موسكو تدعو الأطراف الخارجية لحوار مباشر مع دمشق.. وتطالب باجتماع لمجلس الأمن اليوم بشأن الغوطة الشرقية
حثّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كافة اللاعبين الخارجيين على الحوار مع الحكومة السورية، ودعا الأخيرة للدخول في حوار مع مواطنيها الأكراد للتوصل إلى حل يُراعي مصالح الجميع.
وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في العاصمة السلوفينية ليوبليانا أمس: «يتوجّب على جميع اللاعبين الخارجيين، وخاصة أولئك الذين لهم حضورهم داخل سورية أن يدركوا ضرورة إطلاق الحوار مع الحكومة السورية على أساس احترام سيادة سورية ووحدة أراضيها، والذي أكد عليه مجلس الأمن الدولي مراراً».
وأضاف لافروف، أنه لا يمكن تسوية الأزمة في عفرين إلا انطلاقاً من هذا المبدأ، الذي يجب أن تلتزم به «كل المكوّنات العرقية والطائفية» وغيرها من أطياف الشعب السوري.
ودعا لافروف دمشق إلى الانخراط في الحوار مع الأكراد، قائلاً: «الحكومة السورية هي الأخرى يجب أن تنطلق من مبدأ السيادة الذي يشمل أراضي البلاد كافة، ما يعني ضرورة محاورة ممثلي جميع المكونات العرقية والطائفية، بمن فيهم الأكراد».
وأكد لافروف أن الحوار هو الأساس الذي يخلق فرصة ملموسة لوقف إراقة الدماء وإطلاق تسوية مستدامة، تمهّد لتأمين مصالح مختلف القطاعات داخل البلاد، والمصالح المشروعة لجيران سورية واللاعبين الآخرين أيضاً.
إلى ذلك، دعا فاسيلي نيبينزيا مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة إلى عقد اجتماع طارئ في مجلس الأمن الدولي اليوم الخميس، لبحث الوضع في الغوطة الشرقية.
وقال: «نطلب من رئاسة المجلس عقد جلسة مفتوحة لمجلس الأمن لمناقشة الوضع في الغوطة الشرقية». وأضاف: «أعتقد أن هذا ضروري، نظرا للمخاوف التي سمعناها اليوم أمس ، في سبيل تمكين جميع الأطراف من طرح اقتراحاتها ورؤيتها للوضع».
وكان مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين، قد ندّد بما أسماها «حملة إبادة وحشية» ضد المدنيين المحاصرين في الغوطة الشرقية في ريف دمشق.
من جهته دحض دميتري بيسكوف جملة وتفصيلاً صحة الاتهامات، التي تزعم بضلوع روسيا في سقوط المدنيين في الغوطة الشرقية، جراء قصف الجيش السوري بدعم من روسيا.
وتتهم السلطات السورية فصائل المعارضة بعدم التزامها بالهدنة، واستهداف الأحياء المدنية في دمشق وريفها بالقذائف الصاروخية والهاون، إضافة إلى التهاون مع الإرهابيين في الغوطة، بل والتنسيق معهم في شنّ الهجمات.
وفي السياق، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى هدنة إنسانية في الغوطة الشرقية في ريف دمشق للسماح بإجلاء المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية للمنطقة، وعلاج المصابين من المدنيين.
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مع نظيره الليبيري جورج ويا في باريس: «تندد فرنسا بوضوح وقوة بما يجري في الغوطة الشرقية في سورية».
ويأتي تصريح ماكرون، وسط تقارير عن استقدام الجيش السوري لمزيد من التعزيزات إلى محيط الغوطة الشرقية، تمهيداً لعملية عسكرية واسعة تهدف لاستعادة السيطرة على المنطقة في حال فشلت المفاوضات.
ميدانياً، نشرت وكالة «رابتلي» الإعلامية فيديو يظهر انتشار القوات الشعبية السورية قرب بلدة جنديرس في محيط عفرين، وتأكيدهم العزم على المقاومة ضد القوات التركية المتواجدة على الأراضي السورية.
وكانت الاشتباكات لا تزال متواصلة أمس، في ظل انتشار أكثر من 400 مقاتل من القوات الشعبية السورية على جبهات القتال في المدينة، بالتزامن مع إعلان وكالة «سانا» عن وصول مجموعات جديدة من القوات الشعبية لصدّ العدوان التركي.
وكانت القوات التركية استهدفت منطقة تل رفعت والشيخ عيسى والزيارة وباسوطة وباصوفان، ويعتبر هذا الاستهداف بداية ترجمة عسكرية لما تحدّث عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن خنق عفرين وحصارها.
ووفق مصدر مطلع فإنه لا يقصد بالسيطرة على الشريط الحدودي بل القصد قطع الشريان الحيوي الذي يصل منطقة نبل والزهراء ومعبر الزيارة، أي قطع التواصل بين هذه المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري ومنطقة عفرين.
وأشار المصدر إلى أن قطع معبر الزيارة الشريان الحيوي والمعبر الوحيد لعفرين نحو مناطق سيطرة الجيش السوري من شأنه التسبب بكارثة إنسانية لأهالي عفرين. كما لفت إلى أن القوات التركية تكثّف عملياتها العسكرية على بلدة جنديرس بهدف السيطرة عليها للتوجّه منها إلى عفرين.
من جهته، قال مصدر في وحدات حماية الشعب الكردية إن القوات الشعبية السورية انتشرت على جبهات الاشتباك في جنديرس وراجو وبلبل، في حين ذكرت وكالة «يونيوز» أن وحدات من القوات الشعبية بدأت بالانتشار في الشريط الحدودي عند راجو وفي مركز البلدة شمال غرب عفرين.
مصدر أكد، إن الدفاعات الجوية للقوات الشعبية السورية في عفرين استهدفت طائرات استطلاع تركية فوق معبر الزيارة.
هذا وقصفت الجماعات المسلحة العميلة والمدعومة من تركيا أمس، أيضاً بلدة ماير في ريف حلب الشمالي. جاء ذلك بالتزامن مع قصف مدفعي استهدف المناطق الشرقية لنبل والزهراء.
من جهتها، قالت الرئاسة التركية اليوم إنه «لا وجود لاتفاق بين الدولة السورية ووحدات حماية الشعب في عفرين، حسب علمنا».
وأضافت «يمكن للأجهزة المعنية بما فيها المخابرات أن تقيم اتصالات مباشرة وغير مباشرة مع دمشق استثنائياً»، مكرّرة تهديدها بأن «خطوات الحكومة السورية أو العناصر الأخرى في عفرين ستكون لها عواقب وخيمة».
من جهة ثانية، أفاد مراسل «الميادين» بإصابة 9 أشخاص بينهم إمرأة وطفلان جراء قصف المسلحين على الأحياء السكنية في درعا وأزرع.
وصدر بيان عن وحدات حماية الشعب الكردية بشأن دخول قوات موالية للحكومة السورية في دمشق، جاء فيه «بعد مضيّ شهر من المقاومة الأسطورية لقواتنا ضد جيش الغزو التركي والتنظيمات الإرهابية المتحالفة معها من جبهة نصرة وداعش وغيرها، وتكبّد الغزاة خسائر فادحة في العدّة والعتاد، ارتأت وحداتنا دعوة الحكومة السورية وجيشها للقيام بواجباتها في المشاركة بالدفاع عن عفرين وحماية الحدود السورية ضد هذا الغزو الغاشم».
وتابع البيان «وعليه، فقد لبّت الحكومة السورية الدعوة واستجابت لنداء الواجب، وأرسلت وحدات عسكرية الثلاثاء 20 شباط/ فبراير 2018، وذلك للتمركز على الحدود والمشاركة في الدفاع عن وحدة الأراضي السورية وحدودها».
الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك دعا من جهته إلى وقف العملية العسكرية في عفرين وتجنب المواجهة.
وحذّر دوجاريك من أن تصاعد العمليات العسكرية يؤدي إلى تضاؤل فرص الوصول إلى الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة سواء ممن نزحوا جراء الاشتباكات في منطقة عفرين أو في الغوطة الشرقية.
في المقابل، قال أردوغان إن القوات التركية أجبرت الجيش السوري على الانسحاب بعدما حاول الدخول إلى عفرين، مضيفاً أن أنقرة لن تسمح لأي «ميليشيا بالدخول إلى المدينة وسنمنع ذلك»، وأن «القوات السورية انسحبت منها بعد قصف مدفعي».