ترامب يفضح كذب ماكرون مؤكداً عزمه على الانسحاب من سورية… ولقاء بوتين بعثة تقصِّي الحقائق تبدأ غداً مهامها في دوما… و«إسرائيل» قلقة من عزم إيران الردّ
كتب المحرّر السياسي
قبل أن تتحوّل صواريخ العدوان الأطلسي على سورية شيئاً من الماضي، ظهرت حميّة الدول المشاركة في استهداف سورية بذريعة تأكّدها من استخدام الجيش السوري للسلاح الكيميائي في الغوطة، متجاهلة الدعوات لانتظار التحقيق، للتباكي على دور بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي صارت مهمتها بلا قيمة، طالما أنّ دول العدوان قد قامت بالتحقيق وأصدرت النتائج والحكم وقامت بتنفيذه. وبكلّ وقاحة خرج وزراء وممثلو دول العدوان في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يتّهمون روسيا بعرقلة عمل بعثة التحقيق، بعدما قضوا على مهمتها قبل أن تبدأ. الردّ الروسي كان قاسياً وحاسماً أنّ التسهيلات الروسية والسورية للبعثة ستكون بلا حدود وأنّ عمل البعثة سيبدأ غداً بعدما تمّ تأمين الإطار الأمني الملائم لعمل البعثة، وسيكون متاحاً للبعثة مقابلات الشهود وأخذ العيّنات اللازمة لإصدار تقريرها بمدى صحة أو زيف الادّعاءات باستخدام سلاح كيميائي، والاطلاع على التجهيزات والمواد الكيميائية التي كانت تمتلكها الجماعات المسلحة في الغوطة، بينما واصلت الشرطة العسكرية الروسية وقوات حفظ النظام السورية انتشارها داخل مدن الغوطة وبلداتها.
في واشنطن، مع النتائج السلبية التي حصدتها إدارة الرئيس دونالد ترامب من العمل العسكري الذي تحوّل موضوع سخرية من الصحافة والسياسيين خصوصاً، تعليقاً على قول الرئيس ترامب إنّ المهمة قد أنجزت بالكامل، حيث امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بهاشتاغ عنوانه «المهمة نفّذت بالكامل» أرفقت بتعابير لاذعة، مثل سقطت الصواريخ ولم تصل أهدافَها، أو زاد الرئيس السوري قوة، أو تفادينا إزعاج الرئيس السوري، أو قمنا بتسليم سورية لإيران، كما فعلنا في العراق. خرج الرئيس ترامب في ردّ على كلام للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال فيه إنه أقنع ترامب بالبقاء في سورية، وأصاب صورة ترامب المهزوزة أصلاً، فقال ترامب إنه لم يغيّر قراره بالانسحاب في أسرع وقت ممكن، ما اضطر الرئيس الفرنسي للتراجع وسحب كلامه، وفي وقت لاحق غرّد الرئيس الأميركي مجدّداً رغبته بلقاء الرئيس الروسي، مقابل كلام للكرملين بأنّ اللقاء مع الرئيس الأميركي ليس على جدول الرئيس الروسي، وكلام لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن درجة السوء التي بلغتها العلاقات الأميركية الروسية.
لبنانياً، شكّل موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القمة العربية، فرصة لتبادل الرسائل بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي أشاد بمواقف الرئيس عون، وكانت زيارة وزير العدل سليم جريصاتي للرئيس بري، مناسبة لتبادل الرسائل والرأي حول الملفات المتداولة ولا سيما ما لمّح إليه رئيس الجمهورية عن حلول قريبة للكهرباء، وسط معلومات عن تحضير وزير الطاقة سيزار أبي خليل بتوجيه من رئيس الجمهورية بعرض دراسة عن إمكانية استجرار الكهرباء من سورية وعبرها، في ضوء عروض سورية وإيرانية لنقل الكهرباء براً، وبأسعار وتسهيلات مالية بالدفع، مع وجود فرضية قيام لبنان بتأمين الفيول اللازم لإنتاج كمية الكهرباء المطلوبة، وتسديد أجور الإنتاج فقط بأقساط ميسّرة. وفي حال الحاجة لما يزيد عن قدرة سورية الإنتاجية فإنّ إيران سبق وعرضت قيامها بإيصال الكمية اللازمة عبر خط ربط بالعراق فسورية بإيصال هذه الكمية اللازمة.
جريصاتي: بري ضمانة ضرورية للاستقرار
على ضفة التوتر الانتخابي المتصاعد بين التيار الوطني الحر وحركة أمل على خلفية خطاب وزير الخارجية جبران باسيل في رميش أمس الأول، برزت زيارة وزير العدل سليم جريصاتي للمصيلح أمس، ولقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حيث أوضح جريصاتي أن اللقاء حصل «بطلب مني»، وقال «الرئيس بري أشاد بخطاب رئيس الجمهورية في القمة العربية واعتبره نوعياً يخرج عن المألوف».
وقد عكست الزيارة الأجواء الإيجابية على خط بعبدا – عين التينة، رغم التوتر القائم على خط العين الرابية، حيث أشار جريصاتي الى أنني «أطلعت دولته على بعض الامور السياسية في البلد، وهو طبعاً على بيّنة منها، وتمت المصارحة في مواضيع كثيرة. وكالعادة وجدت في دولة رئيس مجلس النواب الضمانة الضرورية اللازمة لاستقرار التسوية الكبرى في البلد التي ترتكز على الاستقرار السياسي والأمني أولاً وعلى التفاهم العام، بالرغم من بعض التجاذبات الحاصلة في معركة الاستحقاق الانتخابي. وكان اللقاء مميزاً كالعادة».
وقالت مصادر بعبدا لـ «البناء» إن «الشراكة الوطنية تقتضي تواصل رئيس الجمهورية مع جميع القيادات اللبنانية لا سيما الرئيس بري للتضامن والتنسيق لحل الملفات العالقة التي تعني المواطنين وشؤونهم الحياتية، خصوصاً أزمة الكهرباء». وكشفت مصادر عدة لـ «البناء» أن «جهوداً حثيثة تحصل لتأمين توافق حكومي على ملف الكهرباء»، مشيرة الى أن «زيارة جريصاتي الى بري لها علاقة مباشرة بهذا الملف»، مرجحة «إيجاد حلّ لأزمة الكهرباء في جلسة مجلس الوزراء المرجّحة يوم الأربعاء أو الخميس المقبل».
ولفتت الى أن «جميع القوى السياسية أُبلغت بأن لبنان مقبل على أزمة كبيرة في الصيف المقبل، حيث يزيد الطلب على الكهرباء لا سيما مع توافد أعداد كبيرة من السياح الأجانب». وتحدّثت المصادر أن «وزير الطاقة سيزار أبي خليل سيطرح ثلاثة خيارات للحل للنقاش للتوافق على أحدها: الأول استجرار الطاقة من سورية والثاني استقدام بواخر والثالث بناء معامل للإنتاج».
الى ذلك كشف جريصاتي أن «ليس هناك مشاريع على النار تتعلق بالعفو العام، لكن في الوقت المناسب وزارة العدل ستكون جاهزة لتضع مشروع عفو عام، وبالتالي عند توافر الإجماع السياسي ستعرضه على مجلس الوزراء، ومن ثم يعرض على مجلس النواب لإقراره، وطبعاً نحن نرى أن ذلك يجب أن يكون بعد الانتخابات النيابية».
قاسم: لن نقبل بقواعد اشتباك جديدة في سورية
وأشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الى أن «السعودية والإمارات تتدخلان في الانتخابات وزيارة السفيرين إلى بعلبك دليل على ذلك». وأشار إلى أن حزب الله «سيضع آلية لمكافحة الفساد بصرف النظر عن الشخصيات المتورّطة في الفساد».
وأشار إلى أننا «اتفقنا مع حركة أمل على التحالف معًا في كل الدوائر وذلك مفيد لنا وتركنا حرية التحالفات لحلفائنا، لكن التحالف الانتخابي ليس له علاقة بالتحالف السياسي ومتفقون استراتيجياً مع التيار الوطني الحر». وأكد أن «الرئيس عون هو الرقم واحد بالنسبة إلينا والوزير باسيل منسجم معنا ولدينا بعض الملاحظات على بعض مواقفه». ولفت إلى أنه «من المبكر الحديث عن شخصية رئيس الوزراء المقبل ونترك ذلك لما بعد الانتخابات النيابية».
وفي الشأن الإقليمي لفت قاسم الى أن «العدوان الثلاثي على سورية لم يحقق أهدافه، لأنه لم يغيّر شيئاً على الأرض». وأكد أن القتل «الإسرائيلي» المتعمّد للإيرانيين في مطار «تي فور» سيكون له ردّ، وتوقع رداً إيرانياً على الصهاينة في سورية «لكن لا نعرف شكله».
وفي مقابلة مع قناة «الميادين»، لفت قاسم إلى أنّ «محور المقاومة لن يسمح بتقييد حركته في سورية، حيث إن حزب الله لن يقبل بقواعد اشتباك تحدّ من حركته داخل سورية في مواجهة الإرهاب»، مشيراً إلى أن «قواعد الاشتباك في سورية تُصنَع بالدم والنار، وحزب الله سيكون حيث يجب أن يكون».
وحول إمكانية تقسيم سورية قال «لم يوضع حد نهائي لمشروع تقسيم سورية، وما دام أنه لم يحصل حل سياسي، فذلك يعني أن مشروع التقسيم قائم».
وقال قاسم: «السعودية احتجزت الرئيس سعد الحريري لأنه لم ينفّذ سياساتها. فالرياض تعتبر لبنان منصة لها»، وأضاف «لو لم يذهب حزب الله لقتال الإرهاب في سورية لرأيناه في جونية. والحزب ليس بديلاً عن الدولة أو الجيش اللبناني، وعندما يكون الجيش اللبناني قادراً على حماية لبنان فلن يجدوا من حزب الله أي عمل قتالي».
رفع الحظر الخليجي على لبنان بعد الانتخابات
الى ذلك، أثار عدول رئيس الجمهورية عن السفر الى قطر تلبية لدعوة افتتاح المكتبة الوطنية القطرية، تساؤلات حول الأسباب التي عزتها مصادر الى الوضع السياسي الملتهب في المنطقة وكي لا تظهر الزيارة، وكأنها تأييد لمحور على آخر، غير أن مصادر بعبدا أوضحت لـ «البناء» أن «لا أسباب سياسية لعدم سفر الرئيس عون الى قطر بقدر ارتباطها بتغيير مواعيد الرحلات الجوية وتأخّر هبوط طائرة عون في مطار بيروت بعد عودته من السعودية، حيث شارك في القمة العربية». وأشارت المصادر الى أنه «لو كانت هناك موانع سياسية للزيارة لما كان عون قبل تلبية الدعوة منذ تسلّمها»، موضحة «أن الرئيس عون ملتزم سياسة النأي بالنفس التي تتبعها الحكومة تجاه المحاور الإقليمية وحريص على أفضل العلاقات مع جميع الدول العربية ولا تعني زيارة دولة عربية انضمام لبنان الى محور ضد آخر».
ونقلت مصادر رئيس الجمهورية عنه لـ «البناء» أن «لقاءاته مع الملك السعودي والملك الأردني والرئيس المصري كانت إيجابية جداً لا سيما أنها الأولى بعد أزمة احتجاز الرئيس الحريري وتوتر العلاقة بين عون والسطات السعودية»، مشيرة إلى «أن مرحلة التوتر قد طُويت وفتحت صفحة جديدة من العلاقات وقد أبدت الدول الخليجية استعدادها لدعم لبنان على كافة المستويات. وقد أبلغ الملك السعودي الرئيس عون قراراً خليجياً برفع الحظر عن لبنان وعودة السياح الخليجيين إليه بعد الانتخابات النيابية».
ولفتت مصادر عون إلى أنه «تلقى وعوداً من مسؤولين سعوديين وإماراتيين بعدم ترحيل لبنانيين من السعودية والإمارات على أن تعود العلاقة بين الإمارات ولبنان إلى طبيعتها بعد الانتخابات».
ما علاقة «المادة 50» بمؤتمر باريس 4؟
في غضون ذلك بقيت المادة 50 من قانون موازنة 2018 محطّ تساؤل، حيث يُمنح بموجبها «كلّ عربي أو أجنبي يشتري وحدة سكنية في لبنان إقامة دائمة له ولزوجته وأولاده القاصرين في لبنان على أن لا تقلّ قيمة تلك الوحدة السكنية عن 750 مليون ليرة في بيروت و500 مليون ليرة في سائر المناطق»، وسط مخاوف من ربط إقرار هذه المادة بالتزامات لبنان مقابل المساعدات الدولية. وقد حذّرت مصادر سياسية واقتصادية من نتائج هذه المادة على المستوى الديموغرافي والاقتصادي، مشيرة لـ «البناء» الى وجود مخطط خارجي لإحداث تغييرات ديموغرافية في لبنان لأسباب سياسية وأمنية واقتصادية، موضحة أنّ «تمرير هذه المادة تحت شعار جذب الاستثمارات الخارجية هو ذريعة لمواكبة المتطلّبات الدولية لمؤتمر سيدر الذي لن يقدّم سوى مزيد من تراكم الديون والعجز في الموازنة وفي الخزينة ورفع الضرائب على الشرائح الشعبية الفقيرة ومن دون تحقيق إصلاحات جدّية وشفافة». وتساءلت: عن مدخول الدولة من الاستثمارات الخارجية، حيث إنّ العوائد المالية من الاستثمارات ستذهب الى أصحاب رؤوس الأموال في الخارج ولن تبقى في لبنان في ظلّ النظام الضريبي الظالم والتسهيلات المقدّمة لهم؟
وأبدت المصادر استغرابها الشديد حيال «تشريع تملك الشقق للأجانب وتحريم ذلك على اللبنانيين عبر توقيف دعم القروض السكنية للمواطنين ما سيفاقم أزمة السكن والوضع الاجتماعي في أوساط الشباب اللبناني»، محذرة أيضاً من أنّ هذه الخطوة «تسهّل إبقاء النازحين السوريين في لبنان». ودعت المصادر رئيس الجمهورية إلى «ردّ المادة 50 من قانون الموازنة إلى المجلس النيابي لإعادة صياغتها بشكل واضح». وأشارت أوساط اقتصادية لـ «البناء» إلى بعض الأرقام المؤلمة التي تضمنتها تقارير أحد البنوك اللبنانية وهيئات مالية دولية والتي تتحدّث عن أنّ « 0.03 في المئة من اللبنانيين يملكون 45 مليار دولار أيّ نصف ثروة لبنان بينما 77.7 في المئة من اللبنانيين لا يتعدّى مدخولهم السنوي 12 ألف دولار».
وعن مؤتمر باريس 4 قال دبلوماسي سابق لـ «البناء» إنّ «أقصى ما يمكن أن يحصل عليه لبنان من المؤتمرات الدولية هو مليارا دولار ولن يدفع دفعة كاملة بل سيتمّ تقسيطه على دفعات سنوية»، لكنه حذّر من «خدعة مالية يتعرّض لها لبنان الذي سيبدأ بدفع فوائد القروض الدولية منذ توقيعها، علماً أنه سيقبضها على سنوات عدة». وحذّر المصدر من «ربط مدة الإقامات للأجانب في لبنان باستمرار ملكية الوحدة السكنية، مما سيؤدي إلى إقامة دائمة ما يسهّل منح الجنسية لأصحاب الإقامة الدائمة بعد عشر سنوات، كما ينص القانون اللبناني».
وقد وجّه رئيس « الاتحاد العمالي العام » بشارة الأسمر كتاباً مفتوحاً إلى رئيس الجمهورية ميشال عون دعاه فيه للتدخّل، مشيراً الى أنّ «هذا الأمر مقدّمة للتوطين أو لتأييد وجود اللاجئين في لبنان، شرط من المانحين في مؤتمر سيدر – باريس ، خدمة لأصحاب العقارات المبنية وشركات تطوير العقارات وقد يكون من بينهم على الأرجح مسؤولون كبار».