الصين تستنكر الإجراءات الغربية وتركيا لا ترى ضرورة بالتضامن واشنطن: روسيا أرادت التنافس الاستراتيجي!

جدّدت موسكو رفضها لاتهامات لندن بحادث تسميم ضابط الاستخبارات الروسي السابق سيرغي سكريبال، ولم تستبعد تورط الاستخبارات البريطانية بالقضية.

بيسكوف

وقال المتحدّث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أمس، «إنّ لندن لم تقدم أي أدلة كافية ومفهومة بشأن التورط المزعوم لموسكو في تسميم ضابط المخابرات الروسية السابق، سيرغي سكريبال».

وأشار بيسكوف في تصريحات إلى الصحافيين: «ربما أستطيع أن أكرّر مرة أخرى أننا، للأسف الشديد، لم نر أي أدلة أو تفسيرات كافية للموقف، الذي اتخذه المسؤولون في لندن حتى الآن».

وتابع: «لم تقدم لندن أي معلومات إلى الجانب الروسي، والتقارير التي رأيناها في وسائل الإعلام، التي يدعم الادعاء بأنها معلومات تمّ تقديمها كحجج رئيسية، وهو أمر بالكاد يصمد أمام النقد».

من جهة أخرى، علّق بيسكوف، على قرار بعض الدول مقاطعة كأس العالم «روسيا 2018». بالقول: «إنّ قرار بعض المسؤولين الأجانب بمقاطعة كأس العالم المقام في حزيران في روسيا، لن يكون له أي تأثير سلبي على مسار البطولة».

وقال بيسكوف: «عند الحديث عن كأس العالم، نجد أن بعض المسؤولين رفضوا حضور كأس العالم، فمن غير المرجّح أن يكون لها أي تأثير سلبي على هذا الحدث الرياضي بشكل عام».

وتابع: «أداء المنتخبات هو الأمر المهم في كأس العالم، لا وصول المسؤولين أو الممثلين الرسميين».

الخارجية الروسية

من جانبها، اعتبرت وزارة الخارجية الروسية، «إنّ عدم اهتمام بريطانيا بالتحقيق لمعرفة مَن يقف وراء تسميم ضابط الاستخبارات السابق سيرغي سكريبال، يجعلها لا تستبعد تورط الاستخبارات البريطانية في الحادث».

وأوضحت الخارجية في بيان، أمس، أنّ «تحليل ظروف ما جرى يبين عدم اهتمام السلطات البريطانية بتحديد الدوافع الحقيقية ومعرفة منفذي الجريمة تسميم سكريبال في مدينة سالزبوري، وهذا يجعلنا نفكر في إمكانية تورط الاستخبارات البريطانية» في الحادث.

وقالت الخارجية إنّ «السلطات البريطانية تظهر بشكل منهجي عدم قدرتها على توفير الأمن للمواطنين الروس على أراضيها».

وأشارت الخارجية الروسية في بيانها، إلى أنّ «من الأمثلة الصارخة على ذلك، تسميم الضابط السابق في المخابرات الروسية ألكسندر ليتفينينكو، كذلك وفاة رجلي الأعمال الروسيين بدري باتاركاتسيشفيلي، وألكسندر بيريبيليتشني، والانتحار الغامض لبوريس بيريزوفسكي، وخنق شريكه نيكولاي غلوشكوف، وآخرها الاعتداء على حياة وصحة سيرغي سكريبال وابنته يوليا سكريبال».

ريابكوف

من جهته، أعلن نائب وزير الخارجية الروسية، سيرغي ريابكوف، «أنّ موسكو لا تستعجل في مسألة الرد على طرد الدبلوماسيين الروس بسبب قضية سالزبوري».

ورداً عن سؤال حول متى ستعلن روسيا عن إجراءات جوابية لطرد الدبلوماسيين الروس وإغلاق القنصلية العامة الروسية في الولايات المتحدة، قال ريابكوف: «لسنا بعجلة في أمرنا. إننا نقترب من هذا بشكل شامل ومدروس».

السفارة الروسية في لندن

بدوره، أعلن المتحدث باسم السفارة الروسية في لندن، أمس، «أنّ نحو 160 دولة ليست أعضاء في الكتلة الغربية ترى أنه ينبغي على بريطانيا أن تقدم أدلة على تورط روسيا في قضية تسميم ضابط الاستخبارات الروسية السابق، سيرغي سكريبال، في سالزبوري».

وقال المتحدث في السفارة للصحافيين: «لفتنا الانتباه إلى البيان الصادر عن رئيسة مجلس الوزراء. التقديرات يمكن أن تتغير، ولكن الشيء الرئيسي لا يزال هو نفسه. حتى ولو قالت السيدة ماي إنها متأكدة تماماً من أنّ روسيا كانت مسؤولة عن حادثة سالزبوري، فسيتعين عليها تقديم كل الأدلة إلى روسيا، والمجتمع الدولي والجمهور البريطاني. هذا رأي نحو 160 دولة ليست أعضاء في الكتلة الغربية».

ماتيس

في حين، أعلن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، أمس، لمجلة «Business Insider» الأميركية أنّ «قضية تسميم الجاسوس سكريبال وابنته هو استمرار لمحاولات روسية لتقويض وحدة الغرب».

وقال ماتيس للمجلة: «إنهم يفعلون أشياء يعتقدون أنه يمكنهم إنكارها والتهرب من المسؤولية والبقاء من دون عقاب، وبهذه المحاولات روسيا تحاول كسر وحدة التحالف بين الدول الغربية».

وعند قيام الصحافيين باستيضاح موقف ماتيس، وتحميله المسؤولية لروسيا بشأن محاولة قتل الجاسوس الروسي سكريبال وابنته، ردّ وزير الدفاع الأميركي، قائلاً: «محاولة قتل الجاسوس وابنته هي البداية، ما رأيكم بهذا؟».

وأشار ماتيس إلى أنّ «روسيا وحدها اختارت أن تلعب دور المنافس الاستراتيجي للولايات المتحدة الأميركية»، معتبراً أنّ «روسيا هي المسؤولة عن تدهور العلاقات مع أميركا بسبب سياساتها في العالم، وإمكانية عودة العلاقات كما كانت صعبة للغاية».

الصين

في سياق متصل، انتقدت الصين بشدّة طرد عدد من الدول الغربية دبلوماسيين روس من أراضيها على خلفية حادث تسميم العميل البريطاني سيرغي سكريبال.

هذا الموقف صاغته صحيفة «Global Times» التي تُعد لسان حال الحكومة الصينية، ووصفت فيه تصرفات الغرب ضد روسيا بأنها ضرب من «السلوك الخشن وغير المتحضر».

الصحيفة الصينية شدّدت على أنّ «بريطانيا ليس لديها أدلة كافية لتوجيه الاتهامات إلى روسيا»، مشيرة إلى أنّ «مثل هذا الإجراء المتمثل في طرد الدبلوماسيين لا يؤدي إلى شيء، سوى زيادة العداء والكراهية بين الدول الغربية وروسيا».

وقالت «Global Times» في هذا الصّدد إنّ «حقيقة كون الدول الغربية يمكن أن تجتمع وتصدر حكماً ضدّ دولة أخرى، متجاهلة الإجراءات والقواعد الدولية، تثير مخاوف كبيرة».

ولفتت الصحيفة إلى أنه «ما كان باستطاعة أي دولة أثناء الحرب الباردة أن تجرؤ على اقتراف مثل هذا الاستفزاز، لكن اليوم يتم تنفيذه بسهولة كبيرة. إنّ مثل هذه الأفعال لا تعدو إلا أن تكون من أشكال الاستهزاء الغربية التي تهدد السلام والعدالة العالميين».

ودعت الصحيفة الصينية الدول غير الغربية إلى «تعزيز الوحدة والقيام بجهود مشتركة» من أجل حماية نفسها من «تكتيكات التخويف» الغربية، مشدّدة في خاتمة المطاف على أنّ «الغرب ليس إلا قسماً صغيراً من العالم».

تركيا

من جهته، أكد رئيس تركيا رجب طيب أردوغان أنّ «بلاده لن تتخذ أيّ إجراء ضدّ روسيا بناء على مزاعم» وذلك في إشارة إلى ادعاءات لندن التي تتهم موسكو بالوقوف وراء تسميم العميل السابق، سيرغي سكريبال.

وتأتي تصريحات أردوغان التي أوردتها الصحف التركية أمس، في الوقت الذي قامت فيه الولايات المتحدة والعديد من دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى حلف شمال الأطلسي تركيا عضو فيه منذ 1952 بطرد دبلوماسيين روس بشكل منسق هذا الأسبوع، بسبب مزاعم غير مثبتة ودون أي أسباب وجيهة.

وقال أردوغان في تصريحات نقلتها صحيفتا «حريت» و»يني شفق»: «نحن لا نعتزم اتخاذ إجراءات مماثلة لمجرد أن بعض الدول تحرّكت بناء على مزاعم».

وتابع: «من غير الوارد إطلاقاً أن نتدخل ضدّهم الروس »، وذلك رداً على أسئلة الصحافيين عند عودته من بلغاريا، حيث التقى يوم الاثنين رئيسي المجلس الأوروبي دونالد توسك، والمفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.

بريطانيا

بدورها، رحبت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ «قراره طرد 60 دبلوماسياً روسياً». وجاء في بيان لمكتب رئيسة الوزراء أنها وصفت خطوة واشنطن بـ «رد حازم جداً»، ورحبت بـ «العمل الدولي الواسع النطاق رداً على التصرفات الوقحة والمتهورة»، حسب تعبيرها.

وأشارت ماي إلى أنّ «عدد الدول التي أعلنت طرد دبلوماسيين روس وصل إلى 26 دولة».

وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية البرتغالي أوغوشتو سانتوش سيلفا عن استدعاء السفير البرتغالي من موسكو للتشاور.

وقامت مالطا بخطوة مماثلة أيضاً، مؤكدة «تضامنها التام» مع بريطانيا، علماً أنّ رئيس وزراء البلاد جوزف موسكات صرح يوم الاثنين بأنّ «مالطا تؤيد طرد الدبلوماسيين الروس، لكنها لن تقوم بذلك، خوفاً من قطع العلاقات الدبلوماسية مع روسيا بنتيجة خطوات موسكو الجوابية المحتملة».

كما أعلنت حكومة الجبل الأسود «أنها ستطرد دبلوماسياً روسياً واحداً، بالإضافة إلى سحب الموافقة على عمل القنصل الشرفي الروسي في البلاد. وأمهلت الدبلوماسي غير المرغوب فيه أسبوعاً لمغادرة البلاد.

وفي وقت سابق استعادت سفراءها من موسكو للتشاور كل من بلغاريا ولوكسمبورغ وسلوفاكيا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى