ماذا تريد أميركا من اليمن؟!

علي القحوم

يتمتع اليمن بموقع جغرافي هام ويُعتبر الركيزة لشبه الجزيرة العربية.. حيث يطلّ على أهمّ الممرات المائية في العالم وهو باب المندب.. ويمتلك المئات من الجزر الهامة في البحر الأحمر والبحر العربي، كما يمتلك مخزوناً طبيعياً من الثروات النفطية والمعدنية.. اليمن بكر في ثرواته وما يمتلكه من ثروات متعدّدة، فهو غني بثرواته وغني بعزة وشموخ وعنفوان شعبه العظيم والمعطاء..

فاليمن يتميّز دون غيره في الجغرافيا وفي موقعه الجيوسياسي.. فالأطماع الاستعمارية باليمن ليست وليدة يومها بل منذ القدم.. وعرف اليمن عبر التاريخ أنه مقبرة الغزاة والمحتلين.. فكم من ممالك كانت تظنّ انّ الشمس لن تغيب عنها.. ومن دول استعمرت اليمن فطردت الى غير رجعة بتكاتف كلّ الأحرار من هذا الشعب العظيم..

الجدير بالذكر انّ الأميركان والصهاينة لهم أطماع واضحة لاحتلال اليمن من خلال مؤامرات حيكت عليه.. فمروراً بذريعة تفجير المدمرة الأميركية «كول» قبالة السواحل اليمنية في عدن، وفي حينها قامت الدنيا ولم تقعد.. وأرسلت أميركا ما يقارب 2000 جندي وضابط الى عدن للعمل على التحقيق وظلوا هناك مدة طويلة.. وبعدها اختلقوا ذريعة القرصنة التي من خلالها ملأت أميركا سواحل اليمن بالفرقاطات والسفن الحربية والمدمّرات الحربية وهذا كان قبل اكثر من عشر سنوات..

وبالتالي اختلقوا ذريعة الطرود المفخخة وقصة النيجيري الذي مرّ من اليمن فقط.. وقيل إنه شحن طردا مفخخا الى أميركا! والمعروف انه ليس هناك رحلات مباشرة من اليمن الى أميركا.. وبهذه الذريعة وضعت المطارات والمنافذ البرية تحت الرقابة الأميركية.. وفي حينها كان السفير الأميركي يتحرك وكأنه الحاكم الفعلي لليمن.. في المقابل بعد استحكام الأميركان على المنافذ البحرية والسواحل وكذلك البرية والهيمنة على القرار السياسي.. وبات اليمن تحت الوصاية الأميركية وتغيّر السيناريو وبدئ بالعمل على الأرض.. من خلال نشر ما يسمّى بعناصر الإجرام «القاعدة» و«داعش» والعمل على تهيئة المناخات والأجواء.. لتستحكم قبضتها على مناطق ومنها ابين ولحج وشبوة وحضرموت ومأرب والبيضاء ومناطق أخرى… ورُفعت الرايات السوداء ونشرت ثقافة الذبح والسحل والسكاكين.. وكان ضحيتها أبناء الشعب اليمني حيث ذبح الكثير وسحل الكثير.. ودفع الشعب اليمني فاتورة كبيرة جراء المؤامرة الخبيثة الأميركية المسماة «القاعدة وداعش»..

بالتالي أميركا استغلت إجرام عناصرها ولكي تستمرّ في خطوات الاحتلال من خلال هذه الذريعة أعلنت الحرب على ما يسمّى بالإرهاب بين هلالين الأميركي .. وبدأت القوات الأميركية تتوافد الى صنعاء الى حي شرتون حيث تحوّل الى ثكنة عسكرية أميركية.. وكذلك توافد عسكري في قاعدة العند العسكرية وفِي خور عميره وغيرها من المناطق العسكرية.. وباتت الأجواء اليمنية مستباحة من قبل الطيران الأميركي وبدأت القوات الأميركية تقتحم البيوت في لحج.. وكذلك قصف بالغارات الجوية وعملوا على السيطرة على الجيش اليمني والعمل على هيكلته وتغيير عقيدته.. وبالتزامن مع هذا كله ولكي لا يلتفت اليمنيون الى ما تعمله أميركا قاموا بنشر المفخخات والتفجيرات ونشر الفوضى.. والاغتيالات وإذكاء الفتنة وإحياء النزعات العرقية والطائفية والمناطقية… وهذا اُسلوب أميركي خبيث اعتمدت عليه أميركا خلال احتلالها للعراق..

ندرك جميعا انّ أميركا لم تفعل ما فعلته مع عملائها من اجل مصلحة اليمن بل تجلت الحقائق وانكشف الغطاء.. وكشف عن وجه أميركا القبيح واتضح للجميع المطامع الاستعمارية لليمن.. وأمام هذا كله كان الشعب اليمني يعاني الأمرّين من خلال سياسات التجويع للنظام العميل القائم آنذاك.. ومن خلال تكريس خطوات الاستعمار الأميركية، هنا الشعب اليمني بدأ يصحو ويتحرك من أجل الحرية ويعي حجم خطورة المرحلة.. وبدأ يهتف في وجه أميركا وعملائها وانطلقت شرارة الثورة الشعبية.. واشتعلت جذوتها التي من خلالها أسقطت أنظمة العمالة والفساد والارتهان.. وأسقطت معها الوصاية والهيمنة الخارجية وأغلقت الأبواب أمام الخارج وتطلع الشعب اليمني الى بناء دولة الشراكة والسيادة والاستقلال.. فكانت أهداف الثورة الشعبية محقة وعادلة.. وهي ثورة شعبية مطالبها شعبية وطنية ليس لها اي امتداد.. ودوما كان الشعب ولا زال يسعى الى تحقيق ذلك.. فكان انتصار الثورة في 21 من أيلول/ سبتمبر 2014 علامة فارقة في تاريخ اليمن.. ومثل انتصار الثورة ضربة قاصمة لمشاريع ومؤامرات أميركا في اليمن التي عملت على بنائها على مدى سنوات مديدة..

كما انّ انتصار الثورة الشعبية قضّ مضاجع أميركا وعملائها من أنظمة الخليج.. فأعلن عن تحالف الشرّ وأعلن العدوان من واشنطن تحت مبرّرات واهية وعناوين زائفة ومضلّلة إعادة شرعية حكم وهيمنة السفارات الأجنبية.. حيث شنّت الآلاف من الغارات الجوية ودمّر كلّ ما له علاقة بحياة الإنسان اليمني.. وأصبحت اليمن أطلالاً وركاماً وأهلك الحرث والنسل وقتل وجرح الآلاف من المواطنين وحصار بحري وبري وجوي..

في المقابل ونحن في العام الرابع من الصمود والثبات أمام أكبر تحالف وغزو لم يحصل مثله في التاريخ.. ومن تكشف الحقائق اتضح للجميع ماذا تريد أميركا من اليمن، فلولا أميركا لما حصل هذا كله..

هنا علينا جميعاً أن نعي ونفهم أننا أمام مواجهة مع الشيطان الأكبر.. كما انّ الاحداث باتت ماثلة أمامنا وماذا تريد أميركا ان تحققه في اليمن.. ولنا عبرة بما جرى ويجري في المناطق المحتلة الذي دنّسها الاستعمار وكيف نعمل على تحصين مجتمعاتنا من الاحتلال وخطره على اليمن أرضاً وإنساناً.. وان نتحرك بمسؤولية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى