مشروع عالميّ للترجمة في مكتبة الإسكندريّة «يتفوّق على غوغل»

يعمل فريق عمل في مكتبة الإسكندرية راهناً على مشروع سيكون مفاجأة للعالم أجمع، وهو مشروع للترجمة سوف يتجاوز برامج الترجمة إلى العربية على موقع «غوغل»، بحسب مدير المكتبة اسماعيل سراج الدين. ويتم التحضير لمؤتمر عربي كبير للتصدي فكريّاً وثقافيّاً لفكر التطرف والتشدد، ومن المقرر عقده في كانون الأول المقبل، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي. ويعقد مدير مكتبة الإسكندرية على الشباب المصري آمالاً عريضة في بناء مستقبل مصر ووضعها على قائمة الدول الأكثر تقدماً في العالم، مولياً شبّان المكتبة عناية واهتماماً خاصين، ومصرّاً على أن يتولوا زمام المبادرة والقيادة لتصبح مكتبة الإسكندرية واحدة من أهم المكتبات في العالم.

تعمل المكتبة على العديد من المبادرات والمشاريع التي تشارك فيها على مستوى عالمي، وثمة استراتيجية ورؤية واضحة تلتزم بها وتعمل في إطارها بكل إداراتها، فمكتبة الاسكندرية مفخرة مصرية وعربية لعدة أسباب، أوّلها أنها من المؤسسات المصرية القليلة جداً التي تعترف مثيلتها من المؤسسات العالمية بمكانتها الموازية، وبينها مكتبة الكونغرس الأميركي والمكتبة الفرنسية والمكتبية الصينية والمكتبة البريطانية وسواها. والدليل على ذلك أن مبادرة المكتبة الرقمية العالمية التي تضم 100 مكتبة عالمية من 70 دولة، وتمثل مصر فيها مكتبة الاسكندرية ودار الكتب القومية، اختارت مكتبة الاسكندرية رئيسة للمبادرة العالمية، بمشاركة اليونسكو.

يقول اسماعيل سراج الدين: «أهدتنا المكتبة الفرنسية 500 ألف كتاب، وهذه أكبر هدية كتب في التاريخ من مكتبة لمكتبة، ما جعل من مكتبة الاسكندرية رابع مكتبة فرنكوفونية في العالم خارج فرنسا. وتشارك المكتبة في إدارة المشاريع العالمية الكبرى وبينها موسوعة الحياة والـ»يو.إن.إل» أو الحاسوبيات العربية والمبادرة الرقمية العالمية. هذه المؤسسات العالمية حققت ما حققته عبر عقود من التراكمات حتى نالت ما نالته من اعتراف دولي. في حين أن مكتبة الاسكندرية وصلت بفضل الشباب المصري إلى هذا الاعتراف الدولي والمشاركة في إدارة المشاريع الدولية الكبرى خلال فترة وجيزة من الزمن، وكل العمل مئة في المئة إنجاز عقول مصرية. من المهم أن يكون صوت الذين يؤمنون بحرية التعبير والتعددية والرأي والرأي الآخر مسموعاً، واستضافة مكتبة الإسكندرية لمؤتمر المفكرين العرب للمجابهة الفكرية والثقافية للتطرف كظاهرة اجتماعية يؤكد أهمية دورها في هذا الشأن، فالفكر لا يحارب إلاّ بالفكر، والفعل يواجه بالقوة.

إن شباب الاسكندرية الثائر في 25 كانون الثاني هو من حمى المكتبة وحال دون أن تعرّضها للأذى، ثمة في الفترة الراهنة جماعات وتنظيمات إرهابية، ما يستلزم حذراً وتشديداً أمنيين إضافيين حول المكتبة. لكن إجراءات الحذر والتشدّد لم تحل دون استمرار المكتبة في أنشطتها فقدمت العام الفائت 1143 حدثاً ثقافياً وفكرياً وإبداعياً. وتتوسع المكتبة راهناً في ما يطلق عليه مبادرة سفارات المعرفة، إذ تعرف السفارة في اللغة بأنها بعثة من دولة لتمثيلها في دولة أخرى والدفاع عن مصالحها، ولتسهيل أعمال مواطنيها المقيمين في الدولة المضيفة وشؤونهم، وبالمنطق نفسه فإن سفارات المعرفة يهدف بها تمثيل مكتبة الاسكندرية في باقي المحافظات المصرية فتكون بمثابة مراكز فرعية المكتبة الأم. ويفترض في سفارات المعرفة لمكتبة الإسكندرية أن تجهز بالاتفاق والتنسيق بين مكتبة الإسكندرية والجامعة، أو المركز البحثي أو المحافظة، ويكون موظفو هذه السفارات تابعين وممولين من مكتبة الإسكندرية، وتجهّز مكتبة الإسكندرية هذه السفارات وتمدّها بالمواد العلمية والتكنولوجية والثقافية التي تتيح لها أن تكون مركزاً فرعياً للإشعاع الحضاري والعلمي وإمتداداً لمكتبة الاسكندرية».

يضيف سراج الدين: «إن أوضاع الثقافة في مصر تمر بأزمة شديدة جدا، كذلك في العالم العربي كله، فالعالم العربي مهلهل والعالم الإسلامي محتقن، والأزمات الفكرية والثقافية في كل مكان، ومصر جزء من عالمها العربي والإسلامي، وفكر التطرف والفكر التكفيري والفكر المنغلق له ويا للأسف وجود كبير على الساحة. وتتجلى أزمة مصر في أمور كثيرة، منها ما يمكن أن نسميه بالقوى الناعمة، في الإنجاز الفكري والثقافي والسينمائي والمسرحي والغنائي. كله لم يبق بالوزن نفسه والقوة عينها التي كان عليها في فترة ما، بسبب نقاط ضعف منها ما له علاقة بكيفية مساندة صناعة السينما وكيفية تشجيع المبدعين والفنانين، ومنها ما له علاقة بالترهل الإداري الذي حدث في الفترة الماضية، والسياسة العامة لاحتضان الدولة المنتج الإبداعي الثقافي الفكري، وهذه النقطة مطلوب الاشتغال عليها وهو أمر يشعر جميع المبدعين والمثقفين والمفكرين، فهم يحتاجون إلى المزيد من إتاحة الفرصة والمساندة لضمان عودة القوى الناعمة المصرية كي تحتل مكانتها في العالمين العربي والإسلامي والعالم اليورومتوسطي وفي العالم كل.

إني لا أزايد على وطنية أحد ولا أشكك فيها، لكن إذا كان ثمة نقد أوجهه للمثقفين في مصر عامة فهو من جزءين، الأول هو المغالاة في المحلية، فالتواصل الثقافي في مصر مع ما يحدث في العالم الخارجي محدود جداً. ولم أشعر بأن أحدا في مصر أحس بالحوار العالمي المحتد على أعلى المستويات حول مستقبل الإنترنت، فرئيسة البرازيل أطلقت مبادرة دولية كبرى ودعت إلى مؤتمر عالمي لكي تقدم وجهة نظرها، وتبنت أنجيلا ميركل مبادرة أوروبية. كنت عضواً في مبادرة دولية تضمّ أربعين 40 عالما للنظر في مستقبل الإنترنت وكتبت مقالاً نشر في الصحف الغربية. ثمة مبادرات من أميركا والصين وروسيا، والعالم كله يتحرك في هذا الصدد، وعقد أكثر من مؤتمر في السويد واسطنبول وألمانيا. هذه التحركات والحوارات حول مستقبل الإنترنت وحوكمته ومسؤوليته وقراره ومصير المؤسسات الموجودة والمؤسسات المستقبلية، هي موضوع حوار ضخم يشارك رؤساء دول كبرى ولا أحد يشعر به في مصر! نظّمنا المكتبة أربعة مؤتمرات ضمت كبار المسؤولين في مصر حول ارتفاع سطح البحر، وهي قضية مهمة جداً ولا أحد يتحدث عنها في مصر، علماً أن مصر من أكثر أربع دول متضرّرة في العالم، فالدلتا لدينا منخفض جداً والانحدار ضعيف، فأي ارتفاع في مستوى سطح البحر يؤدي إلى فيضان المياه المالحة على الأراضي الزراعية وإغراقها. يجب أن نفكر في الثقافة العلمية باعتبارها منهجاً علمياً وطريقة للتعامل مع الواقع ورؤية للمعلومة وفهماً لمنهج يطبق وتعاملاً لرؤية شخص للحقيقة والمجتمع. هذه الثقافة تنقصنا تماماً، رغم كونها جزءاً رئيسياً من ثقافة القرن الحادي والعشرين، وهي غالباً ما تدور بين ثلاث وزارات، التعليم العالي والبحث العلمي والثقافة، فالتعليم العالي يلقي بالمسؤولية على البحث العلمي، والبحث العلمي يلقيها على الثقافة، وهكذا دواليك».

يردف مدير مكتبة الإسكندرية قائلاً: «تعمل مجموعات كبيرة من اللجان راهناً على وضع رؤية استراتيجية لمستقبل مصر، وتضم نخباً من مختلف التخصصات تعكف على توثيق رؤية لمصر 2030 بحيث تدرج الخطوات الآنية في اتجاهنا نحو الرؤية المستقبلية. إن التطور الذي سيجري في مصر في السنوات القادمة سيكون مذهلاً. لدي ثقة بلا حدود في الشباب المصري. قلت هذا الكلام سابقاً وسأقوله دوما. تجربة مكتبة الاسكندرية تؤكد ذلك بصورة واضحة، فهذا الاعتراف العالمي بها وبمكانتها يتمّ بفضل ما أنجزه شبّانها الذين تخرجوا في الجامعات المصريّة التي ننتقدها ونتهم شبّانها باللامبالاة. الشباب المصري ليس أقل من الشباب الكوري الذي صنع «سامسونغ» والشباب الأميركي الذي صنع «آى فون»، لكن النظام الاداري عندنا سيئ جداً، أي يجب تنظيم المؤسسات الحكومية كلّها، فمعاييرها مختلة وتحتاج إلى ضبط وربط. شاب متميز وقادر على العطاء لِمَ لا يصبح مديرا؟ إن معيار الأقدمية غاية في السوء».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى