ترامب يسلب عاصمة فلسطين بـ«حق» القوة!

محمد ح. الحاج

وعد ترامب يكمل وعد بلفور، ووضع يده على القدس استكمال لاتفاقية سايكس بيكو، الظروف ذاتها والإجراءات ذاتها يتحكم بها حق القوة ووهن وتواطؤ عربي بلا حدود وقد تركوا أبناء فلسطين لمصيرهم، وحدها الشام لم تزل على العهد ولهذا السبب يستمرّ الهجوم على قيادتها وشعبها وجيشها، المؤسف أنّ بعض الفلسطينيين ما زالوا يرتبطون بالأنظمة العربية التي تضمر لهم الشرّ وتوظف بعضهم في محاربة الشام.

عملية «الربيع العربي» المشبوه هي ذاتها مشروع «الشرق الأوسط الجديد»… أيّ الشرق الأوسط الممزق، المشتعل، السابح أغلب كياناته بأنهر من الدماء، الخانع أغلبها وقد أضحت الخيانة وجهة نظر، المرعب هو تفسير الكتاب الديني على غير حقيقته وتوظيف هذا التفسير لخدمة الأغراض المشبوهة، أما المفتون ومدّعو الإمامة في الأمة فهم طوع بنان الحكام الذين فرضتهم الماسونية العالمية حكومة الظلّ وهكذا يحمّلون الدين مسؤولية أعمالهم وكأنهم يعودون إلى إيمان بعد كفر، أو معرفة بعد جهل – هذا هو الدين. يقولون للشعب وما على القطيع إلا طأطأة الرؤوس وترديد… ماع.

لا أعتقد أنّ افتتاح السفارة لدولة ما تقضي بوجود رئيس الدولة، أو أنّ الموضوع لا يستحق أكثر من خبر في وسائل الإعلام، لكنه ترامب، رئيس الدولة العظمى التي ترتكب أعظم سرقة في التاريخ، سرقة عاصمة بكاملها ومنحها لكيان جرى تصنيعه وفرضه على المنطقة، وبما أنها لصوصية موصوفة يحرص قائد الدولة السارقة على الحضور شخصياً إذ أنه مطالب بالحضور لإعطاء العملية نوع من «الشرعية هي شرعية حق القوة الغاشمة»، عملية استضعاف شعب تخلى عنه أهله الذين يتمسك بهم ويصرخ واإسلاماه، واعروبتاه، لكن من يستنجد بهم منغمسون في أفراح سرية معتبرين العملية فصل الختام في رحلة تكاذب دامت عقوداً طويلة وهم يتاجرون بها، ملتزمين باستكمال وحماية المشروع من تحت الطاولة وقد نجحوا في حمايته ورعايته حتى الآن بحيث نما وكبر وامتلك القوة التي يتذرّعون بعدم القدرة على مواجهتها وقد فضحهم المرحوم صدام حسين في حينه.

عملية ترويض الشعب الفلسطيني تجري بأيد عربية وتخطيط خارجي بحيث يبدأ التنفيذ حصاراً وحرماناً أو رشى للقضاء على أية فرصة لامتلاك القوة، يحصل العقاب الجماعي فيوقف تمويل هيئة تشغيل ورعاية شؤون اللاجئين من قبل الدول المانحة، ومنها عربية، كما يتمّ حجب المساعدات عن سلطة الحكم الذاتي التي بطبيعة الحال لا سلطة لها على الأرض ولا يمكنها إصدار ترخيص ببناء مأوى لأيّ من العائلات المشرّدة، بل إنّ سلطة الاحتلال يمكنها هدم أيّ منزل لمواطن رمى حجراً أو أدين بطعن جندي، هذا بعد أن يتمّ قتله ويكون الهدم عقاباً جماعياً لعائلته وإنذاراً للآخرين فلا يقدمون على فعل مقاوم.

لم يصدر ترامب قراره إلا بعد تأكده من دعم الكثير من الحكومات العربية وعلى رأسها السعودية صاحبة مشاريع التنازل المتسلسلة والتي قذف بها قادة الكيان إلى سلة المهملات، ولأنّ لهؤلاء القادة خطتهم في السكوت واستهلاك الزمن لم يحدّدوا توقيتاً لسحب المشروع، بل تركوا ذلك للظروف من أجل إلهاء الجميع بطبخة بحص وهم يتواصلون مع الصهيوني وربما وفروا له الكثير من الدعم المالي عبر الصناديق الأميركية لتنفيذ مشاريع البناء وتوسيع المستوطنات وتهويد الأرض التي لم يبق منها بيد الشعب الفلسطيني أكثر من عشرين بالمائة متناثرة متباعدة تحيط بها الجدران الاسمنتية وتقطعها الطرق الالتفافية بحيث لا يمكن أن تشكل وحدة جغرافية متصلة يمكن إقامة إمارة عليها لمحمود عباس وسلطته، وهكذا يمكن للسعودية ومن معها القول إن لا إمكانية لإقامة دولة… تابعوا المفاوضات مع العدو وهو بالنهاية سيجد لكم الحلول حسب مصلحته وقد يستطيع إقناع الرئيس المصري بمنحكم قطعة تحيط بقطاع غزة من سيناء لاستكمال الترحيل وإقامة دولة فقد سقط مشروع الدولة شرق نهر الأردن بالفيتو البريطاني.

الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة بتحقيق المشروع الذي باشرته بريطانيا، وقد جاءت الفرصة لاستكماله طبقاً للنظرية الصهيونية المتمثلة بالعلم، لكن العقبة الأكبر هي سورية واستمرار قيادتها بعناد لقتال وإفشال المشروع وهذا يؤرق المخططين في الغرب، أن تستمرّ وتبقى متمسكة بحقوق الفلسطينيين كونهم سوريين ولأنّ فلسطين هي جزء من الأمة السورية ولأنّ القضية الفلسطينية هي قضية سورية في الصميم فإنه لا بدّ من تمزيق وتركيع سورية لهذا كانت الحرب «الربيع العربي» وها قد فشلت وشارفت سورية على النصر، مع ذلك هناك وجود يمكن توظيفه في عمليات المساومة، كما يمكن توظيف الانتشار التركي بموجب اتفاق أستانة الذي ينكر أطرافه منح هذا الحق لتركيا التي تذرّعت بالخوف من قيام كيان كردي، البعض يشير بإصبع الاتهام إلى تنظيمات كردية تواطأت لإيجاد ذريعة للتركي كي يتدخل، والبعض وأنا منهم أقول إنّ اللعبة الأميركية على وتر الحساسية التركية هو من غرّر بالأكراد واستثمر أحلامهم وسيكونون الضحية الأسهل على مذبح المصلحة الصهيو أميركية.

نجح الصهاينة بفضل الدعم الغربي والدولي بشكل عام، ومن خلال صمت وتواطؤ عربي بدأ بعبد العزيز بن سعود، حتى اللحظة، وأيضاً بسبب توزيع المسؤولية على أطراف عديدة لا علاقة لها بالقضية، من أين لملك المغرب أن يكون رئيساً للجنة القدس، وأن يكون عبد الله البريطاني مسؤول المقدسات، والحقيقة إنْ لم يع الفلسطينيون حقيقة أمرهم، وتجتمع كلمتهم، وربط مسؤولية التحرير بالقرار السوري ودعمه وتصليب الموقف بعودة العمليات والكفاح المسلح وضرب المصالح الغربية وعلى رأسها الأميركية، فإنّ الكيان لن يسقط ولن يهاجر المستوطنون إلا بعد أن يوجه كلّ السلاح باتجاههم ليفقدوا أمناً لا يستطيعون التعايش مع تداعياته، الذين يعلمون أنهم دخلاء على أرض ليست لهم، وأنّ شعبها لن يتنازل عنها بل يستمرّ في قتالهم، سيجدون أنّ الطريق إلى السلامة هو العودة من حيث أتوا.

أيها السوريون من أبناء فلسطين خاصة، عوا قضيتكم على حقيقتها، هل فهمتم ما قاله لكم ابن سلمان؟ اضربوا الأيدي المتاجرة بحقوقكم، اقلبوا الطاولة على رؤوس المتواطئين القابعين بينكم، عندها سيقف معكم ليس أبناء الأمة السورية كاملة فحسب بل وأحرار من دول شتى، وستنتصر قضيتكم بحق تدعمه القوة، وأنتم أيها الخائبون سواء من أبناء الأمة السورية، أو الأعراب الذين أخذت بعقولكم الفتاوى والأكاذيب استعيدوا عقولكم فالعاقبة للعاقلين التائبين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى