أردوغان يجدّد تمسّكه بشروطه للدخول في تحالف ضدّ «داعش»
حميدي العبدالله
إثر زيارته لأفغانستان جدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شروط أنقرة للدخول في أيّ تحالف دولي وإقليمي ضدّ «داعش»، مشترطاً فرض منطقة حظر جوي ومنطقة آمنة، وتسليح وتدريب المعارضة السورية، وشنّ حرب لإسقاط النظام في سورية.
وواضح أنّ الاستجابة من قبل الولايات المتحدة والتحالف الذي تقوده لشروط أردوغان يعني إعطاء الأولوية لشنّ حرب ضدّ سورية، حرب يدرك أردوغان، وأيضاً الولايات المتحدة، أنها ستكون حرباً إقليمية بخلفيات دولية لأنّ إيران وروسيا لن تقفا مكتوفتي الأيدي إزاء حرب مكشوفة وعلنية ضدّ سورية، لأنّ هذه الحرب انتهاك صريح وفظ للقانون الدولي ولسيادة الدول، وسوف يشرّع مثل هذا التدخل السافر تدخلاً مماثلاً لحلفاء سورية، حتى وإنْ كان ذلك بأشكال مختلفة، وهذا يعني أنّ الحرب لم تعد بعد ذلك حرب ضدّ «داعش»، بل إنّ «داعش» ستكون المستفيد من ذلك، وسوف تهيمن الحرب الإقليمية التي قد تشمل المنطقة برمّتها على ما عداها، وستكون الأولوية لدى جميع الأطراف السعي لكسب هذه الحرب، ولن يبقى من يفكر بـ«داعش»، ومن شأن ذلك أن يوفر فرصة لـ«داعش» لتعزيز سيطرتها في مناطق تواجدها في سورية والعراق، وربما في مناطق أخرى في دول قريبة من الحدود السورية العراقية، فهل هذا ما يسعى إليه أردوغان، أيّ هل يسعى إلى خلق ظروف تقود إلى الوصول لهذه النتيجة؟
أردوغان يعلم مسبقاً علم اليقين أنّ شروطه تعطل الحرب على «داعش»، ويعلم أنّ الولايات المتحدة على وجه الخصوص غير قادرة على خوض حرب على جبهتين، جبهة إسقاط النظام في سورية، وجبهة إضعاف «داعش» والحدّ من أخطاره وتمدّده في مناطق تحتوي على مصالح حيوية للولايات المتحدة، بل أكثر من ذلك يعلم أردوغان أنّ خوض حرب ضدّ سورية في الوقت الذي تشنّ الولايات المتحدة الحرب على «داعش»، سيقود إلى فرط التحالف ضدّ هذا التنظيم الإرهابي، على الأقلّ في العراق، وسيؤثر ذلك سلباً على خطط الولايات المتحدة ومصالحها في بلاد الرافدين، ويعيد خلط الأوراق في الحرب الدائرة، بما يؤثر سلباً على مواجهة «داعش»، فضلاً عن أنّ توريط الولايات المتحدة في حرب لها أبعاد إقليمية ودولية يشكل خطراً كبيراً على المصالح الأميركية، وهذا الخطر هو الذي يفسّر رفض دعوات أردوغان والسعودية على امتداد السنوات الأربع الماضية في شنّ عدوان عسكري مباشر على سورية من قبل الولايات المتحدة والتراجع عن التهديد بشنّ مثل هذا العدوان في خريف العام الماضي.
لأنّ أردوغان يعرف ذلك فهو يسعى إلى التنصّل من دخول التحالف ضدّ «داعش»، إما خوفاً من هذا التنظيم، وإما لأنّ هناك مصالح ورؤية مشتركة تجمعه معه.