هل «سيطاول» المشنوق حزب الله؟
روزانا رمال
بدأ وزير داخلية لبنان نهاد المشنوق رسمياً برفع مستوى التصعيد في الموقف السياسي في لبنان، ونسف أجواء من التقارب كانت قد أرخى بظلالها تشكيل الحكومة اللبنانية، خصوصاً بين حزب الله وتيار المستقبل، بعدما كان قد سبقه في التصعيد نواب في تيار المستقبل طرحت علامات استفهام حول تعبيرها عن قرار سياسي بالتصعيد، وجاء التبرّؤ منها رغم انه لم يرفق بأيّ خطوات عملية وأقرب إلى رفع العتب ليقول انّ المستقبل حريص على عدم التصعيد.
جاء كلام المشنوق وبدا ان التصعيد السياسي إظهار الخلافات اكثر الى الواجهة في مناسبات وطنية ورسمية كمناسبة إحياء ذكرى اللواء وسام الحسن، وربما في غيرها لاحقاً، من مساحات الحشد والجدية هو قرار أكيد من تيار المستقبل.
التصعيد السياسي في أيّ بلد يعاني من قلق التصعيد الأمني على لسان وزير داخليته لا يشبه قراءة تحليل سياسي في جريدة او قراءة هذا التعليق أو مشاهد لحوار سياسي مستفز على الهواء.
وزير داخلية البلاد الذي يمثل نقطة التقاء أجهزة مخابرات بلاده ومعها الجوار والعالم مسؤول عما يقول، وعندما يقول يحسب تداعيات أقواله، ويعرف نسبة قدرته على ضبطها او تركها تتفاعل بين الناس فتحقق هدفاً مرجواً.
من يسمع تصعيد المشنوق الشديد اللهجة على حزب الله او سلوكه يشعر للحظة بعد سماع تأكيد المشنوق «أننا قاب قوسين أو أدنى من معرفة مَن قتل اللواء الحسن»، انّ حزب الله هو المتهم… ومن غيره؟» خصوصاً أنه اكد انّ هناك حزباً سياسياً يوفر الحماية للمرتكبين، وجهازاً رسمياً تفتقر رئاسته إلى الصفاء الوطني في مقاربة الموضوع الأمني، أي مخابرات الجيش، وأنه صار واضحاً انه مطلوب تحويلنا إلى صحوات لبنانية على غرار الصحوات العراقية.
ايضاً… من يسمع كلام المشنوق الواثق بأنه سيقتصّ من قاتلي وسام الحسن يفرح لبرهة ويتساءل في أخرى كيف ذلك؟
هذه الثقة بنجاح التحقيقات ترسم تساؤلات عديدة بينها: هل يمكن ان تكون جريمة اغتيال الحسن أول جريمة تُكشف ملابساتها رسمياً، وفي هذا وحده ريبة كبيرة؟ ام أنّ هناك من يمهّد لاستثمار نتائج الجريمة؟
اذا كان الوزير المشنوق شديد الثقة، وهذا أمل كلّ اللبنانيين من انه سيطاول قاتلي الحسن، فهو بالتالي من سيطاول؟
عدة دول وأجهزة استخبارات او مجموعات يمكن ان تكون الفاعلة، وإذا كان الوزير واثقاً من القدرة على الاقتصاص من المجرمين فهو بالتالي من سيطاول؟
هل سيطاول تركيا؟ السعودية؟ ايران؟ «اسرائيل»؟ الولايات المتحدة؟
اذا كان اتهام هذه الدول هو من بين الاحتمالات لدى اللبنانيين على مختلف ولاءاتهم، فهذا يأتي من خلفية انّ اغتيال شخصية أمنية كوسام الحسن لا يمكن الا ان يكون وراءه دولة او دول، وهو ليس قتلاً عبثياً او انتقامياً بالتأكيد… وبالتأكيد فإنّ مَن قتل الحسن ليسوا أفراداً يسهل الوصول اليهم ولا حول أمامهم ولا قوة.
وعليه… اذا كان الاقتصاص من تلك الدول استحالة، فإنّ هذا يعني انّ من تبقى من بين احتمالات لم تذكر كحزب الله او سورية هي الاحتمالات التي يمكن التصويب عليها والاستثمار في ذلك، أو إحالتها الى المحكمة الدولية، او ربما استخدامها للتحريض الخطير في البلاد، للدخول في مخطط دقيق من متفرّعات مشاريع المنطقة عامة.
اكثر ما يخشاه اللبنانيون ان يكون كلام المشنوق ترجمة لكلام اقليمي كبير افتتحه الحريري في روما، واذا لم يكن كذلك فحبّذا لو يدرك المشنوق مخاطر هذا الكلام الكبير من مسؤول عن حقيبة أمنية سياسية ووقعه وتبعاته.
«توب نيوز»