بعض ميزات الحراك الشعبي الأردني

حميدي العبدالله

تاريخ الأردن تاريخ حراك شعبي متواصل على خلفية قضايا عديدة، بعضها وطني وقومي مثل حراك عام 1966 على إثر الاعتداءات الإسرائيلية على بلدة السموع في الضفة الغربية التي كانت جزءاً لا يتجزأ من المملكة الأردنية الهاشمية حتى الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967، أو قضايا سياسية اجتماعية كما حدث عام 1988 عندما اندلعت انتفاضة قادت إلى إحياء عمل البرلمان الأردني وإجراء انتخابات نيابية بعد توقفها لفترة طويلة، إضافة إلى حراك جزئي، ولا سيما في المحافظات الجنوبية على امتداد عدة سنوات، وتحديداً منذ الاحتلال الأميركي للعراق.

لكن الحراك الراهن يختلف عن الحراك السابق، ويتميّز بمواصفات تنطوي على دلالات إيجابية ليس للأردن وحسب، بل للبلاد العربية برمّتها، إذا أُحسن الاستفادة من دروس هذا الحراك.

واضح أنّ التحرك الحالي بلغ من النضج درجة استفاد من سلبيات التحركات السابقة، لا سيما في الجنوب والحراك الذي اندلع عام 2011، حيث حال دون وقوع أيّ اعتداءات على الممتلكات العامة، وحافظ الحراك على طابعه السلمي، وهذا كان له تأثير كبير في رفع مستوى التعاطف الشعبي معه وانضمام قطاعات لم تعتد المشاركة في مثل هذه الاحتجاجات.

تميّز أيضاً هذا الحراك في أنّ شريحة الشباب كانت هي الطاغية، أيّ أنّ غالبية المشاركين في الحراك هم من الشباب، وإذا كانت أسباب ذلك معروفة لأنّ عبء الأزمة الاقتصادية يقع على كاهلهم، وأنّ نسبة البطالة هي الأعلى في صفوفهم، لكنها كانت من الحالات النادرة التي ميّزت هذا الحراك عن التحركات السابقة.

ميزةٌ ثالثة لهذا الحراك تكمن في أنّ الأحزاب الإسلامية والمتعاطفين معها لم يكن لهم دور في هذا الحراك، أو على الأقلّ لم يتصدّروه، وعكست ملامح وأزياء الشباب الذي ساهموا في هذا الحراك هذا المعطى الجديد، والذي ربما يشكل نقضاً للبيئة التي سادت منذ ثمانينات القرن الماضي، والتي تميّزت بهيمنة الإسلاميين وتحديداً جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات المرتبطة بالقاعدة على أيّ حراك جماهيري.

ميزةٌ رابعة، أنّ الطبقة الوسطى ممثلةً بمجلس النقباء، أيّ نقباء المنظمات المهنية هي التي أطلقت شرارة الحراك الجماهيري الجديد في الأردن، وهذا يعني أنّ الطبقة الوسطى وهي القوة الرئيسية المنظمة في الأردن باتت مصالحها مهدّدة على نحوٍ كبير، وإذا كان للنقابات المهنية دور كبير في كلّ التحركات التي شهدها الأردن على امتداد عقود، إلا أنّ دورها هذه المرة كان الأوضح والأبرز، ويمكن القول إنها الطبقة التي تعمل للإصلاح في الأردن والرهان معقود عليها أكثر من أيّ جهة أخرى في ظلّ غياب الأحزاب السياسية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى