في عيدها الرئيس بري «وحده» يناصرها ..

روزانا رمّال

يلفت عدد المرشحات اللواتي يرغبن بالانضمام الى الندوة النيابية لبرلمان 2018 منه إلى الأعوام السابقة في لبنان، بعد ارتفاع عدد من قدّمنَ أوراق ترشيحهنّ لوزارة الداخلية قبل انتهاء المهلة القانونية المحدّدة لذلك وبلوغه 111 مرشحة. وكأن ذلك مؤشر واضح على أنهن يدركن أن الانفراج ولو كان بطيئاً بدأ بالتخلص أولا من القانون القديم الذي لا يترك فرصاً جدية لوصول المستقلين الى السلطة وثانياً بالالتفات إلى ضرورة إشراكهن في السلطة.

يُجمع المسؤولون اللبنانيون ورؤساء الاحزاب ان المرأة هي نصف المجتمع من دون أن يقدم منهم أحد على شجاعة ترشيح سيدة في كل لائحة حزبية مفترضة ومن دون أن يخطو أحد خطوة باتجاه هذا الأمر، بل وتكريس إهانة المرأة يوماً بعد الآخر، خصوصاً بعد أن تكشفت أسماء المرشحات ورغبة الأحزاب باتجاههن.

للأمانة وقبل الدخول في المرجو، لا بدّ أن يُثار في هذا النهار الذي هو يوم المرأة العالمي والمرأة اللبنانية جزء لا يتجزأ من أشكال نجاح السيدات العربيات وتفوقها الدائم، لا بد من استذكار الشهيد رفيق الحريري الذي قدّم دعماً كبيراً للمرأة اللبنانية وكان جاداً في توزيرها وإيصالها الى الندوة البرلمانية أكان لجهة النائب بهية الحريري او النائب السابق غنوة جلول بعيداً عن تفاصيل وظروف وخلفيات الحريري حينها، لكن بالمحصّلة كانت النتيجة اهتمام الرئيس الراحل بإسنادها أدواراً سياسية وإثبات وجودها أولاً ودعم موقف تيار المستقبل أيضاً المنادي بهذا الاهتمام حتى اليوم.

اليوم، وعلى مقربة من الاستحقاق النيابي كان أغلب الظن أنه سيتم تمثيل النساء في الأحزاب الكبرى استفادة من القانون أولاً وترجمة لخطابات تدعم دور المرأة في صناعة الرأي العام، وإذ بالمفاجأة التي لا تحمل جديداً في هذا الإطار بل وتحمل نوعاً كبيراً من «الإهانة» التي تشارك بها أغلب الأحزاب اللبنانية ما خلا «حركة أمل» التي أثبتت العكس وباستثناء النائب ستريدا جعجع التي ومن المتوقع أن تفوز كتحصيل حاصل كزوجة لرئيس حزب القوات، وبالتالي فإنها لا تدخل ضمن اي منافسة او سباق او محاولة إشراك لوجوه جديدة في الحكم صارت ترشيحات بعض الأسماء من نساء بين إعلاميات وأعضاء في الأحزاب لا تعدو كونها «رفعاً للعتب» مع علم رؤساء الأحزاب مسبقاً أن هذه الأسماء لا تتمتع بحظوظ للفوز «على الإطلاق» نظراً للمقاعد الحساسة اللواتي طرحن فيها والتي تشهد أسماء وازنة ومنافسة على الساحة السياسية من رجال سلطة حاليين وسابقين وأبناء عائلات لها رصيد انتخابي في الشارع إلا إذا انسحب أحد المرشحين من هؤلاء. وهذا ما لا يُبنى عليه غالباً بالنيات الانتخابية ما يعني أن أحداً ممن رشح الأسماء النسائية تلك لا ينوي التحدّي بها ولا المنافسة ولا اعتبارها مؤثرة اصلاً ولا هو جادٌّ بإيصالها للنيابة. الأمر لا يتعلق إلا بإرسال رسائل و»نكايات» بترشيح القوات اللبنانية مثلاً مقدمة أخبار في آخر أيام تقديم الترشيحات بعد سجالها مع مسؤول أمني سابق وأما الأخريات اللواتي لن يلقين مصيراً أفضل منها، فهنّ مرشحات من قبل التيار الوطني الحر مثلاً كنموذج في بعلبك وغيرها من الجهات والأحزاب ومنعاً للإساءة الى المرشحات اللواتي يطمحن فعلاً للتغيير والوصول الى السلطة. ومن الأفضل عدم تعداد اسماء النساء اللواتي ارتضين جميعاً هذه المهزلة.

التيار الوطني الحر مثلاً الذي كان مأمولاً منه الكثير والذي كان قد رشح النائب جيلبرت زوين سابقاً، لم يرشح اليوم اسم سيدة تتنافس على مقعد مضمون بحسابات التيار، علماً أن الكفاءات في قلب التيار كبيرة وعريضة من النساء الرائدات المسميات «مناضلات».

تيار المستقبل، وحسب معلومات «البناء»، وهو أكثر من تحدث عن الكوتا النسائية قبل تشكيل حكومة الرئيس الحريري لم يترجم ذلك حينها. وتقول المصادر إن الحريري وبعد ان لمس رغبة الرئيس بري بتوزير السيدة عناية عز الدين، سارع للتفتيش عن اسم سيدة لتوزيرها بالمقابل بدون أن ينجح الاسم الذي طرحه بعد اعتراض أكبر أحزاب «الأرمن» عليها، فما كان من الحريري إلا تعيين جان اوغاسبيان وزيراً لشؤون المرأة تعبيراً عن اهتمامه بهذا الملف، لكن يسجل لبري انه كان السباق عكس ما بدت الصورة إعلامياً وهو الذي اعتاد على الانكفاء عن الكاميرات والتقليل من التصريحات.

وحده رئيس حركة أمل نبيه بري يرشح سيدة لبنانية هي وزيرة أصلاً، ولا تزال تمارس مهامها الى الانتخابات النيابية، مع حظوظ عالية جداً للفوز. ووحده بري الذي يمكنه أن يفخر بذلك ويؤكد للمنتقدين قبل المحبين أنه يمارس في حركة امل ما يفتقده باقي الأحزاب اولهما «إلغاء التوريث» وثانيهما «دعم المرأة فعلاً لا قولاً».

قد تختلف مع الرئيس بري فعلاً على أمور كثيرة وخلافات سياسية عميقة وتمثيل وزاري وعمل تراكمي طويل معرّض للنقد الواسع، لكنك لا يمكن أن تختلف معه على احترامه للمرأة اللبنانية، فكيف اذا كانت ايضاً امرأة محجّبة حيث لا يجرؤ كثر على ذلك. وهذا فيه الكثير من احترام المرأة بكل خياراتها وانتماءاتها وفي ممارسة معتقداتها الدينية كيفما كانت بدون الاعتماد لإيصالها لا على شكلها، كما يعمد البعض للفت الأنظار وفي ذلك إهانة تقبلها هي قبل الجميع بل باعتماده على تاريخ مشرف لعمل المرأة الذي أرادها أن تمثل حركته في المجلس النيابي.

تحية للرئيس بري في يوم المرأة العالمي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى