عون: لوقف الخطاب الحادّ وتسهيل ولادة الحكومة التحديات أمامنا كبيرة ولا يمكن مواجهتها إلا بوحدتنا
شدّد رئيس الجمهورية ميشال عون على وجوب توقف الخطاب الحاد وعودة لغة العقل، منبّهاً إلى أن التحديات أمامنا كبيرة، داخلياً وخارجياً، ولا يمكننا أن نواجهها إلا بوحدتنا وتضامننا». ودعا الجميع إلى تسهيل تأليف الحكومة العتيدة في أسرع وقت ممكن، والبدء في معركة مكافحة الفساد.
كلام عون جاء خلال إفطار رمضاني جامع أقامه في قصر بعبدا غروب أمس، وحضره رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ووزراء ونوّاب وشخصيات روحية وعسكرية.
وبعد ترحيب بالحضور، قال عون «لسنة خلت وفي إفطار العام الماضي وعدت بإنجاز قانون للانتخابات، ليكون بداية استعادة الثقة، ويحسّن التمثيل الشعبي ويجعله أكثر توازناً أفقياً بين مكوّنات الشعب اللبناني كافة، وعمودياً داخل كل مكوّن بحدّ ذاته.
والوعد قد تحقّق، أقرّ القانون على مبدأ النسبية لأول مرة في تاريخ لبنان، وجرت الانتخابات على أساسه، وأنتجت مجلساً نيابياً جديداً تمثّلت فيه غالبية القوى السياسية وجوه جديدة دخلت إلى المجلس وقوى سياسية تمثّلت للمرة الأولى، فأهلاً بكم جميعاً في مسيرة بناء الوطن والدولة».
وأضاف «لقد راكمت تفاعلات الفترة الأخيرة، والخطاب الانتخابي المتفلّت أحياناً، بعض الأحقاد في النفوس، وساهمت في خلق جوٍ من التوتر والشحن الطائفي والسياسي، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لامس الخطوط الحمر.
إن الخطاب الحادّ يجب أن يتوقف ولغة العقل يجب أن تعود. فالتحديات أمامنا كبيرة، داخلياً وخارجياً، ولا يمكننا أن نواجهها إلا بوحدتنا وتضامننا وبإعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية، فتتقدّم على أي مصلحة أخرى» .
وتابع «صخب التهديدات من حولنا يعلو اليوم، من إيران الى إسرائيل، ومن سورية إلى روسيا والولايات المتحدة، مع ما يرافقه من عقوبات اقتصادية وتهديدات أمنية، تجعل التحسب لكل النتائج أمراً أكثر من ملحّ ومطلوب في لبنان، المحاط بالحرائق ونيات العدو الاسرائيلي المبيتة. لذلك، علينا أن نحكم إغلاق كل الثغرات الممكنة التي يمكن أن تنفذ منها رياح العنف والاضطرابات، وعلى رأسها التشرذم، وتضارب المصالح والرؤى، تجاه ما نريده لوطننا وشعبنا».
وأشار إلى أن «الخطوة التالية بعد أن تشكلت السلطة التشريعية، هي السلطة التنفيذية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تقدر على مجابهة تلك التحديات حكومة يمكنها التعامل مع الوضع الإقليمي والدولي مع المحافظة على الاستقرار الداخلي، حكومة تمضي بالإصلاحات وتضع نصب عينها مكافحة الفساد وتحديث إدارات الدولة، وتسير بخطة اقتصادية تستكمل مسيرة النمو في الوطن ونهضته». وقال «من هنا، الجميع مدعوّ إلى تسهيل تأليف الحكومة العتيدة في أسرع وقت ممكن، فالوضع الضاغط لا يسمح بإضاعة الوقت، ومعايير التأليف معروفة وليس علينا إلا الالتزام بها وتطبيقها».
وأردف «الاستحقاق الأهم الذي ينتظرنا هو الوضع الاقتصادي المتردّي بسبب التراكمات والأزمات المتواصلة لعشرات السنين، أضف إليها تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وحروب الجوار. لذلك باشرنا العمل على وضع خطة اقتصادية تحدّد لنا مكامن الضعف والقوة، وتضع تصوّراً لمعالجة المشاكل القائمة، وهي قد أوشكت على الانتهاء».
واستدرك بالقول «لكن أي خطة اقتصادية، لن يكتب لها النجاح الكامل اذا لم نبادر إلى وضع أسس عملية لحل مشكلة النازحين السوريين المتفاقمة التي تولد أعطاباً في كل مفاصل الاقتصاد اللبناني، إضافة الى انعكاساتها الاجتماعية والأمنية على مجتمعنا، وعلى مستقبل شبابنا».
ورأى أنه «حان الوقت للانكباب الرسمي على وضع خطة حل عملية، تؤدّي إلى الهدف المنشود منها، وهو عودة النازحين الى المناطق الآمنة في بلادهم، وعدم انتظار الحل النهائي للأزمة السورية».
وتابع «بالتوازي علينا أن نبدأ معركة مكافحة الفساد والتي بدونها لن يبنى وطن ولن تقوم دولة ولن ينتعش اقتصاد»، مشيراً إلى أن «أساس الفساد هو في الإدارة، بحيث أصبحت بعض المؤسّسات في الدولة جمهوريات مستقلة في قلب الجمهورية، لا رقابة عليها ولا محاسبة، وتدار وكأنها أملاك خاصة».
وقال «لقد أجمعت كل القوى السياسية على أن القضاء على الفساد ضرورة ملحّة وأولوية، وها هي الانتخابات قد أُنجزت ولا بد من الانصراف الى التطبيق العملي لمكافحة الفساد»، مؤكداً أن «قطع دابر الفساد لن يتحقق بين ليلة وضحاها، ولكنه ممكن إذا توفّرت الإرادة الصادقة والعزم الحازم لمواجهته، وهما متوفّران».
وختم «ومع بداية الشهر الفضيل، عهدٌ علينا، ووعدنا لجميع اللبنانيين، أنه وقبل أن يهلّ هلاله مجدداً في السنة المقبلة ستكون دولتكم قد أنجزت خطوات حاسمة على طريق اجتثاث الفساد من لبنان».