جندي سوري يمنح ابنه اسم رفيقه الشهيد

تحت أزيز الرصاص وعلى وقع أصوات القصف المدفعي وهدير المقاتلات الحربية على جبهة الحجر الأسود جنوب العاصمة يخبر الجندي في الجيش السوري حسن شدود دون تمهيد أنه أصبح أباً قبل 24 يوماً وينتظر الحصول على إجازة لرؤية ولده البكر.

متنقلاً على جبهات مخيم اليرموك والقدم والحجر الأسود قضى الجندي الأب خمس سنوات منذ أن التحق بصفوف الجيش العربي السوري، وما زال يمتلك العزيمة والتصميم والإرادة للقتال. يقول وهو يمتشق بندقيته: «الجبهة محتدمة.. سنبقى في أرض المعركة حتى نحرّر البلد ونرتاح من الإرهابيين».

بفرح أربكه يتحدّث الجندي حسن 28 عاماً ونحن نتجاوز الخط الأمامي، حيث يخوض الجنود معركة شرسة مع إرهابيي «داعش» كيف تلقى نبأ قدوم طفله الأول «اتصل الوالد وخبرني إجاك ولد.. وحتى الآن ما شفت ابني إن شاء الله أراه قريباً بعد تحرير الحجر الأسود».

يتابع مبتسماً: «أرسلوا لي صورته على الموبايل.. لما شفتها انتابني شعور حلو وجميل فرحت وبكيت».

أربعة أشهر مرّت على آخر مرة رأى حسن أسرته وخلال زواجه قبل سنة حصل على أربع إجازات فقط. كل مرة 72 ساعة. يقول: «واجبنا نحمي البلد ونرجع سورية أحسن من أول». يتابع كلامه ونحن ننتقل من شارع إلى آخر وسط كتل من الأبنية المهشمة نتيجة أنفاق حفرها الإرهابيون «عندما أجلس وحدي وخلال ساعات الهدوء عالجبهة أشعر بحب يملأ جوارحي.. شعور الأبوة.. يدفعني بقوة للمغادرة بأي لحظة لرؤية ابني.. لكن أعود وأقول لنفسي بكرا تنتهي الحرب وبيجي الفرج وبنزل إجازة».

وفيما إذا كانت زوجته تضايقت، لأنه لم يكن إلى جانبها عند ولادة طفلهما «أكيد» يرد ضاحكاً: «قالت لي إنها تمنّت تشوفني أول لحظة تفتح عيونها».

وحول الطريقة التي أرضاها بها قال: «بكلمتين قلتلا المهم كون بخير».

وإذا ما كان ينتابه شعور بالخوف أن يستشهد على الجبهة قبل أن يرى صغيره يجيب «انتابني هذا الشعور حتى قبل ولادته عند اشتداد المعركة بمنطقة القدم.. اتصلت بالوالد وقلت له إذا استشهدت سمِّي الولد على اسمي.. هذا الشعور موجود.. حياتنا عالجبهة واقفة على حركة صغيرة». يتابع بصوت دافئ «بعد ما اجا الولد خوفي صار أكتر على حياتي.. أكيد كرمال يعيش ابني بسعادة وما يربى يتيم».

ويضيف الجندي المشدود الجسم وقد اعتمر قبعة عسكرية بلون عينيه الخضراوين على بشرة زادت سمرة أن أول قصة سيرويها لطفله عندما يأخذه بين ذراعيه في أول إجازة بعد ولادته ستكون عن رفاقه بالجبهة، متأملا عندما يكبر أن يكون طفله جندياً بالجيش العربي السوري. ثم يستدرك «توقعت بعد ما عشت الحرب لن تشجّعه على ذلك»، ليجيب بصيغة حازمة: «كلنا .. أبي وأنا وابني.. الوطن يحتاجنا.. الله عم يختبر مدى صبرنا وقوة إيماننا.. الربّ حامينا على الجبهة أو بعيداً عنها».

«سميته آدم» يقولها كمن أدرك أنه نسي شيئاً مهماً فاته أن يدلي به، بينما كنا على وشك مغادرة أطراف الحجر الأسود. لماذا آدم؟ سئل فيجيب: «على اسم صديق استشهد أول المعركة.. عرفته لثلاثة أشهر.. كانت كافية لولادة صداقة عميقة بيننا. كان شديد اللطف والاحترام.

بينما كان أحد الضباط يستعجلنا لمغادرة المكان يرفع الجندي الأب يده ملوحاً لنا مع ابتسامة قبل أن يقول: «إنه ليس الحفيد الأول لأبي.. نحن أربعة أخوة.. جميعنا في الجيش وأنا أصغرهم وآخر من تزوّج».

سانا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى