مادورو رئيساً لفنزويلا مجدداً ويمدّ يده للحوار مع المعارضة
فاز الرئيس الفنزويليّ نيكولاس مادورو بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي جرت أول أمس بحصوله على قرابة ثمانية وستين في المئة من الأصوات. لكن منافسه الرئيسي هنري فالكون طعن في شرعيتها وطالب بإعادتها.
وأكد المجلس الوطني للانتخابات «أنّ نسبة الإقبال على التصويت تجاوزت 46 في المئة».
وقال المجلس «إنّ نسبة الإقبال على التصويت بلغت 46.1 ، وهو ما يقلّ كثيراً عن إقبال بلغت نسبته 80 في آخر انتخابات رئاسية ويرجع ذلك إلى مقاطعة المعارضة».
وقالت رئيسة المجلس تيبيساي لوسينا «إنه استناداً إلى نتائج فرز 90 من الأصوات فقد حصل مادورو على 67.7 من الأصوات، متقدماً بفارق شاسع على منافسه الرئيسي هنري فالكون الذي حصل على 21.2 من الأصوات».
فيما أشاد مادورو بفوزه ووصفه بأنه «انتصار على الإمبريالية». وأكد أنّ «فنزويلا هي ضمان الاستقرار الاجتماعيّ والسياسيّ في أميركا اللاتينية وأنّ أيّ محاولة لزعزعة استقرارها خطيئة». كما شدّد على «ضرورة حلّ الخلافات بطريقة سيادية وبسلام»، مؤكداً أنه «سيركّز على حلّ المشاكل الاقتصادية في البلاد».
الرئيس مادورو وفي خطاب الفوز أمام أنصاره «مدّ يده إلى قادة المعارضة» ودعاهم إلى «التحاور على نحو ديمقراطيّ لحلّ مشاكل البلاد».
واحتفل آلاف من أنصار مادورو خارج القصر الرئاسي لدى إعلان النتائج، في مشاهد احتفالية امتدت إلى ما بعد منتصف الليل في وسط العاصمة كراكاس.
وقال مادورو للجماهير المحتشدة «الثورة هنا لتبقى»، وتعهّد بأن «يكون التعافي الاقتصادي أولوية» بعد خمس سنوات من الركود في الدولة التي يقطنها 30 مليون نسمة.
وتمتد ولاية مادورو الرئاسية الثانية من 2019 حتى 2025.
لكن فالكون المنافس الأبرز للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رفض «الاعتراف بالانتخابات الرئاسية» التي جرت أول أمس وتنافس فيها مع الرئيس مادورو المنتهية ولايته، مؤكداً أنها «تفتقر إلى الشرعية» وطالباً بـ «إعادتها قبل نهاية العام الحالي».
وقال فالكون خلال مؤتمر صحافي: «لا نعترف بهذه العملية الانتخابية. بالنسبة لنا لم تجر انتخابات. يجب تنظيم انتخابات جديدة في فنزويلا»، وزعم أنّ «الحكومة ضغطت على الناخبين».
واقترح «إجراء انتخابات رئاسية جديدة في تشرين الثاني أو كانون الأول المقبلين»، وهو الموعد الذي تجري فيه عادة الانتخابات في هذا البلد.
من جهته، قال وزير الإعلام الفنزويلي «إنّ بلاده سجلّت رقماً تاريخياً بتنظيم 24 عملية انتخابية خلال عقدين بشفافية».
مواقف دولية
على صعيد المواقف الدولية من نتائج الانتخابات الرئاسية الفنزولية، وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برقية تهنئة إلى نيكولاس مادورو، بمناسبة إعادة انتخابه رئيساً لفنزويلا، حسبما أفاد المكتب الإعلامي للكرملين، أمس.
وذكر المكتب «أنّ بوتين أعرب عن ثقته بأن تسهم نشاطات مادورو بمنصبه الرئاسي في تطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وفنزويلا». كما أكد بوتين «استعداد موسكو لمواصلة العمل المشترك بين موسكو وكاراكاس حول نقاط الأجندتين الثنائية والدولية».
وجاء في البيان «أنّ الرئيس الروسي تمنى لنظيره الفنزويلي موفور الصحة والتوفيق في مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية الماثلة أمام بلاده، وكذلك في تعزيز الحوار الوطني لصالح الشعب الفنزويلي أجمعه».
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الروسية، «إنّ الانتخابات الرئاسية في فنزويلا تمّت بنجاح»، معتبرة ذلك «خطوة مهمة في حياة الشعب الفنزويلي».
وأوضح مدير قسم شؤون أميركا اللاتينية في وزارة الخارجية الروسية، ألكسندر شتينين، «أنّ لدى موسكو معلومات مبنية على معطيات رسمية للمجلس الوطني للانتخابات الفنزويلي، تفيد بأن مادورو فاز بثلثي أصوات الناخبين»، مؤكداً أنّ «نتائج الانتخابات هي معيار لا يمكن التراجع عنه».
وأضاف شتينين «أنّ هذه الانتخابات تمثل خطوة مهمة في حياة الشعب الفنزويلي وتمهد الظروف الضرورية لحل المسائل المعقدة التي تواجهها البلاد، وخاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي».
فيما اعتبرت وزارة الخارجية الروسية عدم اعتراف الولايات المتحدة بنتائج الانتخابات الرئاسية في فنزويلا «سابقة خطيرة» ستكون لها «عواقب بعيدة الأمد».
وأعربت الخارجية الروسية في بيان لها، أمس، عن «أسفها لإعلان الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى عدم اعترافها بنتائج الانتخابات مسبقاً»، وأشارت إلى أنّ «هذا الموقف له عواقب خطيرة طويلة الأمد».
وأكدت الخارجية أنّ هذا يشكل «سابقة خطيرة، عندما يتم الربط بين شرعية العملية الانتخابية… وبين الموقف المعلن مسبقاً من قبل دول عدة».
وأضافت: «لا شك في أن الدعوات لعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات هي دعوات لإنشاء فراغ حكومي، ما يهدّد بزعزعة الاستقرار داخل البلاد وما حولها».
كذلك، هنّأ الرئيس البوليفي إيفو موراليس نظيره الفنزويلي على فوزه، وقال في تغريدة له «لقد انتصر الشعب الفنزويلي الشجّاع ذو السيادة مرةً أخرى في مواجهة مؤامرة وتدخّل إمبراطورية أميركا الشَمالية، مؤكداً أن الشعوب الحرّة لا تخضع أبداً».
من جهته، قال رئيس هندوراس السابق مانويل زيلايا على تويتر «إنّ الفنزويليين ردّوا على الهجمات والحصارِ الاقتصادي لأميركا من خلالِ منح ملايين الأصوات لمادورو».
بدورها أكدت طهران، «أنّ الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة تأمل أن تحترم الأطراف الخارجیة نتائج الانتخابات الفنزویلیة، وإختیار الشعب الفنزویلي وأن تدعم عملیة إرساء الاستقرار السیاسي وتعزیز التنمیة الاقتصادیة في هذا البلد».
وهنأ المتحدث باسم الخارجیة بهرام قاسمي، بـ«نجاح واختیار نیكولاس مادورو لولایة رئاسیة ثانیة»، مشيراً إلى أنّ «إجراء الانتخابات والنتیجة المتمخضة عنها وذلك على الرغم من الضغوط الداخلیة والتهدیدات والحظر الأجنبي الراهن، یشكل نجاحاً وفوزاً كبیراً لفنزویلا حكومة وشعباً ولتعزیز سیادة الشعب في هذا البلد».
وأضاف، «إنّ الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، تأمل في أن تحترم الأطراف الخارجیة إختیار الشعب الفنزویلي وأن تدعم عملیة إرساء الإستقرار السیاسي وتعزیز التنمیة الإقتصادیة في هذا البلد».
وجدد المتحدث باسم الخارجیة «مواقف الجمهوریة الإسلامیة المتضامنة مع الحكومة والشعب في فنزویلا»، مؤكداً «استعداد إیران التام لترسیخ مزید من العلاقات الثنائیة وبما یشمل شتى المجالات مع هذا البلد».
فيما وصفت الولايات المتحدة تصويت يوم الأحد بأنه «عار» مهدّدة بـ«فرض عقوبات على قطاع النفط في فنزويلا» والذي يعاني أصلاً من انحفاض الإنتاج وبنية تحتية متهالكة وهجرة أصحاب الخبرة.
في السياق، قال نائب وزير الخارجية الأميركيّ جون سوليفان «إنّ الولايات المتحدة لن تعترف بنتائج انتخابات الرئاسة التي جرت في فنزويلا»، مشدداً على أنها «مجرد خداع ولا قيمة لها».
وأكد سوليفان «أنه ستبحث إجراءات الردّ على انتخابات فنزويلا خلال اجتماع مجموعة العشرين في بوينس أيرس».
بدوره، ذكر نائب الرئيس الأميركي مايك بينس في بيان له أمس، «أنّ انتخابات أول أمس لم تكن نزيهة أو حرة»، وتابع: «لن تبقى الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي أمام انهيار فنزويلا ومعاناة الشجعان».
وطلب بينس من الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الباقي في منصبه لفترة ثانية، حسب نتائج الانتخابات، السماح بـ «إدخال المساعدات الإنسانية إلى داخل البلاد والإصغاء إلى صوت الشعب».
من جانبه، توعّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان آخر بـ «اتخاذ إجراءات اقتصادية ودبلوماسية سريعة دعماً لاستئناف الديمقراطية في فنزويلا»، دون شرح تفاصيل إضافية.
كذلك حذّر الاتحاد الأوروبي ودول كبرى في أميركا اللاتينية سلفاً من أنّ «الأجواء في فنزويلا ليست نزيهة».
في سياق التنديد بالنتائج، أعلن رئيس تشيلي سيباستيان بينيرا، «أنّ بلاده لا تعترف بنتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في فنزويلا أول أمس»، وكتب في صفحته على «تويتر»: «الانتخابات في فنزويلا لا تفي بأدنى المعايير الديمقراطية الحقيقية. فهي ليست انتخابات نزيهة وشرعية، ولا تمثل الإرادة الحرة والسيادية للشعب الفنزويلي. مثل معظم البلدان الديمقراطية، تشيلي لا تعترف بهذه الانتخابات».
وحذت حكومة بنما حذوه وقالت بسرعة «إنها لن تعترف بنتائج الانتخابات»، فيما أرسلت كوبا والسلفادور، «التهنئة» بفوز مادورو.
وشارك في الانتخابات الرئاسية في فنزويلا 4 مرشحين، هم: الرئيس الحالي مادورو، ومنافسه الرئيسي فالكون الذي ترشّح رغم دعوة المعارضة لمقاطعة الانتخابات، والمهندس رينالدو كيهادا، والقس السابق خافيير بيرتوتشي.
وأدلى الفنزويليون بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية الفنزويلية، فيما أدلى الرئيس الفنزويليّ نيكولاس مادورو بصوته في أحد مراكز الاقتراع في كراكاس، حيث تنافس في الانتخابات، إلى جانب الرئيس مادورو مرشّحون من حزب «الأمل للتغيير» والتيار اليساريّ المتطرّف وحزب «التقدّم» المعارض.