب على حلفائها أن يفعلوه، وأنّ هذا يساعد في تحييد لبنان عن نتائج الاستهداف الأميركي لحزب الله، ليواجَه بمعادلة الحريري القائمة على ثنائية السعي للاستقرار والعودة لرئاسة الحكومة، وما يستدعيناه من العمل مع حزب الله كمكوّن مشارك في العملية السياسية وفقاً لوصف تيلرسون، من عمان قبل وصوله إلى بيروت، واستحالة الجمع بين هدفَيْ عزل حزب الله من جهة، وتحقيق الاستقرار والعودة لرئاسة الحكومة من جهة مقابلة، لينتهي الاجتماع بكونه تشاورياً لا تقريرياً.

النقاط على حروف أحداث وتكوّرات لبنان والمنطقة ينتظرها الجميع اليوم في خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى الشهداء القادة، سواء ما يتصل بمعادلات الردع الجديدة، أو بالتعامل مع التهديدات «الإسرائيلية» والوساطة الأميركية من بوابة ثروة لبنان النفطية، أو ما يخصّ الانتخابات النيابية المقبلة.

رسائل لبنان إلى البيت الأبيض…

من دون رُسلٍ وموفدين حَمّلَ الرؤساء الثلاثة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون رسائل حاسمة إزاء الملفات المطروحة لإيصالها الى الإدارة الأميركية في البيت الأبيض، كما قال النائب وليد جنبلاط خلال زيارته بعبدا أمس.

وأبلغ لبنان الرسمي رئيس الدبلوماسية الأميركية الموقف الذي تمّ الاتفاق عليه في اللقاء الرئاسي في بعبدا الاثنين الماضي، وأكد حقوقه في البرِّ والبحر وتمسكه بحدوده المعترف بها دولياً ورفضه ادعاءات الكيان الصهيوني ملكية أجزاء من المنطقة الاقتصادية الخالصة في المياه اللبنانية، طالباً من الولايات المتحدة الضغط على حليفتها «إسرائيل» لوقف اعتداءاتها وتهديداتها ضد لبنان والالتزام بتنفيذ القرار الدولي الرقم 1701.

أما تيلرسون فلم يقدّم عروضاً وطروحاتٍ جديدة خلال مباحثاته مع المسؤولين اللبنانيين ولم يَفرض على لبنان أي تنازلات، بل كرّر بحسب مصادر «البناء» عروض نائبه دايفيد ساترفيلد الموجود في بيروت منذ أسبوع مضمونها ضرورة بذل الجهود لإيجاد تسوية للنزاع القائم على الحدود البرية وفي المياه الإقليمية وتقاسم البلوك رقم 9 بين لبنان و«إسرائيل»، غير أن المسؤولين اللبنانيين رفضوا أي عرضٍ يمسّ بالحقوق اللبنانية المعترَف بها دولياً ورفض أي خطوة «إسرائيلية» في النقاط المتنازَع عليها واعتبارها عدواناً سيتمّ الردّ عليه». أما اللافت هو التناقض كما عبّر وزير الداخلية نهاد المشنوق، بين تصريح المسؤول الأميركي في الأردن عن حزب الله الذي اعتبره شريكاً في العملية السياسية اللبنانية وبين تصريحه من السراي الحكومي في بيروت الذي حمل هجوماً لاذعاً على الحزب، واصفاً إياه بالإرهابي.

وتُعَدُّ زيارة تيلرسون أول حضور دبلوماسي أميركي في بيروت على هذا المستوى لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتأتي في ظل تصعيد إقليمي ودولي. وتحرص الولايات المتحدة في هذا الإطار على أن تُبقي لبنان منصة سياسية وإعلامية لها في المنطقة وتستغلّ النزاعات القائمة بين لبنان والكيان الصهيوني لادعاء الوساطة وفضّ النزاع في الوقت الذي تُغلّب واشنطن في النيات والأهداف المصالح «الإسرائيلية» تحت عنوان الوساطة، وبقدر ما ترفع الزيارة من وتيرة الاشتباك بين الولايات المتحدة وحزب الله بقدر ما أكدت على الاستقرار في لبنان الذي يبدو أنّه لا يزال يشكّل مصلحة لمختلف الأطراف الإقليمية المشتبكة.

في بعبدا

ومن بعبدا دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الولايات المتحدة إلى «منع إسرائيل من استمرار اعتداءاتها على السيادة اللبنانية البرّية والبحرية والجوية والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 حفاظاً على استقرار الجنوب»، وشدّد خلال لقائه تيلرسون على «تمسّك لبنان بحدوده المعترَف بها دولياً»، ورفضه «ادعاءات إسرائيل بملكية أجزاء من المنطقة الاقتصادية الخالصة في المياه اللبنانية». كما وشدّد عون على «التزام لبنان الهدوء على الحدود الجنوبية وأنّه لا يريد الحرب مع أحد وأنّه ملتزم سياسة النأي بالنفس التزاماً تاماً ولا يتدخّل في الشؤون الداخلية للدول، لكنّه غير مسؤول عما يحدُث من تدخّلات من خارجه لعدم القدرة على التأثير في ذلك».

وكان تيلرسون قد وصل مطار بيروت صباح أمس من دون أن يستقبله وزير الخارجية اللبنانية وفقاً لمبدأ التعامل بالمثل، وكانت بعبدا المحطة الأولى للزائر الأميركي، حيث تأخّر رئيس الجمهورية على ضيفه بضع دقائق بدا الأمر وكأنه مقصود، بينما أشارت مصادر إلى أن «السبب هو تأخر الوزير جبران باسيل عن الوصول الى القصر بسبب زحمة السير». لكن المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية سارع الى توضيح الموقف عازياً السبب الى البروتوكول المعتمد في مثل هذه الزيارات، وأشار في بيان الى أن «الوزير الضيف حرص على التدوين في سجل التشريفات شكره على الاستقبال الحار الذي لقيه في قصر بعبدا».

… وفي عين التينة

واستحضر رئيس مجلس النواب نبيه بري، في عين التينة ، أمام ضيفه الخروق اليومية «الإسرائيلية»، مشدّداً على عمل اللجنة الثلاثية التي تُعقَد دورياً في الناقورة وتجربتِها في الخط الأزرق لاستكمالها في الترسيم البحري، كما أكد برّي «ألا داعي لمزيد من الإجراءات تجاه لبنان الذي صادق مجلسُه النيابي على تشريعات مالية ونقدية ومصرفية وفق المعايير العالمية».

… وفي السراي الحكومي

الوزير الأميركي الذي صمت دهراً في بعبدا وعين التينة، نطق كُفراً في السراي الحكومي بعد أن أجرى مباحثاتٍ مع رئيس الحكومة سعد الحريري استمرّت ساعة ونصف الساعة، حيث أشار الى أن «بلاده «تعتبر حزب الله منظمة إرهابية ولا نقبل أي فرق بين أذرعته العسكرية والسياسية، ومن غير المقبول أن تتصرّف ميليشيات كحزب الله خارج نطاق القانون». فـ»الحكومة والجيش اللبناني هو الوحيد المدافع عن السيادة اللبنانية». وكما كان متوقعاً فقد حاول تحريض اللبنانيين على الحزب والتمييز بينه وبين الشعب اللبناني، وقال: «على الشعب اللبناني أن يشعر بالقلق من حزب الله، فتنامي ترسانته وتورّطه في الصراعات الإقليمية يهدّدان أمن لبنان».

أما ما أثار الاستغراب فهو تجاهل الحريري كلام تيلرسون ضد مكوّنٍ أساسي في حكومته، وأشار الحريري الى أن «قطاع المصارف متين وسليم وأن لبنان يلتزم القرارات الدولية ويلتزم الـ1701، مشيراً إلى «أننا مصرّون على الإبقاء على أفضل العلاقات مع الدول العربية».

مجلس الوزراء

وحضرت زيارة تيلرسون على طاولة مجلس الوزراء في جلسته التي عُقدت أمس في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس الحكومة. وأطلع عون المجلس على نتائج المباحثات مع الجانب الأميركي الذي كان متفهّماً موقف لبنان من موضوعي الجدار الإسمنتي والحدود البحرية، كاشفاً عن «اقتراحات عدة سيتم التداول بشأنها». وأبدت مصادر استغرابها لعدم صدور بيان رسمي من الحكومة تدين التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية والهجوم على أحد مكوّناتها، غير أن مصادر وزارية أوضحت لـ «البناء» أن الموضوع لم يطرح على جدول الأعمال وتمّ الاكتفاء بالموقف الرسمي.

وردّ بعض الوزراء قبيل الجلسة على الكلام الأميركي حيث اعتبر الوزير علي قانصو أن «كلام تيلرسون قديم، ودليل على أن العنوان الأساسي من الزيارة هو التحريض والتعبئة ضد حزب الله، وما عدا ذلك يتصل بشكل وبآخر بهذا الاستهداف، وكأنه أراد أن يضع اللبنانيين بين خيارين: إما التخلي عن جزء من حقوقهم بأرضهم ومياههم أو التخلي عن مقاومتهم، ولبنان لن يتخلى عن الاثنتين. وهذا ما أبلغ به من المسؤولين جميعاً، والمهم في الموقف اللبناني هذا الإجماع من الرؤساء على التمسك بحقوق لبنان كاملة في البحر والبر، ولبنان قويّ الى حد إنه قادر على الوصول إلى حقوقه، معتمداً على معادلة الجيش والشعب والمقاومة».

وأشار وزير الشباب والرياضة محمد فنيش الى أن «آخر مَن يحقّ له الكلام عن الإرهاب هو الولايات المتحدة الاميركية، لان الإدارة الأميركية هي من اوجدت الإرهاب في اميركا اللاتينية وهذا أمر موثق، وكذلك هي التي ترعى الإرهاب الإسرائيلي في فلسطين وتحتضنه وهي مَن أوجد داعش والنصرة ورعتهما في العراق وسورية. وهي موجودة في سورية كقوة احتلال لأنه لا مسوّغ قانوني لوجودها. وهي تحقد على المقاومة لأنها لا تريدنا أن ندافع عن أنفسنا وحقوقنا بوجه هذا الإرهاب».

وأشار فنيش لـ «البناء» الى أن «حزب الله يكتفي بالموقف الرسمي الذي أبلغه الرؤساء الثلاثة للمسؤول الأميركي لا سيما موقف الرئيس عون الذي شدّد على أن ذاكرة الجنوبيين لا تنسى الاعتداءات الإسرائيلية والمجازر خلال عدوان تموز 2006 وعناقيد الغضب 1996 وكل الاعتداءات ومن حقهم الدفاع عن أنفسهم أمام أي عدوان جديد». وأوضح فنيش أن «الموقف الرسمي أفضل ردٍ على الكلام الأميركي القديم الجديد الذي نعتبره تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية اللبنانية الى جانب البيان الوزاري الذي يؤكد دور الجيش والشعب والمقاومة في ردع العدوان»، مشيراً الى أن «أميركا دائماً تحاول تمرير الرسائل لمحور المقاومة وتعمل على تحريض قوى داخلية للتهجّم على المقاومة وتخفيف الضغط عن إسرائيل»، داعياً «بعض القوى في الداخل إلى عدم الوقوع في الفخ الأميركي والرهان على مشاريع واشنطن التي تتهاوى في المنطقة وتتخلّى عن حلفائها في دول عدة».

وأكد فنيش أن «لبنان غير معني بأي وساطة أميركية للتنازل عن حقوقه، والمقاومة وحزب الله يقفان خلف الدولة والجيش في المواجهة ضد أي عدوان»، موضحاً في المقابل أن «لبنان مستعدٌ لإجراء مفاوضات عبر الامم المتحدة لحماية حدوده وحفظ حقوقه، لكن لا يقبل أي إملاءات خارجية من اي جهة أتت».

… ونصرالله يردّ اليوم

ووسط هذا المشهد الإقليمي التصعيدي وأجواء التوتر على الحدود مع فلسطين المحتلة، تترقّب الأوساط الداخلية والخارجية لا سيما قيادة العدو «الإسرائيلي» السياسية والعسكرية المواقف التي سيطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى الشهداء القادة خلال احتفال يقيمه الحزب عصر اليوم في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية.

وسيتطرق السيد نصرالله بحسب ما علمت «البناء» في الفقرة الأولى من الخطاب الى مسيرة القادة الشهداء في إنشاء المقاومة وتحقيق الانتصارات في العام 2000 و2006 والتأسيس للانتصارات التي تحققت على الإرهاب في لبنان وسورية والمنطقة.

كما سيتناول عناوين النزاع بين الحزب والولايات المتحدة من ملفّ العقوبات على الحزب واتهامه بالإرهاب والاتجار بالمخدرات وسيردّ على اتهامات تيرلسون، الى جانب ملفات النزاع مع الكيان الصهيوني كالنفط والجدار الإسمنتي ومحاولة «إسرائيل» تحويل الخط الأزرق الى خط حدود، وسيجدّد تأكيد دور المقاومة في حماية الأرض والثروة النفطية ووقوفها خلف الدولة والجيش في أي قرارات تتخذها في أي مواجهة عسكرية مقبلة، كما سيردّ على التهديدات الإسرائيلية للحزب التي أخذت مؤخراً أبعاداً وأشكالاً جديدة من الحديث عن مصانع الصواريخ إلى السلاح الكاسر للتوازن.

أما العنوان الأبرز، بحسب المصادر، فهو التطورات الإقليمية لا سيما المواجهة الأخيرة بين «إسرائيل» والجيش السوري وإسقاط الطائرة f16 وما سيرتّبه هذا الحدث من تعديل في قواعد الاشتباك وموازين القوى مع «إسرائيل» في ضوء المتغيرات في سورية ودخول الصراع مرحلة جديدة.

وفي الشأن الداخلي سيُثني السيد نصرالله على التوافق الرئاسي والموقف الرسمي الموحّد إزاء التحديات والتطورات الأخيرة وسيدعو الى الحفاظ على الاستقرار الداخلي وإنجاز الاستحقاق الانتخابي على أن يحدد موعداً قريباً لإعلان مرشحي حزب الله في مختلف الدوائر. في وقتٍ أكد الشيخ نعيم قاسم أن «الحزب حسم خياره بترشيح اللواء جميل السيد على لائحة كتلة الوفاء للمقاومة في بعلبك الهرمل »، بينما قالت مصادر حركة أمل بأن «الحركة ستعلن أسماء كل المرشحين خلال الأسبوع المقبل».

شعاران «حريريّان» للحملة الانتخابية

داخلياً، برزت المواقف التي أطلقها الرئيس الحريري في ذكرى 14 شباط في احتفال أقامه تيار المستقبل في البيال، الأربعاء الماضي، حيث حدّد رئيس «التيار» شعارين لحملته الانتخابية، الأول: «الإفلاس المالي الانتخابي»، والثاني: «لا للتحالف مع حزب الله».

وفي حين غصّت القاعة بمناصري «التيار الأزرق» خلت من قيادات الصفّ الأول في «14 آذار»، لا سيما الرئيس أمين الجميل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ما يؤشر إلى تعثّر مساعي المصالحة والتحالف الانتخابي بين «التيار» و«القوات»، رغم تأكيد وزير الإعلام ملحم رياشي أمس، بأن العلاقة جيدة وأن هناك لقاء قريباً بين «الحكيم» و«الحريري»، كما ظهر رفض «الشارع الأزرق» لـ «الآذاريين» الذين تآمروا على الحريري خلال اعتقاله في السعودية، بحسب أوساط «التيار»، حيث شوهدوا وهم يخرجون من القاعة بسبب «عدم معاملتهم بلياقة»، كما عبّر عدد منهم لا سيما النائب نديم الجميل وميشال معوّض ومي شدياق.

ووصفت مصادر في 8 آذار خطاب الحريري بالتهدوي، ولفتت لـ «البناء» الى أن «شعار لا للتحالف مع حزب الله الذي أطلقه الحريري هو جزء من عدة الشغل الانتخابية لتجييش وتحشيد الجمهور ويندرج في إطار المزايدات بين المستقبل وخصومه في البيت الواحد لا سيما اللواء أشرف ريفي الذي وجّه له الحريري انتقادات عدة في خطابه». ولفتت المصادر الى أن «مضمون الخطاب يؤكد على الاستمرار في المعادلة الداخلية القائمة والتسوية الرئاسية والحكومية».

ومن جهة ثانية، وبعد أن حُسم التحالف بين «المستقبل» و«الحزب الاشتراكي» يبدو أن التحالف بين «الاشتراكي» والتيار الوطني الحر لم يُحسَم بعد، حيث أعلن النائب جنبلاط خلال لقائه الرئيس عون في بعبدا أنه «ينتظر إنهاء الترشيحات لإعلان التحالفات، وإذا لم يكن هناك تحالفات فليحصل تنافس، ولا خوف على الانتخابات، الانتخابات ستحصل في موعدها».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى