ترامب.. رصّ الصفوف!
سماهر الخطيب
أقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستشاره للأمن القومي هربرت ماكماستر، كما كانت إقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون، بتغريدة نشرها على حسابه في «تويتر» مساء أول أمس، وعيّن اليميني المتشدّد جون بولتون ليحلّ محله الشهر المقبل.
فيما يبدو جلياً أنّ المدير الأميركي بدأ يحشد قواته السياسية فعلياً بعد مرور عام من المراوحة ضمن سياسات غير متوازنة وقرارات، ما أن تعلن حتى يأتي في اليوم الآخر ويغيّرها ذاك «البغي» في السياسة.
إلا أنه اليوم يريد مواجهة ما أعلنه في استراتيجيته النووية التي رصد فيها الأعداء المهدّدين مكانة أميركا وأمنها، فبدأ بتشكيل فريقه الجديد من خلال تعيين «متشددين» في المناصب الهامة لمواجهة تلك الدول علّه يصبح رجلاً يسجل له التاريخ الأميركي عظمة حضوره في سجل الإدارة الأميركية.
اختيار ترامب فريقاً جديداً بدءاً من مايك بومبيو وجين هاسبل وجون بولتون لم يكن محض صدفة، إذا عدنا إلى مواقفهم وتاريخهم. الأمر الذي يظهر فيه أنّ الرئيس الأميركي يريد من ينسجم مع أفكاره وتطلعاته الترامبية والمتطرفة والمتعصبة نحو الأنا الأميركية بدون الأخذ بعين الاعتبار ما يدور خارج فلكها.
وقد كشف تقرير موقع كاونتر بنج الأميركي: «إنّ صعود مايك بومبيو لمنصب وزارة الخارجية وجين هاسبل لمنصب وكالة الاستخبارات المركزية وهما من المحافظين الجدد بعد طرد تيلرسون الذي يُعد من الصقور يلغي ما تبقى من اعتدال في البيت الأبيض ويهدد بسيناريو مفبرك لحرب في المنطقة».
وفي العودة إلى إعلانه إقالة تيلرسون أو ماكماستر وغيرهما، علماً بأنّ وحدها الأسباب القاهرة هي من يغيّر وزير الخارجية وكذلك مستشار الأمن القومي بحسب المتابع لتاريخ البيت الأبيض.
إلا أنّ هذه الأسباب القاهرة لم توجد لدى إدارة ترامب التي تعتبر من أكثر الإدارات، لا بل ربما تدخل موسوعة غينيس بكثرة الإقالات والاستقالات دون أسباب، أو ربما وجدت في الداخل إنما لم يصرّح عنها، بل بدأ بتغيير في إدارته على نحو دراماتيكي لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة.
ويبدو جليّاً أنّ الرئيس الأميركي من خلال اختياراته يريد ربط القول بالفعل. فهو يسعى لإيجاد فريق عمل منسجم مع أعماله يباركها ويزيد عليها، ولهذا السبب نجده يبحث عن المتطرّفين والمتعنتين لأفكاره «الترامبوية».
فمثلاً نجده بالأمس يصعّد مع الصين ويوقع على عقوبات اقتصادية ضدّها. وهو المدين لها أساساً، كما اتجه قبل ذلك إلى إعلان حرب تجارية يتراءى له الفوز فيها.
كما أنهّ هدّد بتوجيه ضربة عسكرية ضدّ سورية إلا أنّ تحذيرات الجنرال فوتيل قائد المنطقة الوسطى من القيام بهذا العمل قبل دراسة تداعياته بدقة، ذاكراً على رأس تلك التداعيات «وجود صدام مباشر مع موسكو».
فـ «الكابح الروسي» الذي ظهر جليّاً في تصريحات موسكو الأخيرة بأنّها «ستضرب مصادر الصواريخ الأميركية على سورية أياً كان مكانها» هو الذي سيجعل واشنطن تفكر جليّاً قبل شنّ ضربة ضدّ سورية.
كذلك، في إعلانه القدس عاصمة لدولة الاحتلال والملف النووي الإيراني واتجاهه نحو الانسحاب منه، بالإضافة إلى الصواريخ الكورية الشمالية التي باتت تهدّد العمق الأميركي والتصعيد بين الرئيسين قبل التوصل إلى التوافق حول لقاء لم يقرّر بعد. جميعها ملفات ساخنة يصعب على ترامب إدارتها على نحو يلائم هواه المتشدد والمتطرف بدون عقول متشددة ومتطرفة على الرغم من أنّ وزير الدفاع ماتيس من المتشددين أيضاً إلا أنّ له عقل ولديه تجربة لن تنسجم مع تطلعات ترامب منفرداً، كخيار التشدد والحرب.
فهل سينصاع البنتاغون الذي يملك رأياً أساسياً في العمليات العسكرية لـ «حافة الهاوية»؟ وبشكل خاص لكون الإدارة الأميركية تفقد تأثيرها إذا لم تضمن موافقة الكونغرس، بصرف النظر عما إذا كان ذا أغلبية جمهورية.