المخرجة لينا خوري تسأل: «مين فيكن رجّال؟»!
اعتدال صادق شومان
«مين فيكن رجّال»، سؤال قد نظنّه للوهلة الأولى شتيمةً أو دعوةً إلى تحدّي الرجل على الطريقة اللبنانية، غير أنّه مجرّد سؤال تطرحه المخرجة لينا خوري، صائدةً في المياه العكرة، في السجال الأزليّ ما بين المرأة والرجل، في إغارة مباغتة على الركن الصامت، وذلك في مسرحيّتها «حكي رجال» الجديدة والمستمرّة بكثير من الاحتفاء منذ بداية العروض في بداية آذار الحالي على خشبة «مسرح المدينة» وسط متابعة إعلامية واسعة، مثلما شهدت أعمال المخرجة لينا خوري كافّة، من زمن «حكي نسوان»، إلى «لماذا؟».
المسرحيّة التي باتت تفاصيلها معلومة لدى كثيرين نظراً إلى الإقبال الكبير عليها، تبدأ عند إعلان ملتبس تنشره المخرجة بحثاً عن رجال من غير تحديد ماهيّة دور المطلوبين لأجله، فلبّى عدد من الرجال على أساس أنه إعلان للتوظيف لتبادرهم المخرجة بالسؤال الصادم: «مين منكن رجّال؟».
«شو هالجرأة من مرا تسأل رجّال سؤال من العيار الثقيل»، وطبعاً لا بدّ أن يسود الهرج والمرج، بسبب «وقاحة» السؤال. وإذ تأكدوا أنّه سؤال جديّ، ساد الإرباك وتردّد الجواب. من مبدأ أن الأسئلة من هذا النوع الملغوم تُعدّ من «التابوهت» المحرّم الخوض فيها خصوصاً أمام امرأة. على اعتبار أنّه تشكيك سافر في فحولة مؤكّدة لا ريب فيها، حتى لو كان ملحها كذب. قبل أن يتكشف لهم القصد الحقيقي لدورهم. وبعد أخذ وردّ استغرقا مساحة زمنية طويلة نسبياً، خفّف من وطأتها القالب الكوميدي الذي أدّاه فريق العمل إلى جانب المخرجة لينا خوري التي تؤدّي دورها واقعياً، وخمسة رجال من عيار غبريال يميّن، طارق تميم، طوني معلوف، وجوزف زيتوني، فؤاد يميّن، وسادسهم «عزيز» ـ التطبيق الإلكتروني ـ الذي لا يقلّ عنهم ذكورية في إجاباته على الأسئلة، في توصيف أصناف الرجولة وأشكالها، بحسب ميزان المجتمع.
هذا في التكتيك المسرحيّ وتقنياته وأدواته، ونترك الخوض فيها لذوي الاختصاص. أمّا الفحوى الحقيقية من الكلام قصد الولوج إلى معشر الرجال أي ذلك العالم الخاص بالرجل، ففي مسرحه ـ غير المكشوف ـ تسقط الأقنعة ويتكشف النقيض المتواري خلف «تهويمات» من صنعه، وإفشاء أسراره الملتبسة ووضع الإصبع على مكامن شكواه، وتولّد أفكاره اعترافاته ما يدينه منها على الأخصّ، ويكشف عوراته وهواجسه، ويبوح بوجعه، قصصه الدفينة، معاناته، حكاياته وإحباطاته، وركن دموعه السرّي الذي يجافيه إرضاءً لرغبة أمّه وقد أوصته «الرجال ما بتبكي… وخلّي حديثك كلام رجال، مش متل حكي النسوان ما بودّي ولا بيجيب»!