«إسرائيل» تتمدّد بوحدانية الدين والدولة
اياد موصللي
ما جرى في القدس وما سيجري لاحقاً بحق الأماكن الدينية هو جزء أساس لوجود إسرائيل ومشروعها العام الذي يقضي بتجميع اليهود في فلسطين وإنشاء دولة لهم هو جزء من المشروع تنظيمياً.. أما جوهر المشروع فكرياً وروحياً وإيمانياً.. فهو إقامة دولة يهودية دينها الوحيد اليهودية ولا وجود لدين آخر سواها في فلسطين..
استولت إسرائيل على الأرض.. طردت السكان، أنشأت الدولة.. اكتمل شكلها المرسوم باستيلائها على القدس عاصمة ومقراً وحيداً لها ولا وجود لأحد سواها فيها..
وبدأت بتطبيق المرحلة الروحية لوجودها حسب معتقدها ومنهجها.. لا دين غير الدين اليهودي، لذلك يتوجب إزالة كلّ الأديان الأخرى شكلاً ومضموناً.. ولتنفيذ ذلك استخدمت أساليب ماكرة مخادعة كما يجري اليوم في الأماكن المسيحية. كنيسة القيامة حافظت على كيانها منذ ان وجدت حتى اليوم احترمتها الأديان الأخرى بكلّ رموزها خاصة عند الفتح الإسلامي لمدينة القدس وامتناع عمر بن الخطاب عن الصلاة فيها عندما حان وقت الصلاة خشية من ان يفعل بقية الجنود الأمر نفسه فتتحوّل الكنيسة الى مسجد رفض الصلاة فيها حفاظاً عليها وعلى قدسيتها.. وبقيت برمزيتها موضع تقديس واحترام وما الإجراءات التي اتخذتها بلدية القدس إلا خطوة في طريق إزالتها تحقيقاً لتهويد القدس. وسيتبعها المسجد الأقصى لإعادة بناء الهيكل وهكذا يتحقق المشروع الإسرائيلي.. الذي حدّده البروتوكول السادس عشر في الصفحة 262 حيث جاء فيه:
وقد سبق لنا في ما مضى من الوقت ان بذلنا جهداً لإسقاط هيبة رجال الدين عند الغوييم المسيحييين خاصة وكلّ ما هو غير يهودي عامة. وقصدنا بذلك ان نفسد عليهم رسالتهم في الأرض، وهي الرسالة التي يحتمل أنها لا تزال بنفوذها عقبة كؤوداً في طريقنا. ولا نرى هذا النفوذ في الوقت الحاضر إلا في تناقص يوماً بعد يوم. أما حرية الضمير فقد انتشرت وعمّت في كلّ مكان وبتنا الآن لا يفصلنا عن رؤية الدين المسيحي قد انهار تماماً سوى بضع سنين.
أما ما يتعلق بالأديان الأخرى، فالصعوبة التي سنلاقيها في تعاملنا معها تكون أقلّ، ولكن من السابق لأوانه ان نتكلم عن هذا الآن، وسنضيّق الحلقة على الكهنوتية ورجال الكهنوت لنجعل نفوسهم تنكمش وترجع القهقرى بالقياس الى ما كان لهم من فلاح في الماضي».
وتحقيقا لكلّ هذا خططوا لإفساد الديانات الأخرى وتفتيت أتباعها مسلمين ومسحيين، فعند المسحيين «الغوييم» كما جاء في صفحة 262 من البرتوكول السادس عشر الذي حدّد الهدف الرئيس وهو العمل على إنهاء الدين المسيحي وغيره…
إنّ قيام دولة «إسرائيل» في أرض عربية وبين شعوبٍ عربية يستتبع نهجاً يهودياً تلمودياً تؤمن فيه هذه الدولة كما يفرض عليها سلوكاً عدوانياً تدميرياً ملزماً، وإذا ما درسنا هذا السلوك الإيماني المتقمّص ثوباً إلهياً ظهر لنا بوضوح ما هو المصير الذي ينتظرنا إنْ لم نتدارك الموقف ونتخذ العدّة لصدّه وردّه.
اليهود يتبعون كما أشرنا عقيدة لا علاقة لها بما أنزله الله على النبي موسى هم سنّوا لأنفسهم نهجاً عرّفه التلمود وحدّده ووضعوا لحياتهم وسياساتهم بروتوكولات سنّها وصاغها حكماؤهم يسيرون عليها ويعملون بموجب تعاليمها هذه التعاليم لا تسمح لنا بالعيش والحياة إلا بما ترسمه هي وتحدّده لنا وما حصل في فلسطين حتى الآن جعل إيمانهم بتحقيق أمانيهم يزداد وما أذكره هنا ليس اجتهاداً مني ولا تحليلاً إنه الواقع وكما يقول العرف الرائج عندنا «من فمك أدينك يا إسرائيل».
«إسرائيل حققت معظم مشروعها. أقامت الدولة اليهودية نالت اعتراف العالم بها مع منحها مظلة حماية مطلقة وحرية تحرّك لا حدود لها تعتدي فلا تُسأل، تُخالف القوانين الدولية فتجد دعماً وتشجيعاً تقتل تدمر تستعمل أسلحة محرّمة دولياً، تضمّ أراضي دول، تسلب حقوقاً إنسانية والقائمة لا تنتهي».
وتمضي «إسرائيل» في طريقها معتمدة قواعد فكرية وروحيّة منهجاً لها في مسيرتها تبني ذاتها وتدمّر ما حولها من أممٍ وشعوب.
هي اليوم تحاصر كنيسة المهد.. وتفرض ضرائب وتسنّ قوانين تؤدّي في النهاية الى هدفها الأساس الدين الوحيد الذي يبقى هو الدين اليهودي.. في الدولة اليهودية وجاء في البروتوكول الخامس صفحة 205:
«متى ما ولجنا أبواب مملكتنا لا يليق بنا ان يكون فيها دين آخر غير ديننا وهو دين الله الواحد المرتبط به مصيرنا من حيث كوننا الشعب المختار وبواسطته ارتبط مصير العالم بمصيرنا فيجب علينا ان نكنس جميع الأديان الأخرى على اختلاف صورها». ونحن نقول: «كلنا مؤمنون منا من آمن بالله بالقرآن ومن من آمن بالله بالانجيل ومنا من آمن بالله بالحكمة وليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا ووطننا الا اليهود». ويأتي إصرارهم على يهودية الدولة كجزء من أحد معتقداتهم «مني يستمدّ الملوك سلطتهم».
لذلك نجد كلّ كيان من الكيانات العربية يعاني مشكلة بدأ من العراق الذي يواجه المشكلة الكردية والحروب التكفيرية ولبنان الذي تجري المحاولات لسرقة أرضه وتغيير حدوده والاعتداء على ثروته النفطية والدسائس التي تحاك لزرع الفتنة بين أبنائه..
والمؤامرات التي تُحاك للشام عبر المجموعات الإرهابية التكفيرية والفتن العنصرية. وفي مصر تذرّ الطائفية قرنها في محاولة لخلق فتنة اسلامية قبطية.. واليمن تسحقه الحروب.. والممالأة والمحاباة هي اللغة التي تواجه بها هذه المشاريع حيث رغم وضوح المؤامرة تعقد الصفقات مع العدو من قبل حكومات مصر والأدرن وتعطي جزيرة تيران للسعودية في مشروع مستقبلي للتخلى عنها لـ»إسرائيل» في عقد صفقة تجارية.. مقابل اتفاقية تحالف ضدّ إيران.
سيبقى السيف الإسرائيلي مسلطاً على رقابنا ما دامت هذه الرقاب محنية على النطع وسيبقى سيفهم أشدّ فتكاً من ألسنتنا التي تلعق يد الظلم والبطش.. والسيف أصدق انباء من الكذب..
ويقول البروتوكول 183 صفحة 207: «جاء على لسان الأنبياء اننا نحن اختارنا الله لنحكم الأرض كلها، والله منحنا العبقرية لنطلع بهذا العبء ولو كانت العبقرية في المعسكر الآخر لبقيت تناهضنا حتى اليوم..»
انّ ما يبشرنا بالخير هو تلك الروح المقاومة الرافضة لكلّ انواع المؤامرات التي تحاك بإرادة داخلية امتداداً للإرادة الخارجية، هذه المقاومة استطاعت ان تثبت إرادة الحياة وإجهاض ولادة المؤامرات… أعطت المقاومة الأمل وكوّنت بذور جيل يتقن صنع البطولة ويفتح طريق الحياة مؤمنة بأنّ الحياة وقفة عزّ، وانّ فينا قوة لو فعلت لغيّرت مجرى التاريخ وهي تفعل وتغيّره.
ونذكر بما قاله سعاده: «اننا نواجه الآن أعظم الحالات خطراً على وطننا ومجموعنا، فنحن أمام الطامعين المعتدين في موقف يترتب عليه إحدى نتيجتين أساسيتين هما الحياة والموت واية نتيجة حصلت كنا نحن المسؤولين عن تبعتها».