تحريض مقيت ومفترٍ
حسين حمّود
تتصاعد حمّى مواقف «قوى 14 آذار»، كلما اقترب موعد الاستحقاق النيابي، وهي كما يبدو، ستزداد حماوةً في الشهر المقبل الفاصل عن موعد فتح صناديق الاقتراع في السادس من أيار المقبل.
والعنوان الكبير لمعركة الفريق المذكور الانتخابية، هو مواجهة المقاومة بكل تنظيماتها، خصوصاً حزب الله، وتقديم رأسه السياسي، هديةً لأميركا و«إسرائيل» والسعودية على طبق الانتخابات.
وتمهيداً للمعركة الميدانية، في السادس من أيّار، تنشط حركة «14 آذار» في بيئة المقاومة، محملةً بأموال وإغراءات مختلفة، ودعم لوائح معادية للمقاومة، في محاولة مستميتة لخرق لوائح تحالف المقاومة المسمّاة لوائح «الأمل والوفاء». ويجري الحديث عن صرف أموال طائلة لشراء الذمم، ولا سيما شراء الصوات التفضيلي في دائرة بعلبك – الهرمل التي جلّ ما يسعى إليه «تيّار المستقبل»، هو خرق لائحة المقاومة بمقعد شيعي واحد، ليقول إن هناك جمهور المقاومة منقسم حول هذا الخيار.
قد يكون هذا التوجّه «المستقبلي»، نحو خرق لائحة المقومة بمرشح واحد، حلماً مستحيلاً أو كابوساً أو ربما حقيقةً قد تقع، لكن هذا لا يعني إفلاس المقاومة التي تعتمد على خزان بشري كبير ومتنوّع الاتجاهات، وعلى عمق إقليمي ودولي لا يخفى على أحد، وبالتالي فإن «المرشح الخارق»، لن يقدّم ولن يؤخر في المعادلات السياسية الراهنة، قيد أنملة. وسوف يكون منبوذاً في بيئته وبيئة المقاومة، كما كان غيره من النوّاب الذين نجحوا في محيط بيئة المقاومة وجرى استغلالهم برضاهم، ليكونوا منصة تصويب ضد المقاومة، فانتهوا بلا أي رصيد سياسي أو شعبي، بل لم يجدوا أمامهم خياراً سوى النبذ من بيئاتهم وقراهم وبلداتهم والانزواء وحيدين ولم يعد أحد يذكرهم سوى بمواقفهم المتخاذلة وجشعهم المالي وطموحاتهم الصبيانية، والأسماء كثيرة ومعروفة.
لكن بالرغم من ذلك، فإن الخطير هو المواقف التي تطلقها «قوى 14 آذار» ومَن وراءها من دول معادية للمقاومة، والتي تتجاوز التنافس الانتخابي الشريف، إلى الفتنة التي من شأنها إطاحة البلد والنظام والانتخابات، وذلك من خلال إثارة النعرات الطائفية والمذهبية واستحضار أحداث جرت منذ سنوات عديدة، لا غاية لها سوى الشحن النفسي الموصل، إذا تراكم، حد الصدام.
وفي هذه الخانة يصبّ الحديث عن أحداث 7 أيار 2008، وأن الانتخابات هي ردّ عليها، ما يعني أن مطلق هذا الموقف، عدا عن أنه لم يذكر أسبابها والمتعلقة بالتآمر على المقاومة للقضاء عليها، من خلال مقرّرات الحكومة في 5 أيار من العام والشهر نفسيهما، لا تعنيه الوحدة الوطنية التي تجلّت بعد ذلك والجلوس مع المقاومة في قاعات مجلس الوزراء ولا حتى دفاع حزب الله عن رئيس الحكومة سعد الحريري عندما تردّد أنه كان محتجزاً في السعودية، قبل بضعة أشهر، والسعي إلى إطلاقه واستعادة كرامته كإنسان وكرئيس حكومة. وهذا الموقف لحزب الله يثبت أن مواجهة 7 أيار لم تكن موجّهة إلى منصب أو مقام أو شخص أو طائفة أو مذهب أو فريق سياسي، بل كانت للدفاع عن قوة لبنان، التي تشكّل المقاومة أحد عناصرها الأساسية.
الانتخابات هي اتفاق ضمني بين المكوّنات السياسية والشعبية كلها، على بقاء البلد ووحدته وتطوّره لا تراجعه إلى الوراء، لكن، على ما يبدو، «قوى 14 آذار» تجره إلى الوراء ولا همّ لها سوى السلطة والمنصب والنفوذ، هذا هو برنامجها المخفي، وما على اللبنانيين سوى الاختيار.