من دفاتر الذكريات

من دفاتر الذكريات

ما زلت حتى الآن أذكر منظر دودة القزّ، وبوضوح أرى الغرف الترابية المليئة بأعداد هائلة من الدود الذي يتغذّى على أوراق شجر التوت التي كنت أساعد في تجميعه. ورغم خوفي الشديد ولكنّي أراقب كيف تتحوّل تلك الدودات إلى شرانق لتتحوّل في ما بعد إلى خيوط حرير. وكنت أظن أن الفراشة المختبئة هناك هي من تقوم بغزل خيوط الحرير النوال أو المغزال. كان أعجوبة بالنسبة إليّ وأنا أرى تلك الشرانق التي يتمّ تغطيسها بالماء الساخن تتحوّل إلى كرات جميلة من حرير ناعم. وتصبح الأعجوبة أكبر وأنا أرى تلك الخيوط تتحوّل إلى مناديل جميلة تنسجها أمهاتنا بأيديهن. وكبرت وعلمت أنه لكي ألبس الحرير فيجب أن أنسى أمر الفراشة. وكبرت وعلمت أنّ بعض التضحيات تحمل في طيّاتها مكاسب أكبر. واليوم أعلم أكثر أنّ كل تضحياتنا تبدو سخيفة أمام من يُضحّي بنفسه لكي يبقى لنا وطن.

وفاء حسن

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى