عمّي كيري… هل يمكن ألّا يبقى الوضع على حاله؟
عندما تحاضر «القحباء» بالعفّة، يحلو له الكثير لتقوله، وتتناسى ما اقترفته من مآثم، وتسلّط الأضواء على أمورٍ أخرى.
وتنبري «القحباء ـ إسرائيل» هذه المرّة، من باب الإعلام، لا لتوجّه الانتقاد لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، بل لتظهر نفسها «المكان الآمن، المستقر، الديمقراطي، الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه في الشرق الأوسط»، وسط دول «يملؤها الإرهاب ويعشعش فيها».
في ما يلي مقال نُشر أمس في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، ونترك للقارئ أن يستنتج!
كتب غي بخور في صحيفة «يديعوت أحرونوت»:
كاللازمة المتكرّرة، درج وزير الخارجية الأميركي جون كيري على القول في الموضوع «الإسرائيلي» ـ الفلسطيني، إنه «لا يمكنه أن يبقى على حاله». غريب، فهو لا يقول هذا عن النزاع في سورية، الذي تجاوز عدد ضحاياه حتى الآن 200 ألف قتيل، ممّن يُذبحون، وتُقطَع رؤوسهم، ومن الموتى بأشكال مختلفة، في الطريق إلى ربع مليون قتيل وهو لا يقول هذا عن أربعة ملايين لاجئ من سورية و10 ملايين نازح وهو لا يقول هذا عن دولة «داعش» التي تقطع الرؤوس وتذبح الأقليات وهو لا يقول هذا عن العراق الذي تحطّم إلى شظايا، أو عن مطار بغداد الذي يوشك على أن يسقط في أيدي الجهاد الإرهابي وهو أيضاً لا يقول هذا عن ليبيا، الدولة التي يسيطر عليها تحالف منظمات جهادية مجنونة، على حافة أوروبا. ولا يقول هذا أيضاً عن اليمن الذي يموت، وتسيطر عليه قبائل منفلتة العقاب توجهها إيران «المبتسمة» من خلف الكواليس ولا يقول هذا أيضاً عن تخصيب اليورانيوم الذي لا يطاق لدى طهران التي تلفّه هو والغرب حول أصبعها.
لا يقول هذا أيضاً عن روسيا التي لم تحتل فقط شرق أوكرانيا، بل ضمّت أيضاً إقليم القرم الهائل إلى نفسها. فهذا ليس «احتلالاً»، الاحتلال فقط في «إسرائيل» وهو لا يقول هذا عن تركيا التي بشكل وحشيّ احتلت ثلث جزيرة قبرص ولا تزال تسيطر هناك ولا يقول هذا عن الصين التي رويداً رويداً تجعل التيبت منطقة مأهولة بالصينيين ولا يقول هذا عن حزب الله الذي يجمع عشرات آلاف الصواريخ على حدود «إسرائيل». ولا يقول هذا عن أصدقائه القطريين الذين بدهائهم يموّلون الإرهاب الذي تقاتل الولايات المتحدة نفسها ضده وهو لا يقول هذا عن حماس، التي أعلنت بفخار أنّها عادت إلى حفر الأنفاق الإرهابية نحو الأراضي «الإسرائيلية».
هو يقول هذا فقط عن «إسرائيل»، «المكان الآمن، المستقر، الديمقراطي، الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه في الشرق الأوسط». فقط عندنا «الوضع لا يمكن أن يبقى على حاله». فقط للتذكير أنّ جون كيري الذي كان الصديق الشخصي لبشار الأسد، والتقاه مرات عدّة في لقاءات حميمة. كان جون كيري بمنصبه السابق كرئيس للجنة الخارجية في مجلس الشيوخ هو الذي عمل على إعادة السفير الأميركي إلى دمشق وممارسة الضغط على «إسرائيل» حين كان الثمن بالطبع الجولان. في حينه أيضاً «الوضع ما كان يمكن أن يبقى على حاله»، وأي حظّ هو أنّه بقي على حاله.
يطرح السؤال لماذا يميّز كل مرّة «إسرائيل» وحدها من بين كل «أمم العالم»؟ لعلّ ما يؤلمه أن تكون «إسرائيل» آمنة ومزدهرة.
أن يبيعها لعصبة فلسطينية هدفها الوحيد إضعاف «إسرائيل»، وعندها استئناف القتال ضدها عندما تكون مفككة؟ الا يسمع أن زعيم هذه العصبة، أبو مازن، يسمي اليهود «أدناس» وذلك لأنهم يدنسون الحرم عندما يحجون إلى هناك؟ ألا يرى القانون الذي يفرض عقوبة الموت على الفلسطيني الذي يتجرّأ على بيع بيت ليهودي؟ ألم يضف أبو مازن أنه الان سيشدد العقاب على بائعي المنازل لليهود، ولكن كيف يمكن تشديد عقوبة الاعدام؟ «الوضع لا يمكن أن يبقى على حاله». فليتفضل وزير الخارجية الأميركي جون كيري ليشرح لنا لماذا هنا فقط يستخدم هذا التعبير. لماذا يميّز «إسرائيل» واليهود من بين كل الشعوب.