تقرير إخباري
تقرير إخباري
الانتخابات التشريعة في ميزان «نداء تونس» العلماني و«النهضة» الإسلامي
هل ترسم تجربة السبسي التحالفات المقبلة؟
ناديا شحادة
تجري الانتخابات التشريعة التونسية في ظروف اقتصادية واجتماعية وأمنية دقيقة، وستكون نتائجها أحد أهم المؤشرات على شعبية الأطراف التي ستخوضها. لذلك، يسعى كل طرف إلى إثبات وجوده عبر كسب أكثر ما يمكن من الأصوات. ويرى المتابع للأحداث في تونس أن الانتخابات التشريعة جاءت حاملة لمتغيرات كثيرة، أهمها ظهور حزب «نداء تونس» العلماني بزعامة الباجي قائد السبسي بقوة على الساحة السياسية، وهو يعتبر المنافس الأقوى لحركة النهضة الإسلامية. ويراهن حزب حركة نداء تونس كحزب النهضة على الفوز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية، وإنّ نجاح أحدهما في حصد هذه الأغلبية سيكون محدداً في رسم التحالفات الحكومية المقبلة وفي رسم المسار السياسي للبلاد طيلة السنوات الخمس المقبلة.
هذا الرهان جعل من زعيمي النداء والنهضة ينزلان بثقلهما إعلامياً وميدانياً وسياسياً ويضعا خطة انتخابية كاملة تتماشى مع متطلبات المرحلة الانتخابية وضروراتها ومقتضياتها كما يقدرها كل منهما.
ويعلم الباجي قائد السبسي، الذي استطاع أن يحيي في التونسيين تونسيتهم وأن يشعرهم أنه البديل للضيق الذي يشعرون به واليأس الذي أحاط بهم في أكثر من محطة خلال السنتين الأخيرتين، أن أغلبية القاعدة الشعبية الانتخابية المتعاطفة مع حزبه والتي ستصوت له خلال الانتخابات التشريعية هي في الأساس تلك التي تعتبر نداء تونس بديلاً عن حركة النهضة الإخوانية. فهذا المعطى لم يغب عن الخطاب الانتخابي لقائد السبسي، ولذلك أعلن في خطاباته أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة تشكل موعداً فاصلاً بين عهدين سيقضي إما بالرجوع بالبلاد الى الوراء أو باستئناف مسيرة البناء والإصلاح والتقدم.
والعهدان اللذان يشير إليهما السبسي في خطاباته هما عهد الترويكا والإسلام السياسي الذي يمثل وفق تقديراته عهد التأخر والعودة الى الخلف والذي أثبت فشله، في مقابل العهد البورقيبي الذي أسماه بالمشروع الوطني والإصلاحي التقدمي وبناء الدولة المدنية وإعادة الدولة التونسية الى ما كانت عليه من نجاح، تلك الدولة التي ضحى من أجلها المناضلون والزعماء، والمشروع الذي سيعيد الأمن للمواطن والهيبة للدولة والازدهار للاقتصاد .
ويرى مراقبون أن السبسي يضع الناخب أمام مسؤولية حسن الاختيار بين هذين العهدين من منطلق أهمية الانتخابات المقبلة وخطورتها كما جاء على لسانه.
ويشدد السبسي في خطابات حملته الانتخابية على أن نداء تونس ليس له نفس المرجعيات مثل حركة النهضة أو سواها، وأنهم مع النهضة من ناحية التعايش، ولم يذكر أبداً التحالف، ويحاول المحافظة على القاعدة الشعبية التي التفت حول حزبه طيلة السنتين الماضيتين على أساس أنه بديل للترويكا التي أثبتت فشلها. ويحاول إيصال رسالة للناخب مفادها أن كل صوت له أهميته، ولذلك يجب على التونسي أن يحسن الاختيار وألا ينساق وراء الوعود الكاذبة. ولا يفوت رئيس نداء تونس الفرصة بدون أن يذكر زعيم حركة النهضة بأنه هو من ذكره على الملأ بضرورة التحرك لإنقاذ البلاد عبر الانخراط في الإجماع الوطني القاضي باستقالة حكومة الترويكا، وإن التغيير الحاصل نسبياً في الخط السياسي لحركة النهضة وإبعاد الأخيرة لبعض المتشددين ينم عن وعي الغنوشي بنصائحه. والسبسي بذلك لن يكون وفق تقديراته صاحب فضل في إعادة التوازن السياسي في المشهد من خلال حركة نداء تونس فقط، وإنما أيضاً في التطور الظاهر في خطاب النهضة وفي سياسات زعيمها راشد الغنوشي.
فهل سيحقق الباجي قائد السبسي الذي يعتمد في تجربته على شعار الصدق في القول والإخلاص في العمل، الذي كان شعار بورقيبة والحزب الدستوري الجديد، طموح الشعب التونسي وأحلامه في الديمقراطية ويحمل حلولاً اجتماعية ويثبت مشروعه الديمقراطي المدني ويعود بتونس إلى عهد بورقيبة الاستقلالي ويتحرر من ميراث بن علي؟