مصطفى درويش: أميركا لن تدخل حرباً من أجل تركيا والتصريحات النّارية لأردوغان جماهيرية
حاوره سعد الله الخليل
خمسة وثلاثون يوماً مرّوا على حصار «داعش» لمدينة عين عرب ولا تزال المدينة صامدة. ومع انتقال وحدات الحماية من الدفاع إلى الهجوم اضطرت مجموعات «داعش» لتغيير تكتيكها باستهداف المدينة، يشهد الشارع التركي غلياناً منقطع النظير أدى إلى خروج 45 مدينة من يد السلطات التركية، في ظلّ تخوف أنقرة من إعلان حزب العمال وقائده عبد الله أوجلان إنهاء العملية السياسية والعودة إلى العمل المسلح.
ولاستيضاح المزيد حول ما يجري، كان لـ «البناء» لقاء مع الإعلامي السوري مصطفى درويش، الذي رأى «أنّ أهالي مدينة عين عرب كوباني ووحدات الحماية الشعبية وحماية المرأة يخوضون مقاومة شرسة ضدّ الإرهابيين، وقد أثبتوا من خلال الدفاع عن المدنيين والوطن ضدّ قوى الهيمنة الإرهابية كتنظيم داعش وأخواته وداعميه تشبثهم بالأرض». وأكد درويش «أنّ الأوضاع الميدانية يمكن اعتبارها جيدة نسبياً، لكنّ قوى الإرهاب لا تزال تحاول دخول المدينة لكنها اندحرت منذ خمسة أيام، وباتت مبادرة الهجوم في يد المقاتلين الأكراد ووحدات الحماية الشعبية». وأضاف: «لا تزال المدينة تشهد بعض الاشتباكات بخاصة في القسم الشرقي، حيث تسيطر وحدات الحماية الشعبية على 85 في المئة من المدينة، ما اضطر الإرهابيين إلى اتباع أساليب جديدة في محاولة اقتحام المدينة بعد يأسهم من إمكانية الدخول إليها، كمحاولة إدخال عشرات السيارات المفخخة المصفحة لتفجيرها».
ولفت درويش إلى «أنّ المجموعات الإرهابية كانت تسيطر على تلة مشتى نور وتضرب بالدبابات والمدفعية والأسلحة الثقيلة التي لم تصمد، في وجه إرادة مقاتلي كوباني رغم أنهم يقاتلون بالأسلحة الخفيفة.
اندحار «داعش»
وأكد درويش الأخبار التي تحدثت عن نقل داعش جثث مقاتليها بالعشرات إلى مستشفى في تل أبيض، وانقلاب الموازين في اتجاه إعادة وحدات الحماية السيطرة على المدينة. وقال: «وصلتنا أنباء عن خلافات كبيرة بين قوى داعش وبعض المتعاونين معهم حول الأعداد الكبيرة من الجثث ومن المقاتلين الذين يسقطون كل يوم سواء من جراء القصف الجوي من التحالف الدولي العربي أو نتيجة للمواجهات والاشتباكات بينهم وبين وحدات الحماية الشعبية».
وقال درويش: «ليست لداعش أطماع في عين عرب، وقد بات معروفاً للجميع أنّ التنظيم يقاتل بالنيابة عن تركيا، وهو يستمد قوته وأسلحته من تركيا وحتى جرحاه يعالجون في تركيا».
وعن مكانة عين عرب في المشهد الكردي ومبررات استهدافها، لفت درويش إلى «أنّ تلك المدينة انطلقت منها الثورة الكردية للحفاظ على المناطق والمدن الكردية وما تسمى بثورة روجافا في 19 تموز 2012 لتشكيل قوة من أبناء المنطقة بمكوناتها المتنوعة من كرد وعرب وأشور وسريان للحفاظ على مكتسبات المدنيين وعلى مؤسسات الدولة التي هي ملك الشعب». وأضاف: «هذه الهجمة هي الثالثة على كوباني، ففي بداية الهجمات دعمت تركيا داعش ومن قبله جبهة النصرة وبعض القوى والكتائب التي كانت متحالفة معها في مدينة رأس العين سركانية واندحرت تلك القوى كما اندحرت من مناطق جزعة ورميلان. وبعد دخول وحدات الحماية لحماية المدنيين في منطقة سنجار شنكال، وضرب قوات داعش في الأراضي العراقية بالتعاون مع القوى الكردية الأخرى من البيشمركة، ووحدات حماية الشعب «ب ك ك»، جاءت محاولة اقتحام المدينة، بهدف فصل المناطق الكردية عن بعضها وهي عفرين وعين عرب «كوباني» والجزيرة». وأضاف: «تحاول تركيا السيطرة على كوباني صلة الوصل بين المنطقتين الكرديتين ليتم بعدها الهجوم على المناطق الأخرى بعد إضعافها من خلال كسر عين عرب والسيطرة عليها، إضافة إلى محاولة تركيا إنشاء منطقة عازلة لضرب سورية ولتدريب المقاتلين ضمن هذه الأراضي».
تحديد موازين القوى
ورأى درويش «أنّ عين عرب ستحدّد موازين القوى، فاذا انكسر داعش واندحر في المدينة سيكون ذلك اندحاراً لتركيا، أما إذا سقطت في يد داعش فهو اندحار لقوى التحالف الدولية والعربية، وانتصار لتركيا الداعم الأساسي لهذا التنظيم».
وتابع درويش: «إنّ تركيا لا تسمح حتى بدخول الأدوية والمعونات الغذائية إلى عين عرب، وهناك الآلاف من المواطنين العالقين على الحدود التركية والذين لا تسمح لهم تركيا بالدخول، وقد اعتقلت سلطات أنقرة منذ فترة 318 دبلوماسياً وصحافياً وعاملين في المؤسسات المدنية واحتجزهم جميعاً في ملعب وهدّدت بنقلهم إلى مدينة «سلوب» ومن ثم إلى مدينة الأبيض لتسليمهم إلى داعش وبعد الضغوطات الكبيرة على تركيا سمحت لهم بالعودة إلى كوباني ولم تسمح لهم بالدخول إلى الأراضي التركية ولا يزال 95 منهم في مدينة بيرسوس».
تبادل أدوار
وتعليقاً على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي أكد فيها أنّ أميركا تخطئ إذا ما انتظرت منه دعم حزب الاتحاد الديمقراطي بعد إعلانها التعاون مع حزب العمال الكردستاني، رأى درويش «أنّ هذه التصريحات ليست أكثر من تبادل أدوار». وقال: «عندما تريد أميركا شيئاً لا يمكن لتركيا أن تمنعها، والتصريحات النارية لأردوغان لا تتعدى البعد الجماهيري لحشد التأييد، وإظهار أنه يدافع عن الدولة التركية».
ورأى درويش «أنّ فرض الحظر الجوي سيضطر الولايات المتحدة إلى ضرب الجيش السوري والدخول في حرب ومعركة برية وقد أيقن العالم بأسره، بأنّ حل المسألة السورية سياسي بامتياز وعبر النقاش والتلاقي»، موضحاً «أنّ أميركا لن تدخل في حرب من أجل تركيا التي فتحت أبوابها لعشرات الآلاف من السوريين وأغرتهم باللجوء فوجدوا أنفسهم في سجون لا في مخيمات، وقد وضعت تركيا بذلك نفسها في ورطة، لذلك تسعى إلى إنشاء المناطق العازلة وإرضاخ المواطنين الأكراد والسوريين عامة للمطالب التركية».
واعتبر درويش «أنّ التخبط التركي في التصريحات واللف والدوار والهروب إلى أفغانستان بمجرد خروج تظاهرة داعمة لعين عرب، يؤكد المأزق التركي في سورية». وسأل: «هذا الكم الكبير من الإرهابين أين سيذهب؟ فكل التنظيمات الإرهابية جمعت عناصرها في تركيا التي تبنتها، وفتحت لها مكاتب لاستقدام الإرهابيين، لا سيما من الغرب، لنقلهم إلى سورية إضافة إلى مكاتب تجنيد الأتراك للقتال إلى جانب داعش، كما جندت بعض السوريين من قبل كل ذلك في سبيل الحفاظ على ماء الوجه بعد فشلها في الحصول على حصتها من سورية «. وأوضح درويش «أنّ الدستور التركي لا يعترف بالأكراد وسياسة أنقرة في دعم داعش ومعارك عين عرب انعكست على البرلمان التركي خلافات وصراعات وصلت إلى حدّ الاشتباك بين النواب الأكراد ونواب حزب الحرية والعدالة».
وعن دعم التحالف الدولي للمقاتلين الأكراد عبر إلقاء الطائرات الأميركية الأسلحة والذخيرة لوحدات الحماية الشعبية الكردية، وهو ما أكده المتحدث باسم القوات الكردية بولات جان، قال درويش: « تعلم واشنطن أنّ سقوط عين عرب هو سقوط للتحالف، وهي تعلن أنها لا تضمن عدم سقوط المدينة وكل طن سلاح يُقدَم للأكراد، تقدم تركيا مقابله 100 طن لداعش أمام مرأى واشنطن». وأضاف: «إنّ التحالف الدولي لا يسعى إلى القضاء على داعش بل إلى حصره في جغرافية محدودة، ولو كانت أميركا جادة في القضاء على داعش لدعمت المقاتلين الأكراد وهم قادرين على طرده من سورية والعراق، وهذا ما يبرهن أنّ أميركا تحاول رسم حدود داعش وستمنع تمدّده خارج حدود ما بين النهرين».
يُبث هذا الحوار كاملاً الساعة الخامسة من مساء اليوم على قناة توب نيوز تردّد 12034 على نايل سات