نصرالله: السعودية هي المسؤول الأول عن انتشار الفكر التكفيري وطائرات التحالف لن توقف انتشاره
لفت الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، إلى «أنّ سيطرة التيار التكفيري على مساحات واسعة في بعض البلدان وممارساته تدعونا إلى تحديد طبيعة الأخطار الناتجة من ذلك»، مشيراً إلى «أنّ هذا التيار لا ينسب جرائمه إلى العالم والمفكر أو إلى الجهة التي يتبعها إنما يريد أن ينسب ذلك مباشرة إلى كتاب الله وهذا خطر جداً»، لافتاً إلى «الخطر الذي يشكله التيار التكفيري على الإسلام كدين ومفاهيم وقيم، وفي خطاب هذا التيار هو ينسب نفسه إلى الإسلام، وفي الممارسة تجده عندما يقتل ويذبح يستدلّ بآيات قرآنية وبأحاديث مكذوبة عن الرسول».
وخلال إحياء الليلة الثالثة من مراسم عاشوراء، قال السيد نصرالله: «مع الوقت هذا سيؤدّي إلى تركيز هذا الفهم الخاطئ للإسلام، وما يجري اليوم هو أكبر تشويه للإسلام في التاريخ لأنّ طبيعة الأحداث التي تجري قلّ نظيرها في التاريخ، ونحن في زمن وسائل الاتصال والإعلام التي توصل المشهد إلى كلّ عين في العالم»، معتبراً «أنّ من نتائج هذا الوضع إبعاد غير المسلمين عن الإسلام، لأنه في هذه الطريقة يقدم المسلمين كجماعة متوحشة ومتعطشة للدماء».
ورأى السيد نصرالله «أنّ ما يجري هو تهديد للإسلام كدين وللمجتمعات الإسلامية، ويجب أن لا نكتفي بمعالجة المشاكل بل معالجة أسباب نشوء هذه التيارات والقوى التكفيرية في العالم الإسلامي»، معتبراً «أننا نحتاج اليوم إلى أن نسمّي الأشياء بأسمائها، فمنذ 200 عام نشأ تيار فكري جديد في المنطقة العربية، وقدّر أن تتوفر له قدرات حكومية عملت لتعزيزه ونشر أفكاره، وأنشأت له مدراس وجامعات في كل أنحاء العالم، وأسست له مراكز دراسات وصحف ودور نشر ووسائل إعلام وصولاً إلى الفضائيات، وأنفقت لنشر هذا الفكر مئات مليارات الدولارات»، مشيرا إلى «أنّ هذا الفكر يعتمد على تكفير كل من سواه واستباحة دماء وأموال وأعراض كلّ الذين كفرهم لأبسط سبب».
وسأل السيد نصرالله: «لأدنى سبب يتمّ تكفير المسلمين بأغلبيتهم الساحقة، فلماذا يكفرون الناس والمسلمين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم؟» مشيراً إلى «أنّ هناك منهجاً فكرياً يقول إنه يجب مقاتلة المشركين»، داعياً إلى «عدم أخذ هذه الظاهرة ببساطة». وقال: «إننا نعلم ما هي العمليات الاستشهادية وليس سهلاً أن نجد من يقوم بعمليات استشهادية، وهؤلاء يعتقدون أنّ هذا الطريق يوصلهم إلى الجنة ومن ليس مقتنعاً بهذا الأمر لا يقدم على هذه الأفعال»، موضحاً «أنّ البعد الحقيقي لهذه الظاهرة هو بعد فكري وعقائدي، والمشكلة أنّ الحكم بالكفر له مستلزمات، وهذا الموضوع أعمق من أن يعالج أمنياً وعسكرياً».
وأضاف السيد نصرالله: «من الواجب أن نقول الحق كما هو، عمق هذا الفكر هو الفكر الوهابي، هؤلاء أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، هذه الوهابية التي عمل على نشرها وتمويلها في العالم، وهنا تكمن الخطورة ومن يبحث عن علاج جذري يجب أن يذهب إلى أصل المشكلة».
ورأى السيد نصرالله «أنّ المواجهة يجب أن تكون في الدرجة الأولى ثقافية وفكرية وعلمية، أي أن ندافع عن الإسلام لأنّ هؤلاء ليسوا بمسلمين، وهذه مسؤولية كلّ شاب وشابة كلّ مثقفة ومثقفة وكل شخص لديه معرفة إسلامية وبكلّ ما أوتينا من قوة يجب أن يكون صوتنا أعلى من صوتهم».
وشدّد السيد نصرالله على «أنّ هذا الذي ترونه ليس بإسلام ولا يمت إلى الإسلام بصلة، وهذا الصوت يجب أن يرتفع في المبدأ والتوضيح والشرح»، موضحاً «أنّ التكفيريين يقدمون نموذجاً مشوّهاً للإسلام، واليوم مسؤولية المسلمين كأفراد في العالم أو عائلات أو جاليات وجامعات، تقديم نموذج الإسلام من خلال سلوكهم. كما يجب تقديم النوذج الطبيعي عن الإسلام، الذي لا يقتل ولا يسرق ولا يخون ولا يعتدي على الآخرين، والذي ينفتح على الآخرين، فديننا دين الحوار»، مضيفاً: إنّ السعودية هي المسؤول الأول عن وقف انتشار هذا الفكر، وطائرات التحالف الدولي لن تستطيع وقف انتشاره».
وشدّد السيد نصرالله على أنه «يجب إقفال أبواب المدارس التي تخرج أتباع الفكر الداعشي، وليس صحيحاً أنه في مواجهة هذا التيار يجب اللجوء إلى الأمن والخيار العسكري»، لافتاً إلى «أنّ ديننا لا يبحث عن القتل إنما يبحث عن إنقاذ الناس في الدنيا وإنقاذهم في الآخرة، وهؤلاء التكفيريون سيفاجأون أنهم خسروا الدنيا وسيخسرون الآخرة».
كما شدّد السيد نصرالله على أنه «يجب تحصين المسلمين من هذا الفكر والعمل على استنقاذ من يمكن استنقاذه من أتباع هذا الفكر»، مشيراً إلى «أنّ أمتنا تواجه هذا التحدي والمطلوب اتخاذ الموقف الواضح وأن نصدح بالحق»، مؤكداً أنه «عندما يتطلب منا الموقف أن نفدي بأنفسنا وبدمنا سنفعل».