رئيس الجمهورية: استحقاقات كثيرة تنتظر المؤسسات اللبنانية
لفت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى استحقاقات كثيرة تنتظر الدولة اللبنانية بمؤسساتها كافة، بما فيها مجلس النواب الجديد لتحقيق الانطلاقة التي ينتظرها اللبنانيون في مجالات تحديث الإدارة وتأليلها وتأمين الكهرباء وإنشاء السدود، وتطوير البنى التحتية فضلاً عن الانتقال بالاقتصاد من الريعية إلى الإنتاجية.
وجدّد تأكيد موقفه بالنسبة إلى عودة النازحين السوريين إلى المناطق السورية الآمنة، مستغرباً موقف بعض الجهات التي تعرقل هذه العودة أو لا تشجّع على تحقيقها، رافضاً انتظار تحقيق الحل السياسي لإعادة النازحين السوريين إلى وطنهم. وشرح رئيس الجمهورية التحديات التي يواجهها لبنان مع وجود مليون و850 الف نازح على اراضيه وفق ارقام 2015، وكشف انه فيما تحدثت اللجنة الدولية المكلفة توزيع المساعدات على مليون نازح، فإن اعداداً من النازحين دخلوا لبنان منذ العام 2015 من دون ان يتم تسجيلهم فيها، الا انهم سجلوا في لوائح الدولة اللبنانية. وقال إن هذا الرقم يشكل ما نسبته 50 من الشعب اللبناني.
وإذ اعتبر أن استضافة العدد الكبير من النازحين التي يصعب على الدول المتطورة تحملها باتت تشكل عبئاً على لبنان كما على اقتصاده وأمنه وقدرة التوظيف لديه، لفت إلى مواصلة المجتمع الدولي تمسكه بعدم عودتهم إلى بلادهم، رغم أن مساحة كبيرة منها تعادل عشر مرات مساحة الأراضي اللبنانية باتت آمنة وربطه الأمر بالحل السياسي، معدداً بعض القضايا التي لم يتم التوصل حتى الآن إلى الحل السياسي لها، وبينها القضيتان القبرصية والفلسطينية.
وقال رئيس الجمهورية إن لبنان يخشى من أن تكون التدابير التي يقترحها المجتمع الدولي عليه لجهة إفساح المجال امام عمل الفلسطينيين انطلاقاً من عدم وجود أي حل للقضية الفلسطينية، مقدمة للتوطين فيه وهو الذي لم يعد في مقدوره ان يتحمل الكثافة السكانية الوطنية، ما يدفعه الى طلب المساعدة الدولية كي لا ينهار اقتصادياً واجتماعياً او يتعرض للتغيير الديموغرافي.
مواقف عون جاءت خلال استقباله في قصر بعبدا وفد الكلية الملكية للدراسات الدفاعية في بريطانيا برئاسة الجنرال غريغ لورنس Craig Lawrence ، بحضور السفير البريطاني في بيروت هوغو شورتر.
وتناول رئيس الجمهورية إجراء الانتخابات النيابية في لبنان اخيراً وفق القانون الجديد القائم على اساس النسبية، فاوضح ان اللوائح المغلقة التي اقترع لها الناخبون مثلت الخط السياسي للأحزاب، فيما حدّد الصوت التفضيلي ترتيب المرشحين ضمنها ما سمح بتمثيل الأكثريات والأقليات على حد سواء، أي تمثيل كل الشعب اللبناني، ما يتيح تالياً بحث كل المشاكل داخل مجلس النواب.
وقال الرئيس عون إن تشكيل المجلس النيابي على هذا النحو يؤمن التوازن الصحيح بين الأكثرية والأقلية، وكذلك بين الطوائف، لافتاً الى انه بموجب القانون السابق كان يتمّ تشكيل حكومات اتحاد وطني فيما يمكن بموجب القانون الجديد أن تتشكل حكومة أكثرية وبقاء المعارضة خارجها إذا رغبت.
وشكر عون بريطانيا على المساعدة العسكرية التي تقدّمها للجيش اللبناني والتي كان لها الأثر الفعال في مساعدته على تطهير الاراضي اللبنانية من الإرهابيين، وامل ان تلتزم بريطانيا التجديد والدعم للقوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل» والمساعدة في عدم تقليص موازنتها، نظراً لما تقوم به من حفظ السلام بين لبنان و«إسرائيل»، لافتاً في هذا السياق الى ما يتم تداوله من معلومات عن السعي لخفض عديدها وموازنتها.
وطمأن عون المجتمع الدولي الى تقيّد لبنان بنص القرار 1701 مشدداً في المقابل على رفض اي اعتداء اسرائيلي على أراضيه ومذكراً بالخروق الاسرائيلية الكثيرة التي تحصل للأجواء اللبنانية، لاسيما خلال شنّ اعتداءات على سورية.
وسئل الرئيس عون عن دور لبنان في تحقيق السلام في سورية بعيدًا عن كل التضحيات التي بذلها حتى الآن في استضافته للنازحين، فأشار الى ان لبنان كدولة مجاورة لسورية، تمكّن من منع دخول العديد من الإرهابيين اليها عبر حدوده، كما استطاع أن يمنع القوى الإرهابية من البقاء فيه والتمدّد نحو الداخل لضمان مقرّ آمن لها. وهنا كان دور القوى الأمنية اللبنانية في وضع حد لهؤلاء الارهابيين وللقوى المتقاتلة التي احتلت جزءاً من الاراضي اللبنانية على الحدود الشمالية الشرقية وأُجبرت على وقف القتال والرضوخ للحل.
ورداً على سؤال عن التحدّي الأول الذي سيواجه في تعامله مع البرلمان الجديد بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، أشار رئيس الجمهورية الى أنه قد مرّ على آخر انتخابات نيابية أجريت في لبنان تسع سنوات، ومن المؤكد أن لبنان في هذه الفترة ورث الكثير من المشاكل الاقتصادية التي تفاقمت مع المشاكل الأمنية التي حصلت في تلك الفترة بسبب الحرب في سورية، فأصبح لديه الكثير من الاولويات، وبدأت الدولة اللبنانية اولاً بتأمين الاستقرار الامني باعتبار أن ذلك يشكل الارضية الوحيدة التي تسمح بإعمار البلد وعدم لجوء اللبنانيين الى الخارج. كما لجأ لبنان الى تحديث الإدارة عبر تعيين اشخاص يتمكن من خلالهم من إجراء الاصلاحات الممكنة وتحقيق الانطلاقة الجديدة لمؤسسات الدولة. وتحدّث عون في هذا المجال عن مشروع تأليل المؤسسات والإدارات، لافتاً من جهة ثانية الى النقص الذي يعاني منه لبنان في قطاع الطاقة، مشيراً ايضاً الى المشاريع والجهود التي يبذلها لبنان لتأمين المياه عبر إعمار السدود وإعادة تشغيل تلك التي توقف العمل بها منذ فترة، إضافة الى مشاريع تطوير وتوسيع شبكة الطرقات في ظل ارتفاع نسبة السيارات في لبنان الذي يسعى الى تحويل نظام اقتصاده من الريعي الى المنتج، بعدما كلّفه هذا الاقتصاد الكثير من الديون وهو يفتقر الى القدرة المالية التي تمكنه من تنفيذ كل هذه المشاريع، ولذلك عقدت الدول الصديقة مؤتمر «سيدر» في فرنسا وتمكّنت من تأمين قروض للبنان بقيمة 11 مليار دولار لمساعدته على الشروع بمسيرة النهوض.
وكان شورتر لفت إلى أن الكلية الملكية للدراسات الدفاعية تشكل جزءاً لا يتجزأ من كلية الدفاع في المملكة المتحدة.
ثم تحدث الجنرال لورانس موضحاً أن الوفد يضم أعضاء من عشر دول وأن الكلية تعنى بدراسة العلاقات الدولية. وقال: «لهذا السبب أنه لامتياز كبير أن نزور لبنان الذي يتمتع بسمعة حسنة وسجل رقماً قياسياً باستضافته العدد الكبير من النازحين السوريين ومواجهة التحديات المرتبطة بهم».
واستقبل عون سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد التي اوضحت انها هنأت رئيس الجمهورية بإنجاز الانتخابات النيابية في أجواء هادئة، وجددت دعم بلادها للبنان في المجالات كافة.