قرع طبول لحرب فاشلة!
يارا بليبل
بحماسة مفرطة تنتظر دول الخليج العربي و «إسرائيل»، في الثاني عشر من الشهر الحالي قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لناحية الاستمرار بفرض العقوبات الأميركية على إيران من عدمه. وما يعكسه القرار من نيّة لدى البيت الأبيض في التصعيد أو الاكتفاء بحجم الخسارة التي مُني بها هو وحلفاؤه في المنطقة.
في جوٍّ يشي بأرجحية خيار التصعيد، نسبةً لما تشهده المنطقة من متوالية أحداث وتصريحات تعبّر ولو مجازاً عن سخونة سياسية إزاء إيران، يقابلها سعي أميركي للتبريد والتهدئة والتفاهم على جبهات أخرى شكلت تاريخياً ركيزةً للصراع.
تبرز المصالحة بين الكوريتين في سُلّم المبادرات المفاجئة والمهادنة في آن، والتي مهدت بدورها للقاء مرتقب بين الرئيس الأميركي ونظيره الكوري الشمالي، بالإضافة إلى مواقف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بطابعها التطبيعي المُقرّ بـ «حق «إسرائيل» بالوجود» والداعي للتفاوض بين الجانبين المتنازعين، دون التغافل عن حالة الصمت العربي لجهة الحكومات بُعيد إعلان القدس «عاصمة لـ »إسرائيل»».
على المقلب الآخر، يبدو الإسرائيلي في موقع وسطي يتيح له اللعب على وتري الصراع: ففي الوقت الذي يُرتقب الردّ الإيراني على ضربة مطار تيفور العسكري واستهدافه عناصر من الحرس الثوري، فإذ بقيادة العدو تتجرأ بخطوة استفزازية واستباقية، على شنّ ضربة لموقع عسكري آخر شمال سورية.
وفي السياق نفسه، شكلت تصريحات بنيامين نتنياهو، حول امتلاك «إسرائيل» لـ 55 ألف وثيقة تثبت أنّ إيران تطور برنامجاً نووياً سرياً، مسرحية جديدة لشد العصب «الترامبي»، ودفعه أكثر نحو المواجهة مع الجمهورية الإسلامية، على شاكلة إجهاض الاتفاق النووي مع إيران بوصفه مولوداً فتيّاً رُسمت له آمال أوروبية بولوج السوق الإيرانية من أبوابها الواسعة.
إنّ ما ذكر غير منفصل، بطبيعة الحال، عن قرار الكنيست الإسرائيلي القاضي بالسّماح لرئيس وزراء العدو، بإعلان الحرب بالتشاور مع وزير الأمن فقط.
رزمةُ هي إذاً من وقائع، تعكس مشهداً واضح المعالم لجهة وجود قرار أميركي بتهدئة مختلف جبهات الصراع، في سبيل التفرّغ للتحشيد على الجبهة الإيرانية، بما ترمز له من نقطة تقاطع بين الحلفاء لجهة خطرها المزعوم.
وهذا ما أكده السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير، بقوله «إنّ الحرب تكاد تنتهي مع الوكلاء في المنطقة، ولكنها يمكن أن تبدأ مع الأصلاء».
إزاء فرضية الحرب المطروحة، تظهر معوّقات تستدعي الوقوف عندها:
أولاً، الموقف الروسي من خطوة إسرائيلية مشابهة، في حال حصلت، ستكون بمباركة أميركية كخطوة تجرّها خطوات.
ثانياً، القواعد العسكرية الروسية في حميميم وطرطوس، مرفقاً بسيناريو تصدّيها للاعتداء على القوات الإيرانية في الميدان السوري.
ثالثاً، جبهة الجولان السوري المحتلّ وما تشكله من خطر على الأمن الداخلي الإسرائيلي في حال اشتعالها.
أمام ما تمّ طرحه، نعتقد بصعوبة سلوك ترامب مسار تفجيري مماثل، غير آخذين بعين الاعتبار وعيه السّياسي بالتأكيد، إنما خوض غمار تجربة حبلى بالثغرات القاتلة والمهددة بصراع طويل الأمد مع روسيا في شرق ممزق.