الرفيقان التوأم بلدة وحزباً ومصرفاً والتزاماً نهضوياً… مأمون منصور وسمير جواد
الحديث عن مشغرة يطول، فهذه البلدة شهدت حضوراً حزبياً ناشطاً منذ أن وضع الأمين عساف ابو مراد المدماك الاول في بناء الحضور القومي الاجتماعي في البقاع الغربي، ثم تتالت الانتماءات بدءاً من الأمناء: عبد الله محسن، إميل رفول، شفيق ناصيف والرفقاء عبد الله مزاحم، محمد أمين منصور.
عن مشغرة يصح أن يُكتب الكثير. كم اتصلت برفقاء فيها ودعوتهم للكتابة كي يبقى تاريخ العمل الحزبي فيها بتصرف الأجيال، رفقاء ومواطنين.
يؤسفنا أن الأمناء الذين يملكون المعلومات، وكفاءة، لتدوين تاريخ العمل الحزبي في مشغرة، أبرزهم الامناء المذكورين آنفاً، والأمين الصحافي والمناضل محمود غزالي، لم يتمكنوا لظروف متفرقة من كتابة مذكراتهم أو لتدوين معلوماتهم ومسيراتهم الحزبية.
في نبذات سابقة نشرنا ما يفيد تاريخ الحزب في مشغرة وفي النبذة المرفقة نحكي عن رفيقين من ابنائها، عرفتهما جيداً وأرغب، وفاءً لذكراهما، أن يكون لهما حضورهما في ذاكرة الحزب في بلدة مشغرة على أمل أن يحصل الاهتمام لجهة انجاز تاريخ العمل الحزبي فيها، فيكون لشهدائنا في مشغرة، للرفقاء المناضلين، لمعاركها ولمواقف العز فيها، حضورهم المستمر في الذاكرة والوجدان.
الرفيق مأمون منصور
عندما توليتُ مسؤولية بيروت الكبرى 1 عضواً في مفوضية لبنان مع الرفيق الشهيد لاحقاً جوزف رزق الله، كان الرفيق مأمون منصور من أوائل الرفقاء الذين انضموا إلى العمل، اسوة بالرفيق الأمين لاحقاً عبد المسيح طرزي، كنا ثلاثتنا نتعاون في ترتيب العمل الحزبي بعد شهر من حصول الثورة الانقلابية.
منذ ذلك الوقت استمرت علاقتي جيدة مع الرفيق مأمون، وبالتالي مع أشقائه الرفقاء: أمين، وابراهيم واسامة، ومع الرفقاء من أنسبائه أخص بالذكر الرفقاء نظير، نبيل، ومحمد مهدي، حسن فخر الدين.
وعندما اضطر الرفيق رفعت عسيران 2 للمغادرة إلى لندن وكان عضواً عن القوميين الاجتماعيين في مجلس نقابة المصارف، حلّ الرفيق مأمون منصور بديلاً، وتمّ انتخابه بنسبة عالية من الأصوات بفضل الدعم الذي قدمه صاحب البنك، نسيبه الرفيق الوزير السابق حسين منصور، والعدد الكبير من الرفقاء المنتشرين في معظم مصارف لبنان، وقد أتينا على ذكرهم في نبذة سابقة.
كان للرفيق مأمون حضوره المتقدم في بنك بيروت الرياض وعلى صعيد نقابة المصارف وفي كل عمل يقوم به، يساعده في ذلك تمتعه بدماثة الأخلاق وحسن تعاطيه، ونجاحه في العلاقات العامة.
استمر الرفيق مأمون في حضوره الجيد، متجاوباً مع كل واجب حزبي، في بلدة مشغرة، كما في بيروت ومركز الحزب، إلى ان وقع فريسة الداء البشع الذي راح يقتات من عافيته إلى أن تمكن منه، فخسرناه، حزباً وبلدة ومصرفاً، اذ كان الرفيق مأمون، بحق، القلب النابض في محيطه، وصاحب الحركة الدائمة.
بعض من سيرة:
ـ ولد الرفيق مأمون منصور عام 1941، والده محمد كان من أوائل رفقائنا في مشغرة 3 ، اشقاؤه الرفقاء أمين، ابراهيم، اسامة، والمواطنان علي ورابح.
ـ اقترن من السيدة سميرة العكاري، انما لم يرزقا اولاداً.
ـ وافته المنية في 24/6/1997 بعد ان جابه المرض الخبيث بجرأة نادرة، فشيّع في بلدته مشغرة وسط حشد فاق بعظمته المأتم الذي أقيم للوزير والنائب حسين منصور، كما يروي ابناء مشغرة.
الرفيق سمير جواد
كان من النادر ان نتحدث عن الرفيق مأمون منصور، فلا نذكر معه الرفيقين نظير مهدي 4 الذي نرجو له استمرار العافية – وسمير جواد، المتلازمين بلدة وحزباً ومصرفاً.
عرفت الرفيق سمير منذ الستينات، كان رفيقاً رائعاً، صدقاً ووفاء وتفانياً ووعياً، وعرفت اشقاءه، ومن بينهم الرفيق محمد 5 ، والرفيق الشهيد محسن.
كان مسؤولاً في بنك بيروت الرياض قسم الحسابات الجارية. اشتهر بذاكرته القوية. اذ فيما كان يحتاج موظفو هذا القسم إلى مراجعة نماذج تواقيع الزبائن specimen مودعي الأموال، عن صحة التوقيع على أي من الشيكات قبل صرف قيمته، كان الرفيق سمير يكتفي بالنظر إلى توقيع الزبون، من بين آلاف التواقيع، ليضع اشارته على الشيك ويحيله إلى الصندوق لصرف المبلغ.
كنت على تواصل مستمر معه، ارتاح إلى نفسيته والى ما يتمتع به من فضائل الالتزام القومي الاجتماعي، لذا عندما رغب الي الأمين عصام محايري أن اتوجه إلى دمشق، وكان أصبح رئيساً مؤقتاً للحزب 6 فيما كنت رئيساً لمكتب الطلبة، عضواً في اللجنة المركزية برئاسة الأمين عبدالله محسن، لم أجد افضل من الرفيق سمير جواد دليلاً إلى مدينة لم أكن قد توجهت إليها قبل ذلك، فكيف الوصول إلى منزل الأمين عصام محايري، وفي أوضاع أمنية شاذة بالنسبة للحزب في تلك الفترة من أواسط الستينات.
بعد انتهاء زيارتي للأمين عصام، انتقلت والرفيق سمير إلى منزل احد اقربائه في دمشق لتمضية الليل، فالعودة إلى بيروت في اليوم التالي.
كان الرفيق سمير، لتمتعه بأخلاق النهضة، محط ثقة لدي، لذا عندما توليت مسؤولية رئيس مكتب عبر الحدود بعد العفو عام 1969، كان عنوان الرفيق سمير في المصرف من بين العناوين التي استفدنا منها لتلقي الرسائل الواردة من فروع ورفقاء عبر الحدود 7 .
عن الرفيق سمير جواد
ـ والده ابراهيم قاسم جواد
ـ اقترن من السيدة امل مولى ورزق منها، طارق، رائد، وتمارا.
ـ قضى نحبه بتاريخ 5/8/1984.
هذا الرفيق الرائع أصيب بالداء الخبيث، أو ربما هكذا خيّل له بعد زيارات إلى أطباء. لم يحتمل أن يتعذب، كما زميله وصديقه ورفيقه مأمون منصور أو يعذب عقيلته وأهله، فوضع ذات ليلة حداً لآلامه، والتحق بشقيقه محسن، الضابط الجمركي الذي كان خُطف وصفيّ في ذلك اليوم الاسود.
لعلني إذ اذكرهما أقدم لروح كل منهما بعضاً من وفاء. عرفتهما جيداً. وأحببتهما، فقد كانا قوميان حقيقيان.
هوامش
1 نشرت عن تلك المرحلة تفصيلاً. لمن يرغب في الاطلاع، الدخول إلى قسم «من تاريخنا» على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info.
2 رفعت عسيران: من صيدا، نشط حزبياً منذ الخمسينات وتولى مسؤوليات في الستينات، وما زال عند ايمانه بالقضية السورية القومية الاجتماعية. كنت نشرتُ عن «نقابة المصارف» وانتخاب الرفيق رفعت عسيران عضواً فيها. مراجعة الموقع المذكور آنفاً.
3 محمد منصور: المعروف ان سعاده عندما زار مشغرة اجتمع بالرفقاء في منزل الرفيق محمد أمين منصور الذي يقع في الحارة التحتا، حي الساحة. لا يزال هذا المنزل قائماً، وفيه غرفة معروفة لدى الرفقاء وأهالي مشغرة المقرّبين باسم «غرفة الزعيم».
4 نظير مهدي: عرفته منذ الستينات موظفاً في بنك بيروت الرياض، وناشطاً حزبياً. كنت اتردد كثيراً في سنوات العمل السري إلى فرع المصرف في الناحية الجنوبية من ساحة الشهداء. البناء لم يعد قائماً.
5 محمد جواد: شارك في الثورة الانقلابية. بعد خروجه من الاسر، غادر إلى استراليا حيث ما زال مقيماً.
6 كانت الادارة الحزبية المؤقتة في الاردن قد انتخبت الأمين عصام المحايري بعد خروجه من الاسر جراء الحكم عليه بحادث اغتيال العقيد عدنان المالكي، وحلّت نفسها.
7 عن الرسائل الواردة من فروع رفقاء عبر الحدود: كنت اعتمدت عنواناً لاحد الرفقاء في مصارف، او في الجامعة الاميركية، او في مؤسسات للفروع، والرفقاء في كل من القارات الخمس.