ندوة لمعهد الدراسات الدولية في بيروت وجمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية «الصراع الإيراني الأميركي وتداعياته على القضية الفلسطينية»
عبير حمدان
بين أيار النكبة وأيار الانتصار فعل مقاوم وصراع وجود، ولهذا الشهر رمزيته التي تجلت عام 2000 بداية زمن الانتصارات وتحرير جزء من الأرض المحتلة مع الوعد بالتحرير الكامل بعيداً عن بدعة الحدود التي رسمها المستعمر.
هي فلسطين كلها ولا يمكن تجزئتها، رغم كلّ الضجيج الذي أثاره القرار الأميركي الأخير بنقل السفارة إلى القدس، تبقى القضية الأساس هي فلسطين كلّ فلسطين ولا يمكن حصرها بتسمية العاصمة وحسب، ويستمرّ الصراع على امتداد المنطقة بين محورين وحتمية المواجهة التي تهدف إلى تغيير معالم السياسة والجغرافيا كما يفترض بها أن تكون.
«الصراع الإيراني الأميركي وتداعياته على القضية الفلسطينية» هو عنوان الندوة السياسية التي نظمها ودعا إليها كلّ من معهد الدراسات الدولية وجمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية واللقاء الإعلامي العربي المقاوم في مطعم «الساحة» في بيروت وشارك فيها كلّ من: آية الله عباس الكعبي عضو مجلس خبراء القيادة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، اللواء محمد عباس من سورية، الباحث محمد صادق الحسيني، عبد الرحمن جاسم رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية فلسطين ، بحضور المشرف على المعهد محمد أبو أسامة حمية وأعضاء هيئة المعهد وفاعليات ثقافية وحزبية وإعلامية، وقدّمت الندوة وأدارتها الإعلامية غدير مرتضى.
الكعبي: جوهر الصراع بين الحق والباطل
تحدث الشيخ الكعبي عن جوهر الصراع بين العدو الاسرائيلي والجمهورية الإسلامية الإيرانية، مؤكداً أنّ سياسة وعقيدة وتوجه إيران الداعم والمنحاز لقضايا الشعوب الحرة والمستضعفة هو عقيدة ومبدأ منذ انتصار الثورة الإسلامية إلى الآن وستبقى جزءاً لا يتجزأ من جوهر الفكر الثوري عند الإمام الخميني والقائد الخامنئي والالتزام بمبادئ وتعاليم الإسلام في نصرة الشعوب المستضعفة. لافتاً إلى أنّ الصراع هو بين الحق والباطل وبين العدل والظلم، وأنّ أميركا تتخذ من «السلام العالمي» شعاراً وهمياً لتتمادى في سيطرتها على خيرات غيرها من البلدان ومقدراتها ولإيجاد أنظمة خاضعة لسياسته الاستعمارية خدمة لمصالحها.
عباس: حرب على الوعي
في مداخلته تطرق الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء محمد عباس سورية إلى موضوع الساحة السورية وتدخل أميركا في كلّ مرة كانت ترفض فيها إيران ان تكون حديقة خلفية للبيت الأبيض الأميركي فكان الانقلاب على حكومة مصدق عام ١٩٥٣ ثم مواجهة الثورة الخمينية التي أعلنت انتصارها للشعوب المستضعفة ووقفت مع الشعب الفلسطيني وصارت تشكل إعاقة للتمدّد الأميركي للاستيلاء على المنطقة، فوضعت مراكز الدراسات الأميركية، ومنها مركز سابان التابع لمعهد بروكنغز، مقترحاتها أمام متخذ القرار الأميركي لمواجهة ما وصف بالتشويش الإيراني ضدّ المصالح الأميركية ومنها سياسة الخيارات التسعة والتي تضمّ: الإقناع عبر الدبلوماسية والإغراءات ثم الانخراط بنبذ العقوبات وتقديم الحوافز الاقتصادية والسياسية ثم فرض العقوبات الاقتصادية والمالية ثم التهديد بالضربات الجوية والصاروخية والعمليات البرية ثم التهديد بضربات الإسرائيلي ثم تحريك ثورة ملوّنة بالداخل وبعدها دعم تمرّد الحركات الانفصالية للأقليات يليها سياسة الاحتواء والمواجهة وبعدها الانقلاب العسكري لمنع إيران من امتلاك تقنية النانو تكنولوجي او التكنولوجيا النووية وتكريس امتلاك ثقافة التاتو .. التي سيطرت على العقول في المجتمعات التي تحكمها أنظمة متخاذلة وتابعة.
أضاف: هي حرب باردة لكنها ساخنة غير معلنة حاولت ان تهاجم ثقافة دينية إسلامية كانت في خدمة الهوية الوطنية أنتجت انتصار 2006 في الجنوب و 2008 في غزة، وتمّ السعي لإعادة إنتاج ثقافة دينية متطرفة تتصدّى للثقافة الأولى وتحتويها وتنهي وجودها عبر إعادة تشكيل المنطقة وفق كيانات اثنية ودينية وعشائرية متصارعة تبرّر وجود كيان يهودي صهيوني في المنطقة يكون سيداً على كلّ الكانتونات المعزولة والهشة والتي تدين بالولاء والوفاء له.
مع حرف بوصلة العدو لتصبح إيران دولة عدوة و»إسرائيل» كياناً صديقاً باستخدام وثيقة نتنياهو 1996 لتمزيق الجيش العراقي ثم السوري ثم المصري، واستخدم لتحقيق ذلك الحرب على الوعي في إطار حروب الجيل الرابع واستخدام الأسلحة الصامتة لحرب هادئة بهدف تدمير المجتمع من الداخل وفق الأدوات التي استهدفت النيل من الدين والعلم والثقافة وقوة القانون والروابط المجتمعية وعلاقات الإنتاج وتشويه سمعة القضاء والجيش والأمن والحضّ على حشد قوى بديلة تقاتل في سورية وفي إيران وفي كلّ مكان بدلاً عن القوات الأصلية الأميركية أو الإسرائيلية. إلا أنّ الحقيقة سطعت وأدرك الشعب في سورية حجم الخطر والتفّ حول الجيش والقيادة فتشكلت حاضنة وطنية انتصرت على الإرهاب وأسقطت مخطط التقسيم».
الحسيني: حتمية التصادم مع الاستراتيجية الأميركية العامة
ثم كانت كلمة للباحث الإيراني والخبير بالشأن الإقليمي محمد صادق الحسيني حول الاتفاق النووي الإيراني فتطرّق إلى الدور الذي تلعبه إيران في محور المقاومة الصامد منذ إعلان انتصار الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإعلان المواجهة ضدّ العدو «الاسرائيلي».
وأكد انّ من ثوابت إيران دينها واستراتيجيتها والمشاركة الفعلية في تحرير القدس وفلسطين ما يعني التصادم الحتمي مع الاستراتيجية الأميركية العامة.
وأشار إلى أنّ جوهر الصراع كان ولا زال هدفه إسقاط الجمهورية الإسلامية ولا علاقة للنووي لا من قريب ولا من بعيد وكلّ كلام عن تسوية او معادلة رابح – رابح هي سذاجة وسراب تودي بصاحبها الى التهلكة أو جزء من خطة نفوذ وتغلغل لإسقاط القلعة من الداخل .
أضاف: إيران الآن في أتون عملية التغيير السياسي والجغرافي الكبرى في الإقليم وصولاً إلى تحقيق تحوّلات جيو استراتيجية كبرى في العالم تتلخص في:
– إسقاط أميركا في معاركها الأساسية في بلاد العرب والمسلمين العراق وأفغانستان .
– محاصرة أميركا في المتوسط في مقدّمة لإخراجها من احادية السيطرة على البحر.
– إخراج أميركا من غرب آسيا.
– إعادة رسم خريطة العالم من جديد من بوابة فلسطين.
– نقل مركز ثقل العالم من الغرب إلى الشرق.
هذه المعارك كلها مستمرة في زمن واحد وليس في أزمان متتالية بالضرورة…
وهكذا تصبح إيران عملياً دولة مواجهة من دول الطوق ورافعة قوية يمكن الاعتماد عليها في خوض المعارك الكبرى على طريق التحرير… الأمر الذي يعني أنّ الصراع الإيراني الأميركي ذاهب الى مزيد من التصعيد وحتماً الى مواجهات حتمية على اليابسة الفلسطينية كما في البحار المحيطة المتوسط والأحمر والمضائق الكبرى من هرمز الى باب المندب الى جبل طارق».
جاسم: المعركة مع العدو مرتبطة بالاقتصاد والدين
وتحدّث رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية عبد الرحمن جاسم حول نقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية من عاصمة الإحتلال الإسرائيلي الحالية تل أبيب إلى مدينة القدس وتداعياتها.
وشرح جاسم كيف أنَّ المسوّغ القانوني للقيام بذلك هو القضية «زيفاتوفسكي ضدّ كلينتون» التي رفعت في المحاكم الأميركية من قبل مواطن أميركي يحمل الجنسية الصهيونية وكيف تمّ استغلال قرار المحكمة هذا للاستخدام لاحقاً من قبل الرئيس الأميركي الحالي. بعد ذلك فنّد جاسم الأسباب التي جعلت ترامب يقوم بهذه الخطوة وما هي الأسباب خلف هكذا قرار خاتماً بأنّ المعركة بيننا وبين العدو الصهيوني وحليفه الأميركي هي معركة مرتبطة بالإقتصاد والدين قبل أيّ شيء، مشيراً إلى أنّ البعدين السياسي والعسكري يكملان المشهد ولا يخففان من غلوائه.