الحريري: لإشراك القطاع الخاص في برنامج النهوض بالبنية التحتية
اعتبر رئيس الحكومة سعد الحريري، خلال افتتاح مؤتمر الاستثمار في البنية التحتية في لبنان، «أنّ إشراك القطاع الخاص في برنامج النهوض بالبنية التحتية هو موضوع أساسي وركيزة مهمة للمرحلة المقبلة»، لافتاً إلى أنّ المؤتمر «يشكل بداية الطريق، وسيليه تواصل مكثف وجدي بين الدولة والقطاع الخاص على أكثر من مستوى لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في برنامج الإنفاق الاستثماري الذي سنطلقه قريباً».
وقال: «آن الأوان لأن يكون القطاع الخاص في شراكة مع القطاع العام. وأنا لدي إيمان بأنّ القطاع الخاص يدير الأعمال بشكل أفضل وقادر على القيام بهذه المشاريع الاستثمارية، إن كان في الكهرباء أو الطرق أو المطارات أو غيرها من مشاريع البنى التحتية بشكل أفضل من الدولة. علينا كدولة أن نشجع القطاع الخاص على القيام بهذه الأعمال».
وأشار الحريري إلى «أنّ الوضع الاقتصادي في لبنان اليوم صعب، وإننا نواجه تحديات كبيرة. فمعدلات النمو منخفضة ونسب البطالة تجاوزت الـ 30 في المئة، ومعدلات الفقر إلى ازدياد، وميزان المدفوعات يعاني عجزاً، والدين العام إلى ارتفاع بوتيرة متسارعة وقد تخطى الـ80 مليار دولار، وعجز الخزينة وصل إلى مستويات غير مستدامة».
ولفت إلى «أنّ برنامج الإنفاق الاستثماري الذي وضعناه بالتعاون والتنسيق مع كافة الإدارات والوزارات المعنية، والذي تمّ التشاور حوله مع كافة الكتل النيابية، يفوق حجمه الـ16 مليار دولار، ويضم أكثر من 250 مشروع في قطاعات الكهرباء والنقل والمياه والري والصرف الصحي والنفايات الصلبة، بالإضافة إلى المناطق الصناعية ومشاريع النهوض الثقافي. مشاريع تمتد على كل المحافظات وتهدف إلى إرساء بنية تحتية وخدمات عامة تواكب العصر وتواكب متطلبات القطاع الخاص وتؤمن متطلبات العيش الكريم لكل مواطن لبناني».
وأضاف الحريري: «نحن نعمل جاهدين بالتنسيق مع أصدقاء لبنان في المجتمع الدولي على تنظيم مؤتمرات دعم لاستقرار لبنان. ومؤتمر «سيدر» الذي تستضيفه فرنسا في 6 نيسان المقبل هو حجر الأساس لسياسة إعمارية طموحة تتمثل بتنفيذ برنامج الإنفاق الاستثماري على السنوات العشر المقبلة. وأبعد من مساعدة لبنان على تنفيذ البرنامج الاستثماري، فإنّ مؤتمر باريس يهدف إلى دعم الاستقرار الاقتصادي في لبنان ووضع الأسُس المتينة التي ستسمح لنا في السنوات القادمة بالنهوض باقتصادنا الوطني وتحقيق معدلات نمو مرتفعة وإيجاد فرص عمل مستدامة لشبابنا وشاباتنا».
وتابع: «من هنا، فإنّ نجاح مؤتمر «سيدر» يرتكز بشكل أساسي على نية جدية لدى المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب لبنان لدعم الاستقرار الاقتصادي فيه، كما أنه يرتكز على إرادة حقيقية لدى جميع الفرقاء السياسيين للمضي بعملية التصحيح المالي وتنفيذ الإصلاحات القطاعية والهيكلية التي من شأنها تفعيل نشاط القطاع الخاص واستقطاب الاستثمارات الأجنبية وخلق معدلات نمو وفرص عمل مستدامة. إنّ مؤتمر «سيدر» يشكل فرص مهمة لكل اللبنانيين لنسج عقد للاستقرار والنمو وفرص العمل بين لبنان والمجتمع الدولي. وأنا على ثقة أنّ هذا العقد هو لمصلحة لبنان وكلّ اللبنانيين».
ودعا إلى استغلال التوافق السياسي، «إن كان الآن قبل التوجه إلى مؤتمر باريس أو حتى بعد إنجاز الانتخابات النيابية. فالانتخابات ستفرز مجلساً نيابياً جديداً، وستكون أساساً، بعد إنجاز مؤتمر باريس، لاستكمال الخطة. وأياً كان من سيأتي في المستقبل، فإنّ هناك خطة واضحة في الإصلاح والإنماء والاستقرار والأمن وكل ما يهم المواطن اللبناني. لذلك أنا متفائل جداً رغم أنّ التحديات كبيرة».
وختم الحريري: «أنا مع أن يجري لبنان هذه الإصلاحات لتشجيع القطاع الخاص وتكون لدينا إصلاحات تمكن الدولة من إيقاف الهدر والفساد وتعطي المواطن اللبناني ما يستحقه من خدمات في البنى التحتية. فالكلّ يعلم أنه من دون بنى تحتية لا يمكن للبلد أن يقوم، ولذلك التركيز هو على البنى التحتية التي ستخلق فرص عمل للبنانيين، وبدلاً من أن يكون 30 من اللبنانيين لا فرص عمل لهم، فإنّ هؤلاء الشباب سيبقون في لبنان ويعملون، وهذا هو هدفنا».
سلامة
من جهته، أشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى «أن توسيع حجم القطاع الخاص من خلال استثماراته في البنية التحتية وفي الاقتصاد، أصبح مصيرياً للعودة إلى نسب نمو تولد فرص عمل وتعزز قدرة لبنان الإنتاجية والتنافسية.
وأكد أنّ مصرف لبنان «يبقى ثابتاً في سياسته الهادفة إلى تمتين القطاع المصرفي. وقد توصل هذا القطاع إلى تطبيق المعايير الدولية، وأصبحت ملاءته تفوق الـ15 تبعاً لمعاير بازل-3. كما امتثل القطاع المصرفي بما هو مطلوب دولياً من حيث التأكد من أنّ الأموال الداخلة إليه لا تخالف قوانين الدول التي يتعامل مع مصارفها أو يستعمل عملتها».
وأشار إلى أنّ «لبنان شريك معترف به من منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي OECD بمكافحته التهرب من الضرائب»، معتبراً أنّ «دعوة القطاع الخاص إلى الاستثمار في البنية التحتية يشجع العودة إلى اقتصاد السوق ويعيد إحياء روح المبادرة والابتكار والتنافس، ويعزّز الثروة الأهم لدى لبنان وهي العنصر البشري».
ولفت إلى أنّ «هيئة الأسواق المالية تستعد لإطلاق منصة الكترونية للتداول في الأوراق المالية من أسهم وسندات يديرها القطاع الخاص وتراقبها هيئة الأسواق»، آملاً أن «يتم ذلك مع تخصيص بورصة بيروت».
دوكان
بدوره، شدّد المبعوث الفرنسي المنتدب لشؤون المتوسط السفير بيار دوكان على أنّ «فرنسا تولي اهتماماً كبيراً باستقرار لبنان لأسباب تاريخية طويلة بين البلدين»، وقال: «هذه الرسالة أنقلها إليكم من الرئيس ماكرون، كما حملتها باسم لبنان إلى مختلف البلدان والمنظمات الدولية المهتمة بلبنان».
شقير
أما رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية محمد شقير، فقال: «قبل التفكير بالاقتصاد والتنافسية الشعب اللبناني يستحق أن يعيش في بيئة مريحة ولائقة عبر توفير كل الخدمات بأفضل ما يمكن وبشكل مماثل للدول المتطورة. هذه آمالنا المعقودة على مؤتمر سيدر الذي يعتبر خطوة جريئة وجبارة لاستعادة ما فاتنا من تطور وحداثة واستعادة تنافسية بلدنا. لذلك، لا يمكن الحديث عن استعادة دور لبنان كمركز اقتصادي مرموق في المنطقة والعالم من دون هذه الورشة الكبرى، لذلك نقول أن مؤتمر سيدر هو استثمار للبناء والاعمار وهو استثمار لدور لبنان الريادي في المنطقة والعالم».
وأضاف: «مع مؤتمر سيدر والبدء بالتنقيب عن النفط والغاز البلد أمام فرصة تاريخية يجب عمل كل المستطاع لإنجاحها، لذلك ندعو إلى إقرار الإصلاحات المالية والقطاعية والإدارية للحصول على دعم المجتمع الدولي في هذا المؤتمر وللحصول على الفائدة المرجوة من المشاريع التي ستنفذ. كما ندعو إلى البدء بورشة تشريعية لتحديث القوانين، خصوصاً تلك المتعلقة بالشأن الاقتصادي».
أبو زكي
واعتبر الرئيس التنفيذي في مجموعة «الاقتصاد والأعمال» رؤوف أبوزكي أنّ المؤتمر «يشكل مؤتمر الاستثمار في البنى التحتية في لبنان منعطفاً في مسيرة التنمية والنهوض في وقت يعاني لبنان من مؤشرات التباطؤ، ويواجه جملة من التحديات المحلية والإقليمية».
حايك
ورأى الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة زياد حايك أنّ «توسيع الاقتصاد وتوفير مئات الآلاف الوظائف وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، هما الطريقة الوحيدة التي تتيح للبنان الخروج من عبء الدين العام»، معتبراً أنّ «الشراكة بين القطاعين العام والخاص تشكل المفتاح لهذا النمو المنشود». وأملاً «الحصول على الدعم غير المجتزأ والكامل من المجتمع الدولي والمنظمات المتعددة الطرف لسعي لبنان إلى تطوير بناه التحتية».