عن اتفاقات خفض التصعيد
حميدي العبدالله
يدور سجال حول المسؤولية عن عدم الالتزام في اتفاقات خفض التصعيد. تركيا تحمّل الدولة السورية المسؤولية عن الخروج على هذا الاتفاق في إدلب، والجماعات المسلحة تتهم الدولة السورية بخرق اتفاقات خفض التصعيد في الغوطة الشرقية.
لكن من ناحية موضوعية، وبعيداً عن الادّعاء، من يتحمّل المسؤولية عن انهيار وتآكل مناطق خفض التصعيد؟
واضح أنّ المنطقة الوحيدة التي لا يزال الاتفاق صامداً فيها إلى حدود كبيرة هي المنطقة الجنوبية، ومن خلال ذلك يمكن استخلاص المعايير في تحديد من يتحمّل المسؤولية عن انهيار الاتفاقات في الغوطة الشرقية وإدلب. في المنطقة الجنوبية لم تبادر الجماعات المسلحة إلى ارتكاب خرق كبير، بمعنى شنّ هجوم على مواقع الجيش السوري، ولذلك التزام الجيش السوري بالاتفاق.
لكن في المناطق الأخرى، وتحديداً في إدلب والغوطة، فإنّ انهيار اتفاق وقف التصعيد يعود إلى أسباب أخرى.
في إدلب هناك ثلاثة أسباب أدّت إلى تآكل هذا الاتفاق. السبب الأول أنّ الجماعات المسلحة شنّت أكثر من مرة هجمات واسعة على مواقع الجيش السوري وحلفائه، وحتى في واحد من هذه الهجمات استهدفت الشرطة العسكرية الروسية المعنية بمراقبة الاتفاق.
السبب الثاني أنّ اتفاق خفض التصعيد في منطقة إدلب استثنى جبهة النصرة من وقف إطلاق النار، وهي التي تسيطر على أكثر من 90 من محافظة إدلب سيطرة أحادية، وبالتالي فإنّ خرق الاتفاق تمثل بعدم التزام تركيا والجماعات المسلحة الأخرى بمحاربة النصرة كما نص اتفاق خفض التصعيد على ذلك.
السبب الثالث أنّ تركيا، بدلاً من محاربة جبهة النصرة، عمدت إلى التنسيق والتعاون معها، وإرسال قوات عسكرية أكبر مما نص عليه اتفاق خفض التصعيد، ووضعت هدفاً ووجهة لعمل هذه القوات لم يأت ذكرها في اتفاق وقف التصعيد، والمقصود هنا استهداف منطقة عفرين في ريف حلب الغربي وليس في إدلب.
وهكذا فإنّ المسؤول بشكل صارخ وواضح عن انهيار اتفاق خفض التصعيد في إدلب هو الجماعات المسلحة وتركيا، وليس أيّ جهة أخرى.
أما المسؤول عن انهيار الاتفاق في الغوطة الشرقية، فهو من هاجم إدارة المركبات، واعتدى بهذه الشراسة على ضباط وجنود الجيش السوري.