قانون الضريبة والتظاهرات… توريط الأردن في «صفقة القرن»!

ديانا فاخوري

ما حصل في الأردن من تظاهرات رفضاً لقانون الضريبة الجديدة، يفتح النقاش واسعاً لتحديد الأسباب واستكناه الدوافع. والسؤال، هل ما حصل هو نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي ينوء تحت وطأتها الشعب، أم أنّ الربيع العربي المتأسرل حطّ رحاله في هذا البلد وأصبح الدوار الرابع نسخة أردنية عن ميدان التحرير ؟

الأوضاع الاقتصادية المتردّية في الأردن ليست وليدة اللحظة، وقانون الضريبة الذي أقرّته الحكومة قد لا تكون له مفاعيل كارثية بالمعنى الحقيقي. وهذا ما يطرح علامات استفهام كبيرة، إنْ لجهة توقيت طرح قانون الضرائب أو لجهة الاعتراض عليه في الشارع! هناك مَن يربط قرار الحكومة الأردنية بسياسات صندوق النقد والبنك الدوليين، وهذا ليس أمراً مستبعَداً، خصوصاً أنّ سياسة هاتين المؤسستين الدوليتين ليست منفصلة عن سياسات الولايات المتحدة الأميركية. فهل وقعت الحكومة الأردنية في فخّ إملاءات المؤسّستين الدوليتين؟ وماذا عن الشارع الأردني، هل هو مضبوط على إيقاع رفض قانون الضريبة، أم أنّ هناك مَن يقف خلف هذا التصعيد غير المسبوق ضدّ الحكومة، بما يقود إلى انفلات الشارع وشمول الأردن بعاصفة الربيع العربي ؟ وماذا عن علاقة صفقة القرن لتصفية المسألة الفلسطينية بما يحصل؟ ليس مستبعَداً وقوف الولايات المتحدة الأميركية التي اعترفت بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال الصهيوني، وراء إملاءات المؤسسات الدولية، وليس مستبعَداً وقوف بعض الدول العربية المشتركة في صفقة القرن وراء تصعيد التظاهرات الاحتجاجية، بغية خلق بؤر توتر جديدة في المنطقة، بعدما تمّ القضاء عليها بصورة شبهة كاملة في سورية والعراق. أمام هذا الواقع، لا بدّ من أخذ كلّ الاحتمالات على محمل الجدية، لأنّ العدو الصهيوني هو المستفيد الوحيد من إنهاك وإشغال الأردن وأيّ دولة في العالم العربي. وعلى الأردن أن يخطو باتجاه نزع فتيل التظاهرات بالعودة عن قانون الضريبة، وانتهاج سياسة اقتصادية اجتماعية بمعزل عن وصفات المؤسسات الدولية، بما يضمن الاستقرار الداخلي، وبما لا يورّط الأردن في صفقة القرن. فالأردنيون هم مع حق الفلسطينيين بالتحرير والعودة. هل تحلّ المشكلة باستقالة رئيس الحكومة الأردنية وتعيين آخر بديل؟ فالحلّ المطلوب هو باعتماد سياسات وطنية واضحة وشفافة، تأخذ بعين الاعتبار مصالح الأردن ومواطنيه بعيداً عن أية التزامات دولية، فهل يستطيع رئيس الحكومة المعيّن أن يذهب في هذا الاتجاه؟

وهل يستطيع رئيس الحكومة المكلف تجاوز رهاب التكفير وابتزاز العناوين الليبرالية والمفاهيم النيوليرالية من مفرزات مراكز أبحاث البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة والمجتمع المدني؟…

هل يتجاوز تهويل النعوت والمصطلحات الذرائعية من حقوق الإنسان وحرية التعبير وحرية الصحافة ومحاربة الإرهاب!؟

الأزمة ما فتئت تتفاقم، وبلغت أعلى مراحل توحشها واستذئابها واستغلالها الطبقي أياً كان لبوسه دينياً، طائفياً، مذهبياً، عرقياً… . ومن مظاهر هذا التوحش اغتصاب رأس المال للطبيعة واستنزافها. فمحاربة الفساد الحقيقية لا تتمّ إلا عبر محاربة الرأسمال المتوحش والتحرك الجدي من مجرد التفسير الى التغيير والتحوّل الجدي للمجتمع ككلّ فينتصر الإنسان المجتمع، وتسقط – بالضرورة والمحصلة «صفقة القرن».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى