المشنوق: التعاون وتبادل المعلومات أساس لتجفيف منابع الإرهاب

أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أنّ «التعاون وتبادل المعلومات هو أساس للنجاح في تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على محاولات تبيض الأموال».

وخلال رعايته افتتاح أعمال «الملتقى السنوي لمجموعة مدراء الالتزام ومكافحة غسل الأموال في المؤسسات المالية والمصرفية العربية»، قال المشنوق: «نلتقي اليوم في ظل الحملات الانتخابية والتحضيرات اللوجستية والتقنية لنتشارك سوياً قصتي نجاح لبنانيتين: الأولى مصرفية والثانية أمنية في زمن قل فيه النجاح وكثر التهويل والأخبار الهدامة والتجاذبات والشحن الطائفي. هذا الملتقى المصرفي الرائد والمهم يسلط الضوء على أحدث السبل والآليات لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. فغسيل الأموال أو تبييضها والقضاء على تمويل الإرهاب يشكلان هاجساً للقطاع المصرفي وللأجهزة الأمنية والقضائية على حد سواء. لكنني وبكل ثقة أقول اليوم وأمام هذا الحشد الكبير إنّ القطاع المصرفي والأجهزة الأمنية اللبنانية يمثلان صورة لبنان الحقيقية والخلاقة والمبدعة. فنحن ننعم باستقرار أمني وآخر مالي».

أضاف: «أبدأ الحديث عن القطاع المالي لأقول إنّ القطاع المصرفي صمد في أصعب الظروف، وأنتم أهل البيت والأدرى بذلك، بمواجهة المخاطر المالية والتحديات الاقتصادية والتهويل بالعقوبات وكان وما يزال رافعة أساسية للاقتصاد الوطني والمشغل الأكبر لليد العاملة اللبنانية في القطاع الخاص في حين أن الودائع المصرفية تشكل أكثر من ثلاثة أضعاف الناتج المحلي».

واعتبر أنّ السياسات المالية التي هندسها الحاكم رياض سلامة «شكلت حصناً منيعا حمى اللبنانيين عموماً،والمدخرين منهم خصوصاً». وقال: «لقد شهدنا منذ بضعة أشهر وخلال الأزمة الكبيرة التي مرت على لبنان خلال شهر تشرين الثاني الماضي، كيف استطاع المصرف المركزي وبمهارة وهدوء المحافظة على الاستقرار المالي والنقدي وبث جرعات التفاؤل والطمأنينة للشعب اللبناني بأكمله».

وأكد أنّ «وجودنا اليوم وفي حضور هذا اللفيف من المدعوين العرب والأجانب، هو خير دليل على نعمة الأمن والأمان الذي ينعم به لبنان»، لافتاً إلى أنّ الجيش والقوى الأمنية نجحا «في مواجهة الإرهاب وحماية لبنان من تداعيات الحريق السوري والقضاء على الخلايا الإرهابية النائمة. ونجحنا وبشكل ملفت بزيادة التنسيق وتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية اللبنانية على مختلف رئاساتها للمرة الأولى منذ سنوات طويلة».

وأشار إلى «أنّ الأجهزة الأمنية والجيش تحديداً وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، كانا سباقين في عمليات عسكرية وأمنية عطلت كلّ مخططات تنظيمات إرهابية وتكفيرية لتفجير واحتلال بعض مناطق لبنان، ما جعل بيروت من أكثر العواصم أمناً في العالم».

ولفت إلى «أنّ الخطط الأمنية تمّ تنفيذها بأكملها، وكان آخرها طرد تنظيم داعش من السلسلة الشرقية على يد الجيش اللبناني في نجاح وسرعة ودقة باهرة».

وذكّر المشنوق بما أقر في مجلس النواب عام 2015 خصوصاً «مشروع القانون الرامي الى تعديل القانون رقم 318/2001 المتعلق بمكافحة تبييض الأموال»، لافتاً إلى أنّ هذا التعديل يأتي «في إطار التزام لبنان بتطبيق الاتفاقيات المتعلقة بمكافحة الإرهاب وخصوصاً التوصيات الصادرة عن مجموعة GAFI. كذلك أقرّ مجلس النواب مشاريع القوانين المالية المتعلقة بتبادل المعلومات الضريبية ومشروع التصريح عن نقل الأموال عبر الحدود، واتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بتجفيف مصادر تمويل الإرهاب».

واعتبر أنه «لا يمكننا مناقشة السبل والآليات لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من دون التطرق الى سبل تعزيز التعاون بين المصارف والهيئات الرقابية المرتبطة بها من جهة والأجهزة الأمينة والقضائية من جهة أخرى»، مؤكداً

أنّ «التعاون وتبادل المعلومات هو أساس للنجاح في تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على محاولات تبيض الأموال». وأعلن «أنّ الخطة الاستراتيجية لقوى الأمن الداخلي تقوم على تعزيز المنظومة التقنية والمعلوماتية وتفعيل وحداتها العملانية جميعها ومن بينها الشرطة القضائية ومكاتب مكافحة الجرائم المالية والإلكترونية. وسيساهم التطوير التقني والفني لقوى الأمن الداخلي بلعب دور أساسي واستباقي تحديداً بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بشكل كبير».

وأشار إلى أنّ «في لبنان قصص عديدة من النجاح لقطاعات، لكن أهمها على الإطلاق وأكثرها نجاحا هو القطاع المصرفي بفضل القيمين عليه وبفضل التزامهم بالقواعد والأصول الدولية التي تحمي المدخرين وتحمي سمعة لبنان من جهة أخرى. أما النجاح الأمني فهو بقدرة القيادات العسكرية والأمنية على المتابعة الدؤوبة والمثابرة والساهرة ليلاً ونهاراً لحماية الأمن وحماية المواطنين والأهم الأهم حماية ضيوفنا العرب الذين يحضر عدد منهم معنا اليوم. ونشجع على أن يكونوا دائماً من زوار لبنان إذا اقتنعوا فعلاً بأنّ الأمن والأمان ونجاح القطاع المصرفي هما من الأسباب التي تشجع على تكرار زياتهم وإقامتهم إلى لبنان».

فتوح

وكانت كلمة لأمين عام اتحاد المصارف العربية وسام فتوح الذي رحب بالحضور، آملاً أن يصدر الملتقى «التوصيات اللازمة بما يواكب التطورات الحاصلة عربياً وعالمياً على صعيد مكافحة غسل الأموال وحماية مجتمعاتنا ومصارفنا من إنعكاساتها الخطيرة».

جبيلي

من جهته، أكد رئيس مجموعة مديري الالتزام في الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب المدير العام والمسؤول الرئيسي للشؤون القانونية والتحقق للمجموعة في «بنك عودة» شهوان جبيلي «أنّ الالتزام بالقواعد القانونية هو مبدأ بديهي، لكن له المكانة الخاصة من الأهمية في القطاع المصرفي اللبناني والعربي عموما، وذلك بسبب التحديات والتطورات الاقليمية والعالمية»، مشدداً على «أنّ القطاع هو أحد الركائز الأساسية للاقتصاد اللبناني».

طربيه

وأعلن رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية الدكتور جوزيف طربيه، «أن المؤسسات المالية بشكل عام، والمصارف بشكل خاص، هي الأكثر استهدافاً لمرتكبي الجرائم المالية، وعلى رأسهم غاسلو الأموال، الذين يسعون دوماً وبشكل حثيث إلى إجراء سلسلة من العمليات المصرفية البسيطة أو المركبة، بهدف إخفاء مصدر المال القذر، ودمجه بالمال النظيف المشروع، لإعطائه صفة المشروعية. مع الإشارة إلى أنّ الخدمات والمنتجات المصرفية التي تتطور وتتشعب وتتعقد باستمرار، قد تتيح المزيد من الفرص لمرتكبي الجرائم المالية والجريمة المنظمة والأعمال المالية غير المشروعة الذين يسخرون كل طاقاتهم للتمكن من الولوج إلى النظم المصرفية للدول».

وقال: «لكن في المقابل، فكما أنّ المصارف هي الأكثر استهدافاً لتنفيذ الجرائم المالية وغسل الأموال، فهي في الوقت نفسه الوسيلة والأداة الرئيسية، وخط الدفاع الأول لمكافحة هذه الجرائم، شرط أن تمتلك المصارف الموارد والخبرة والمعرفة الكافية والعميقة بالآليات والقنوات والسبل التي يمكن إستغلالها أو يمكن أن تتيح تنفيذ عمليات غسل الأموال. وكذلك إدراك أن هذه الآليات والقنوات ليست بسيطة وثابتة، بل متغيرة ومتطورة ومعقدة في الغالب، يبتكرها ويطورها مجرمون ذوو خبرة ومعرفة مالية ومصرفية عالية. لذلك يحتاج كشفها ومكافحتها إلى خبرات بالمستوى نفسه أو أفضل، وهذا ما نسعى إليه في إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب من خلال مؤتمراتنا وملتقياتنا ومن خلال مجموعة مدراء الإلتزام ومكافحة غسل الأموال في الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب».

وأشار إلى «التعاون الدائم والهام بين اتحاد المصارف العربية ومجلس وزراء الداخلية العرب، في إطار مذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين حول مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والجرائم الإلكترونية، حيث اتخذ مجلس وزراء الداخلية العرب في إجتماعه بتاريخ 7 آذار 2018، قراراً بناء لتوصيات المؤتمر العربي الـ 16 لرؤساء أجهزة المباحث والأدلة الجنائية، بتكليف اتحاد المصارف العربية بالعمل على إصدار نشرات دورية بما يستجد من جرائم إلكترونية تستهدف القطاع المصرفي والتعاملات المالية الإلكترونية، والتعامل بالبطاقات الإئتمانية، بهدف توعية عملائها، وإلى تحديث أنظمة الحماية العاملة لديها، وسد أي ثغرات قد تستغل لاختراق هذه الأنظمة والإضرار بهذه المؤسسات وعملائها».

وأضاف: «بناء على طلب مجلس وزراء الداخلية العرب، بدأ اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب بتعميم هذه الدعوة على المصارف العربية، والطلب إليها إصدار نشرات دورية تتضمن المستجدات الحاصلة حول الجرائم الإلكترونية، ومستجدات التعامل بالبطاقات الإلكترونية، والإجراءات المتخذة حول تحديث وتطوير أنظمة الحماية العاملة لديها لإرسالها إلى الأمانة العامة للاتحاد، حيث سيتم تجميع كافة المستجدات المتعلقة بالمصارف وتبويبها ونشرها كل ثلاثة أشهر عبر موقع اتحاد المصارف العربية، والنشرة الإخبارية الإلكترونية اليومية، وعلى صفحات مجلة اتحاد المصارف العربية، حيث سنبدأ بنشر هذه المعلومات بدءا من شهر حزيران المقبل».

وأوضح أنه «رغم إدراك مؤسساتنا المصرفية وغير المصرفية العربية لخطورة الجرائم المالية، فهي لا تعطي الاهتمام الكافي لجميع تلك الجرائم».

وشدّد على أنّ «التطبيق الفعال لقوانين مكافحة الجرائم المالية يستوجب الاعتماد على مختلف الخبرات والكفاءات التي تتوفر لدى كافة القطاعات المعنية بهذا الأمر، ويستلزم الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية وتأهيل الموارد البشرية العاملة في مكافحة هذه الآفة، وكذلك إعداد وتنفيذ مستمر لبرامج تدريبية لتأهيل الأشخاص الذين أسند لهم القانون مهمة مكافحة أو مراقبة الأنشطة المالية وتحركات الأموال المشبوهة، والإبلاغ عنها، كموظفي المصارف والمؤسسات المالية والجهات القضائية والقانونية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى