تحرير الغوطة: المعاني والدلالات
حميدي العبدالله
انتهت المعارك العسكرية وتمّ تحرير الغوطة الشرقية، ويمكن القول إنّ هذه المعارك التي نفذها الجيش العربي السوري على مرحلتين، الأولى عندما قام بمحاصرتها من كلّ الجهات وتطهير عمقها باتجاه البادية، وباتجاه الحدود الأردنية واللبنانية، وقد أنجز هذه المرحلة في فترات متباعدة ومعارك متعدّدة استمرّت حوالي سنتين، والمرحلة الثانية هي المرحلة الأخيرة التي انتهت بعد أسبوعين عسكرياً على بدئها وقادت إلى ترحيل الإرهابيين إلى مناطق الشمال السوري.
تحرير الغوطة على الرغم من أنها كانت معركة لم تستغرق من أبطال الجيش السوري في مرحلتها الأخيرة أكثر من أسبوعين، إلا أنها كانت من أكثر المعارك خطورة وأكثرها تأثيراً على مجريات الحرب على سورية، عسكرياً وسياسياً. عسكرياً لأنه في الغوطة كان هناك حوالي أكثر من 20 ألف مسلح امتلكوا كلّ وسائل القتال وباتوا جيشاً بكلّ ما في الكلمة من معنى، وقد كشفت الاستعراضات العسكرية التي أجريت في أوقات سابقة عن هذه الحقيقة، ويمتلك هؤلاء الإرهابيين ورقة قوة في تعريضهم العاصمة دمشق وضواحيها حيث يعيش حوالي 6 مليون نسمة للخطر والضغط على الدولة السورية في سياق عمليات الابتزاز السياسي والعسكري.
بهذا المعنى، وإضافةً إلى مستوى التحصينات التي أقامها الإرهابيون داخل الغوطة، يمكن الاستنتاج أنّ معركة تحرير الغوطة لا تقلّ أهمية عن معركتي تحرير أحياء حلب الشرقية وأريافها، وتحرير دير الزور والبادية السورية وصولاً إلى الحدود الدولية مع العراق.
أهمية معركة تحرير الغوطة سياسياً عكستها ردّة الفعل الهستيرية للدول الغربية على مستوى مجلس الأمن والمنظمات الأممية الأخرى، حيث عقدت أكثر من جلسة خلال أقلّ من أسبوعين لمجلس الأمن ولأول مرة تهدّد الولايات المتحدة بالتحرك عسكرياً من خارج مجلس الأمن ضدّ سورية إذا لم تتوقف عملية الغوطة، ولولا تهديد روسيا بضرب مصادر النيران واستعداد الدولة السورية للمواجهة، الأمر الذي يعني تدحرج الحرب الإرهابية على سورية وتحوّلها إلى حرب عالمية، ستكون كلفتها باهظة على جميع الأطراف، وقد تتحوّل «إسرائيل» والأردن إلى ساحة لها، إضافةً إلى سورية، لما تراجعت التهديدات الغربية.
عكست ردود الفعل الغربية، ولا سيما الأميركية والبريطانية والفرنسية مستوى الرهان على الغوطة وعلى إرهابيّيها في الضغط على الدولة السورية وحلفائها في تحقيق بعض الأهداف التي سعت الدول الغربية للوصول إليها عبر هذه الحرب الإرهابية التي دخلت عامها الثامن.
لكلّ ما تقدّم فإنّ تحرير الغوطة يمثل المعركة الفاصلة الثالثة في معارك نصر سورية وحلفائها على من خطط ونفذ وقاد الحرب الإرهابية على سورية.