حركة أمل والتيار الوطني الحرّ مصالحة آتية لا محالة
روزانا رمّال
مَن يستمع إلى خطاب الوزير جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر في الرابع عشر من آذار يلاحظ مدى التمسّك الموجود في حلف تياره مع حزب الله، على الرغم من عتبه عليه بشأن ما يُقصَد به المساهمة أكثر بمكافحة الفساد، باسيل لم ينفكّ يشرح للحاضرين أهمية هذا التحالف الاستراتيجي لجهة الموافقة على ضرورة الحفاظ على معادلات تحفظ لبنان من نوع الجيش والشعب والمقاومة ولو أن معادلات أخرى يتطلبها، قدم باسيل حزب الله على انه حزب متفوق وقادر على أن يصنع الكثير. وهو لم يكن يقصد بالتأكيد تفوق السلاح. وهو بديهي، انما التفوق بالقدرة ربما على استخدام فائض القوة المحلية والإقليمية الذي اعطاه إياه هذا السلاح شرعية مؤيدة في الشارع الشيعي واللبناني المؤيد بعد جلبه انتصارات اساسية للبنان من عام 2000 الى عام 2006 وغيرهما، مما يمارسه بمعادلات الردع التي تلجم «إسرائيل».
باسيل الذي يدرك كل ذلك لا ينكر هذا التفوق، لكنه يدعو الى المزيد المتمثل بالضغط على حركة امل من أجل السير بما يتوافق عليه التيار في ملفات داخلية محددة باتت معروفة، لكن كل ذلك الخلاف لا يعني أن الطرفين لم يحاولا التقارب أكثر من مرة في مرحلة سابقة كان للواء عباس إبراهيم اليد الطولى فيها بجمع الوزير علي حسن خليل والوزير باسيل على طاولة واحدة، وإذا كان هذا يفسّر شيئاً، فهو بالتأكيد «النية» والنية بالتقارب حينها تعني وجود أرضية قادرة على التأسيس لشيء جدّي.
وعلى أن الخلاف بات عميقاً اليوم وواقعاً ضمن شكليات التداول السياسي أكثر منه في المضمون، فإن الحديث عن هذا يشبه «الدهشة»، لكنه ليس محالاً بالفترة المقبلة، لا بل إن التوافق بين الطرفين قادم لا محالة.
يخوض التيار الوطني الحر الانتخابات بالتمسّك بكل ما يعتبره أساسياً لتقديم نموذج من التحديث والتغيير وبكل ما يشوب تساؤلات المرحلة، ومن ضمن هذه الحملة تلميح غير مسبوق بالمباشر وغير المباشر نحو ممارسات حركة أمل «التعطيلية».
الوضع الذي لا يريح حزب الله، أي خلاف الحليفين الأساسيين، لا يعطل حضوره وممارسته لدوره المحلي، وبقدر تركيزه على اولوية الصراع مع «إسرائيل»، إلا انه مرتاح للساحة الشيعية التي تعتمد بشكل واسع على أكبر حزبين تمثيليين حزب الله وحركة امل، وبما يعتبر استراتيجية لحزب الله، فإن هذا الخلاف بين حلفائه لن يغيّر بالودّ قضية، طالما إنهما متفقان على ارضية دقيقة وهي شرعية سلاحه حتى يتمكن لبنان من تأمين استراتيجية دفاعية واضحة المعالم ضد اي حرب إسرائيلية.
لكن التلاقي بين التيار الوطني الحر وحركة أمل قادم لا محالة، وربما مرحلة ما بعد الانتخابات وفتح صفحة جديدة مع العهد، بعد تشكيل حكومة جديدة تصبح الفرصة ممكنة، عندما يتخلّص التيار الوطني الحر من الكثير من الهواجس الانتخابية التي تفرض عليه أن يجدّ ويكدّ أمام شارعه لتأمين إنجازات بين كهرباء ونفط وغيرها نظراً لمنافسة انتخابية جدية بين القوى المسيحية تفتقدها الساحة الشيعية فيعود كل شيء الى مرحلة التروي والهدوء للتفكير بالتلاقي الذي يصبح منظقياً للأسباب التالية:
ينادي باسيل بضرورة أن يكافح حزب الله الفساد عبر تصدّيه لحركة أمل، من أجل ذلك، إلا ان هذا لا يمكن ان يكون مفسراً في النظر الى تحالف التيار الوطني الحر مع تيار المستقبل والأخير متهم بالكثير من ملفات الفساد منذ عقود بالتالي فإن التحالف مع الحريري لا يعني أن الحريري قرر ان يدخل في مرحلة محاسبة ومكاشفة عن كل ما صدر من تياره لدى تسلمه وزارات متعاقبة. وتيار المستقبل أحد صقور السلطة الذين يتقاسمون الحصص والمغانم تماماً كحركة امل والتقدمي الاشتراكي منذ سنوات طويلة. وبالتالي هذه نقطة أولى.
النقطة أو السبب الثاني للتقارب المحتوم مستقبلاً هو الأهم «مسألة الترشح لرئاسة الجمهورية إذا كانت أحد أهداف رئيس التيار الوطني الحر مستقبلاً، فإن هذا يشبه المستحيل، اذا كان على خلاف مع حركة امل والرئيس نبيه بري تحديداً او حركة امل كحليف لحزب الله أثبتت الأحداث الاخيرة انه غير مستعد للتضحية بها بإعلانه أن «الرئيس بري خط أحمر والتعرض إليه كذلك». وهذا يعني أن أي طموح سياسي «مشروع» لباسيل يحتاج لشرعنة العلاقة مع حركة أمل، قبل اي شيء ليس فقط من أجل التصويت وجمع الأصوات النيابية، بل لأن حزب الله لن يصوّت لأي مرشح رئاسي تختلف معه حركة امل.
ثالثاً: الخلافات النارية بين الفريقين لم تمنع التحالفات بينهما في الانتخابات النيابية المقبلة في ايار. فماذا يعني ان يتحالف كل من حزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر على سبيل المثال في «بعبدا»؟ والخلاف ليس تكتيكياً ولا التحالف انتخابياً، بل هو اعمق بكثير؟ وبعبدا ليست وحدها..
حركة أمل والتيار وحديث آخر بعد الانتخابات النيابية.