مهرجان تضامني لمرور عام على اختطاف يازجي وابراهيم: لبنان يتعاطى بمسؤولية عالية مع هذا الملف
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة تمام سلام أن الظلم المتمادي الذي يتعرّض له المطرانان بولس يازجي ويوحنا ابراهيم، هو جريمة غير مقبولة بأيّ معيار من المعايير، ولا يخفف من فداحتها وبشاعتها شيء، ولا تحمل أسباباً تخفيفية تحت أيّ عنوان كان.
كلام سليمان وسلام جاء في كلمة ألقاها عنهما وزير البيئة محمد المشنوق في المهرجان التضامني الذي نظمه اللقاء الأرثوذكسي والرابطة السريانية، عصر أمس، لمناسبة مرور عام على اختطاف المطرانين بولس اليازجي ويوحنا إبراهيم، على مسرح مدرسة القلبين الأقدسين السيوفي ـ الأشرفية.
وقال المشنوق: إنها مسألة أخلاقية وإنسانية في المقام الأول. لا تعني سورية أو لبنان وحدهما، ولا تعني كنيسة الروم الأرثوذكس وكنيسة السريان الأرثوذكس وحدهما. إنها تعني كلّ حريص على احترام الكرامة البشرية، وكلّ من يؤمن بالإنسان قيمة عليا، وبحقه في الحرية بكلّ أشكالها، وأولها حرية الإنتماء والمعتقد والتعبير».
وشدّد على «أنّ هذه الجريمة يجب أن تبقى قضية إسلامية قبل أن تكون قضية مسيحية أو قضية الكنيستين اللتين ينتمي اليهما المطرانان الغائبان، لأنّ مرتكبي هذه الجريمة أساؤوا إساءة فادحة إلى الإسلام وقيَمه، وألحقوا ضرراً كبيراً بصورة المسلمين الذين لم ولن يكونوا يوماً الا دعاة اعتدال وتسامح وتعايش مع إخوانهم من أتباع الديانات السماوية الأخرى في هذه المنطقة من العالم».
وأكد «أنّ لبنان يتعاطى بمسؤولية عالية مع هذا الملف الذي أوكل الى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يتمتع بكامل ثقة المسؤولين وبكفاءة عالية أكدها في نجاحه بملفي مخطوفي اعزاز وراهبات معلولا».
بزي
ثم تحدث النائب علي بزي باسم رئيس مجلس النواب نبيه بري فقال: إن قضية المطرانين ليست قضية دينية فقط، هي قضية سياسية، هي قضية حضارية، قضية صراع بين فكر تكفيري إلغائي إقصائي وبين فكر تصالحي توافقي».
وأضاف: «لا يمكن فصل ملف المطرانين عن ملف مسيحيي معلولا وعن ملف ما يجري للأرمن في كسب ولا عما أرتكب بحق الكنائس والأديار، بل أكثر من ذلك، لا يمكن فصله، عن ملف المسيحيين المشرقيين كلهم».
وتابع: «هناك من يريد أن يفقد المشرق تنوّعه، انّ الشرق من دون جناحه المسيحي لا يمكن أن يحيا ولا يمكن على الإطلاق أن يستمر، فيسوع المسيح مشرقي، والمسيحية ولدت في فلسطين وتأصّلت وانتقلت من أقصى المشرق الى أقصى المغرب. نحن شهادتنا مجروحة في هذا الكلام ولنا تجربة في عملية خطف امام الوطن والمقاومة القائد المغيّب الإمام موسى الصدر».
وناشد بزي كل من يمتلك ذرة من الكرامة والشرف والحكمة والمروءة ليعمل ليس فقط على كشف مصير المطرانين، بل يجب ان يعمل لتحرير المطرانيْن ليعودا الى أهلهما، والى رعيتهما من أجل نشر ثقافة الحب والوعي والتسامح، وليس جديداً القول بأنّ الرئيس بري هو أيضاً في المواقع المتقدمة من أجل العمل على تحرير المطرانين».
افرام
وتحدث بالمناسبة أيضاً رئيس الرابطة السريانية حبيب افرام فقال: «لا الثورات، لا الأنظمة، لا الأديان، لا الكتب السماوية ترضى بخطف أي إنسان، فكيف إذا كان رجل دين عبادته الخير وصليبه من حب الناس، وكيف إذا كانا ارثوذكسيين مشرقيين غارزين في جذور المنطقة، وكيف إذا كانا نيافة المطران يوحنا إبراهيم والمطران بولس يازجي؟
أضاف افرام: «إذا كان المدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم من يسعى باسم لبنان، فهذا فخر لنا، لأن لدينا ثقة مطلقة به، وهو يطلعنا على كل تفصيل ويواكبنا في كل شاردة وهو حبل الصرة الوحيد لنا، فله التحية وليتوقف البعض عن حساباتهم الصغيرة في زواريب السياسة اللبنانية».
وتساءل افرام: «من هو المخطوف؟ أليست العروبة بوجهها الحضاري، في كونها حاضنة للأديان ووعاء للعيش المشترك ولاحترام التنوع، أليس الإسلام في تفسيره هو المخطوف في محاولة شيطنته من زمر «نصرة داعش» «بوكوحرام» و «طالبان» و»السلفيين والتكفيريين» وفكر جاهلي لا يمت الى قيم العصر بصلة».
ودعا افرام البطريركين يوحنا اليازجي وأغناطيوس افرام الى لقاء قريب موسع مع المعنيين لخلق دينامية جديدة تؤازرها الفاتيكان، مؤكداً «أن قضية المطرانين هي قضية رمزية لكلّ مسيحي مشرقي، لكل مسلم، لكل حضارة، لكل إنسان، هي صليبنا نحن في الرابطة واللقاء سنحمله معاً حتى القيامة.
أبو فاضل
وتوجه أمين عام اللقاء الأرثوذكسي النائب السابق مروان أبواضل الى المطرانين قائلاً: «المسيحيون في هذا المشرق، في هضابه وسهوله وجباله ووديانه وشاطئه، هم مكوّن أصيل وجوهري، أصله متأصل في عمق الأرض، ووجهه متطلع إلى السماء يستلهم منها كلّ الإلهام الإلهي يختزنه في ذاته، ومن ثم تجسّده تلك الذات على هذه الأرض، لنقول بأنّ حضورنا يظل إلى المنتهى تمتمة إلهية تحاكي الوجود بلغة المحبة والسلام».
وطالب باسم اللقاء الأرثوذكسي الدول القادرة، بمؤسساتها السياسية والأمنية، السعي الدؤوب من أجل إيضاح مصير المطرانين بالدرجة الأولى لتطمئن قلوبنا على أنهما بخير، كما كنا نطمئن على الراهبات المحررات والمخطوفين السابقين في اعزاز. وناشد المجمع الأنطاكي المقدس برئاسة البطريرك يوحنا العاشر يازجي، أن يبقى ملتئماً بحالة الطوارئ، حتى ينجلي مصيرهما ويتحرّرا من أسر الاختطاف.
وأكد أنه «حتى تتأمّن الشروط والظروف الموضوعية للانتقال من الحالة الطائفية إلى الحالة الوطنية، سيبقى اللقاء الأرثوذكسي يعتبر بأنّ التصحيح يتم باعتماد مشروعنا الانتخابي الميثاقي الذي وحده يعكس وحدة الوطن ونهائيته، كما التمثيل السليم، إضافة إلى التنوع السياسي الراقي».
وأكد أن الاستحقاق الرئاسي المقبل مناسبة جدية لابتكار مشروع سياسي متكامل ضمن سلة واحدة يتحقق من خلالها انتخاب رئيس جديد مستحق، وتأليف حكومة وحدة وطنية موسعة مطمئنة للجميع، واعتماد قانون انتخاب نيابي ميثاقي، والشروع بعد ذلك بمجموعة إصلاحات مصيرية باتت تفرض نفسها في الظروف التي يمرّ بها لبنان.